ابتزاز تركي في سوتشي
حميدي العبدالله
واضح أنّ تركيا شاركت في مؤتمر الحوار الوطني السوري لنسف المؤتمر من الداخل بعد أن عجزت عن تعطيله، وهي التي كانت وراء تأجيل انعقاده لمدة تزيد عن الشهرين. محاولات التعطيل التركية التي جاءت في سياق عملية ابتزاز لروسيا واستغلال رغبتها في إنجاح المؤتمر تمثلت في أربعة إجراءات تقف وراءها تركيا، وكان هدف الإجراءات الأربعة نسف المؤتمر.
الإجراء الأول، كان توقيت إطلاق عملية غزو عفرين التي جاءت قبل عشرة أيام فقط من انعقاد المؤتمر، وكان رهان أنقرة على هذه العملية، واحتمال أن تتخذ روسيا موقفاً صلباً ضدّ غزو عفرين يعطيها الذريعة لمقاطعة مؤتمر سوتشي، وبالتالي يتمّ تعطيل المؤتمر، أما إذا لم تقدِم موسكو على ذلك فإنها تخلق شرخاً بين الدولة السورية والأكراد من جهة، وروسيا من جهة أخرى.
الإجراء الثاني، محاولة إرسال قوات عسكرية لترابط في تلة العيس لقطع الطريق على الجيش السوري وحلفائه في استكمال تحرير الريف الجنوبي من محافظة حلب، والحؤول دون توسيع عملية الحسم في محافظة إدلب، وقد كرّرت تركيا المحاولة مرتين، المرة الأولى قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، والمرة الثانية أثناء انعقاد المؤتمر، وفي المرتين ردّ الجيش السوري ومنع القوات التركية من التمركز في تلة العيس.
الإجراء الثالث، استخدام القوات التركية التي تتواجد في جبل الشيخ بركات في قصف منطقة جندريس، ومعروف أنّ انتشار هذه القوات جاء في إطار اتفاق خفض التصعيد الذي تمّ التوصل إليه في أستانة، ولكن تركيا استخدمت هذه القوات لتقوم بعدوان واسع، وبالتالي القيام بعملية التصعيد بدلاً من خفضها، وهذا يتعارض مع مبادئ مناطق خفض التصعيد.
الإجراء الرابع، الإيعاز للمجموعات المرتبطة بتركيا عدم الدخول إلى مؤتمر سوتشي، وهذه المحاولة أخرت انعقاد المؤتمر لمدة تزيد على الساعتين، ولولا المساعي الروسية على أعلى المستويات مع تركيا، لربما تضرر مؤتمر سوتشي تضرّراً أكبر بكثير مما حدث.
الإجراءات الأربعة في توقيتها تعكس أمرين على جانب كبير من الأهمية والخطورة في آن واحد، الأمر الأول، أنّ تركيا ليست شريكاً بنّاء في أيّ مسار يمكن أن يبحث عن حلّ سياسي للأزمة السورية يتجاوز أهداف وطموحات القيادة التركية التي جعلتها أخطر الدول التي ساهمت في إذكاء الحرب الإرهابية على سورية. الأمر الثاني، لا بدّ من موقف حازم من قبل روسيا وإيران في مواجهة خرق تركيا لاتفاقات خفض التصعيد، سواء قيام قواتها بتصعيد الموقف في عفرين من مواقع جبل الشيخ بركات، أو الغزو برمّته الذي يستهدف عفرين، أو تعاون تركيا مع جبهة النصرة، لأنّ الرتل التركي الذي وصل إلى العيس جاء بالتنسيق والتعاون مع جبهة النصرة المصنّفة تنظيماً إرهابياً.