بينغ يريد «مستوى جديداً» من العلاقات التجارية مع بريطانيا وماي تؤكد مواصلة العمل معاً لضمان احترام المعايير الدولية
أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس، لرئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي «أنه يتعيّن على بلديهما أن يرتقيا بالعلاقات التجارية بينهما إلى مستوى جديد»، فيما تسعى لندن لعقد شراكات عالمية جديدة استعداداً لخروجها الشائك من الاتحاد الأوروبي.
ووسط الجدل الدائر في بريطانيا حول بريكست، تسعى ماي لتعزيز العلاقات التجارية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فيما تستعدّ بريطانيا لمغادرة الكتلة الأوروبية العام المقبل.
وخلال الزيارة احتفت رئيسة الوزراء البريطانية وكبار المسؤولين الصينيين بـ «العصر الذهبي» للعلاقات بين البلدين.
لكن الانتقادات في بريطانيا حول إدارتها للسياسة الداخلية وملف بريكست ترخي بثقلها على الزيارة ما حملها على القول قبل وصولها «إنها ليست من النوع الذي يتراجع».
وقالت ماي لشبكة التلفزيون «سي سي تي في» الحكومية «فيما تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي سنتطلع أكثر إلى الخارج ونسعى لتعزيز علاقاتنا في أنحاء العالم، وهذه العلاقة مع الصين هي جزء مهم من ذلك».
وعقدت ماي محادثات مع بينغ في قصر الضيافة الحكومية دياوتاي أمس، بعد زيارة أكاديمية للعلوم الزراعية. وشاركت فيما بعد في مراسم تقليدية لشرب الشاي مع الرئيس الصيني وزوجته بنغ ليوان.
ومن المتوقع أن تناقش ماي «مخاوف بيئية»، كما ستقدّم للرئيس بينغ هدية عبارة عن الجزء الثاني من سلسلة الأفلام الوثائقية «بلو بلانيت» الكوكب الأزرق ، مع رسالة شخصية من المقدّم ديفيد أتنبورو.
وقال بينغ خلال اللقاء «علينا تعزيز براغماتية العلاقات الصينية – البريطانية في العصر الذهبي والدفع بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين إلى مستوى جديد»، بحسب التلفزيون الصيني.
وأضاف «إنه يمكن للجانبين تنمية تعاون للمصلحة المشتركة على نطاق أوسع، على مستوى أعلى وفي مستوى أعمق»، من خلال مبادرة «حزام واحد طريق واحد» التي يعتز بها.
ويهدف مشروع البنية التحتية الضخم إلى إحياء «طريق الحرير» ببناء سكك حديد وخطوط بحرية تربط مختلف دول العالم.
لكن المشروع أثار الاهتمام والقلق لدى العديد من الدول، واعتبر البعض «أنّ الشركات الصينية الحكومية هي التي ستستفيد منه، وبأنّ فيه نفحة من النزعة التوسّعية الصينية».
وكانت ماي رحبت أول أمس بـ»المبادرة»، لكنها شدّدت على أنّ «البلدين سيواصلان العمل معاً لضمان احترام المعايير الدولية».
ورغم المخاوف أعلن بنك ستاندرد تشارتر عن «مذكرة تفاهم يحصل بموجبها البنك البريطاني على 10 مليارات يوان 1.6 مليار دولار من بنك التنمية الصيني الحكومي، لدعم مشاريع طريق الحرير».
فيما أعلنت ماي «أنّ الدولتين ستوقعان اتفاقات تجارية بقيمة تسعة مليارات جنيه استرليني 12.7 مليار دولار خلال الزيارة».
وقالت أول أمس «إنّ البلدين اتفقا على تدابير جديدة لتسهيل الوصول إلى السوق الصينية الضخمة وقاما بتشكيل لجنة خاصة لاستكشاف فرص التجارة».
يذكر أنّ قيمة العجز التجاري لبريطانيا مع العملاق الآسيوي تبلغ 25.4 مليار جنيه استرليني، وفقط 3.1 في المئة من الصادرات البريطانية تذهب إلى الصين، بحسب كبير خبراء الاقتصاد لمنطقة آسيا – المحيط الهادئ لدى مركز «آي اتش اس ماركيت» للخدمات المالية، رجيف بيسواس.
كما هيمنت مسألة بريكست على محادثاتها مع رئيس الحكومة لي كه تشيانغ أول أمس، رغم أنّ نظيرها الصيني طمأنها بأنّ «العصر الذهبي» للعلاقات بينهما لن يتأثر.
في هذا الصّدد، قال مدير قسم الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية سوي هونغ جيان «إنّ الصين بصفتها شريكاً تجارياً واستراتيجياً لكلّ من بريطانيا والاتحاد الأوروبي، فإنها تأمل بالتأكيد بنتيجة جيدة للطرفين بعد بريكست».
وأضاف «إذا كان النتيجة خسارة للجانبين، فإنّ ذلك أيضاً لن يكون مؤاتياً للصين».
وتخشى الصين من أن «يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى إزالة أحد أقطاب التجارة الحرة من الكتلة ويفسح المجال أمام صعود الحمائية» بحسب سوي.
في حين واجهت ماي ضغوطاً لـ»إثارة الوضع السياسي في هونغ كونغ وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين».
إلا أنّ ماي لم تدل بأيّ تصريح علني حول المسألتين خلال زيارتها التي تنتهي في مدينة شنغهاي، عاصمة البلاد الاقتصادية اليوم.
وقبيل زيارتها وجّه كريس باتن الحاكم البريطاني السابق لهونغ كونغ رسالة إلى رئاسة الحكومة البريطانية تقول «إنّ المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، والتي أعادتها لندن إلى بكين في 1997، تواجه تهديدات متزايدة للحريات الأساسية وحقوق الإنسان والحكم الذاتي».