إطلاق معرض الفنّ الإيراني المعاصر في دمشق برعاية وزارة الثقافة السوريّة
رانيا مشوّح
هو الوجه الآخر للمقاومة، وجهٌ جميل خطّته أيادٍ عاثت بالألوان والفرح والخيال المثير. هو إثارة بما تحمله الكلمة من معنى، إثارة للحبّ والسعادة والحلم بخطوط وألوان وريشة تلوح على آفاق الأوراق لتنتج محبة ومستقبلاً وأملاً. هو الطريق الذي يلتقي به أُناس مختلفين باللهجة والثقافة واللون ربّما، لا يجمعهم سوى الإبداع والرقيّ ليحاكوا قلوباً أرهقتها هموم الحياة.
من هنا، وانطلاقاً من مقومات كثيرة جمعت بلدين، رعت وزارة الثقافة السورية بشخص وزير الثقافة محمد الأحمد، ولمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، بالتعاون مع المستشارية الثقافية لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية، و«اتّحاد الفنانين التشكيليّين السوريين»، إطلاق معرض «الفنّ الإيراني المعاصر» لمجموعة من الفنانين الإيرانيين، وذلك في «صالة الشعب» في العاصمة السورية دمشق.
صالحي نيا
افتتح المعرض المستشار الثقافي الإيراني في سورية أبو الفضل صالحي نيا الذي صرّح قائلاً: في عصرنا الحاضر كانت هناك نشاطات للفنانين الإيرانيين قبل الأزمة. كانت هناك معارض وندوات وورش للفنانين الإيرانيين. لكنّ الأزمة سبّبت الانقطاع. وبما أننا تجاوزنا مرحلة الخطر في سورية، أردنا أن نستعيد تلك النشاطات ونأتي بالفنانين من إيران ليعرضوا أعمالهم، كإشارة إلى أنّ الأمور بخير وأن التعاون السوري ـ الإيراني لم ولن ينهزم، سواء كان تعاوناً سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً أو ثقافياً. هناك مجال أوسع للتعاون، والفنّ والثقافة من أهمّ هذه المجالات. وهذا النشاط دليل على تعاوننا وتضامننا في كلّ الجوانب مع سورية .
العر
كما ألقى رئيس «اتّحاد الفنانين التشكيليّين في سورية» إحسان العر كلمة جاء فيها: تشهد «صالة الشعب» معرضاً هامّاً جداً لمجموعة من الفنانين الإيرانيين. والأعمال في غالبيتها لوحات خطّ فارسي. نعلم جميعاً ما هي أهمية الخطّ الفارسي لدى الأخوة الإيرانيين كونه يمثّل الهوية الإيرانية. نرى مجموعة من الأعمال الجميلة جداً لفنانين أحبّوا أن يطرحوا هذه اللوحات الرائعة على الشعب السوري وهي حالة من التآلف والتعاون السوري ـ الإيراني ليس فقط في الأمور السياسية، إنما على الصعيدين الثقافي والفنّي، ما بين الفنّ التشكيلي الإيراني والفنّ التشكيلي السوري.
وأضاف: غداً أو بعد غد، ستكون لدينا ندوة ثقافية حول موضوع هذا المعرض لمجموعة من الفنانين الإيرانيين والسوريين تتحدّث عن خصوصية الفنّ الإيراني لا سيّما الخطّ الإيراني. كما نتطلّع إلى إقامة معارض متبادلة ما بين فنانين سوريين في إيران وفنانين إيرانيين في دمشق، إضافة إلى إقامة ندوات ثقافية، وتمكين العلاقات الثقافية على صعيد الفنّ التشكيلي بين سورية وإيران .
شهيدي
كما تحدّث مساعد المسؤول الثقافي والفنّي في مكتب السيد الخامنئي في إيران وقال: سورية وإيران تلتقيان على أرضية ثقافية مشتركة من حيث اعتمادهما على الفنّ المستمدّ من الدفاع عن الأوطان وحمايتها، خصوصاً أنّ الشعبين السوري والإيراني شعبان مقاومان. أرجو أنّ يتم تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين وأن يتطوّر أكثر في الأيام المقبلة بعد هذا المعرض .
التسفيري
إلى ذلك، أشار الملحق الثقافي الإيراني في سورية محمد هادي التسفيري إلى أهمية إقامة معارض مشتركة بين البلدين، وقال: هذا المعرض هو معرض فنّي يضمّ لوحات من أهمّ خمس فنانين إيرانيين بينهم أساتذة جامعيون ولهم مشاركات عدّة في معارض كثيرة داخلية ودوليّة. اللوحات التي عرضت في مجال الخطّ والرسم والكاريكاتور والغرافيك، وهو عمل مشترك بين وزارة الثقافة السورية والمستشارية الثقافية الإيرانية في سورية .
مصطفى
وفي الإطار عينه، قال رئيس تحرير «المجلة الثقافة الإسلامية» في المستشارية الثقافية الإيرانية في سورية تامر مصطفى: هذا التحالف الأخوي المبنيّ على علاقات متينة ذات أحقية بين البلدين، يجب أن يكون من الجوانب كافّة، وأهمّها الثقافية وكلّ ما يخصّ إطار الفنّ. هذا المعرض يشمل أعمالاً فنّية لعدد من الفنانين الإيرانيين بحيث تمكّنهم من الالتقاء مع الفنانين السوريين والتلاحم بين هذه الشرائح في المجتمع ويؤثّر في الثقافة. العلاقات الثقافية أهم بكثير، فهي تربط المجتمعين بين الشعبين الكريمين المقاومين.
العداي
أمّا رئيس مركز «الإمام المهدي الثقافي» في مدينة السيدة زينب، الشيخ محمود نوّاف العداي، فتحدّث عن أهمية المعرض قائلاً: رؤية الفنانين الإيرانيين وتجسيدهم لها من خلال اللوحات التي تمجّد الشهداء وانتصارات الثورة والرؤية الدينية والخطّ الفارسي، تؤكّد على زيادة انفتاح الشعبين السوري والإيراني على بعضهما من أجل توطيد الرؤية. نحن في خندق مقاومة واحد ويجب أنّ يكون هناك تواصل فكري وثقافي واجتماعي، وإن كان التواصل السياسي موجود. وأؤكد أنّ الإيرانيين مدينون لنا نحن السوريين، من خلال وقفة الشعب السوري قيادة وشعباً وجيشاً إلى جانب هذه الثورة.
شعباني
«البناء» أجرت عدداً من اللقاءات مع الفنانين الإيرانيين الذين تحدّثوا عن أهمية مشاركاتهم، حيث قال الفنان التشكيلي رضا شعباني: أشارك من خلال خمس عشرة لوحة تعتمد على نمط تركيب المواد والاستفادة من الطباعة في هذه الرسومات. غالبية مواضيع اللوحات تعتمد على موضوع المدافعين في الحرب، ومنهم الشهداء الإيرانيون الذين سقطوا على أرض سورية أثناء هذه الحرب .
رجبي
كما قال الفنان الإيراني محمد علي رجبي: الفنّ المعاصر الإيراني هو جزء من الفنون الإسلامية، هذه الفنون تستفيد من الخطّ والخطّ يستفيد من الفنّ التشكيلي، ويعتمد على مشتركات تفهمها غالبية أفراد المجتمع. ثمة أهمية خاصة لهذا المعرض، نحن والشعب السوري لدينا روابط ثقافية مشتركة، والخطّ والتصوير أوجدا علاقة مشتركة بين الشعبين. كما أن الحرب التي شُنّت على سورية عزّزت الروابط المشتركة بين الشعبين السوري والإيراني.
شيركوند
أمّا الفنان حسين شيركوند فتحدّث عن مشاركته ورسالته قائلاً: هذه المرّة الأولى التي أشارك بها في سورية في معرض فنّي. محور لوحاتي القرآن، استفدت من خطّ «النستعليق» في هذه اللوحات. هدفي من المشاركة إيجاد أرضية مشتركة بين الفنانين في البلدين، ونشر فنّ الخطّ الإيراني الذي يعتمد على خطّ «النستعليق». وعبّر الفنانون التشكيليّون السوريون عن أهمية هذا التعاون الفنّي السوري ـ الإيراني حيث قال الفنان التشكيلي رائد خليل لـ«البناء»: نرى أنّ هناك تنوّعاً واضحاً في المعرض بين الخطّ والتشكيل والكاريكاتور، هو عبارة عن حلقات متواصلة، نحن لا نستطيع أن نتحدث عن حلقة من حلقات الفنّ دون الأخرى. فهناك تكامل واضح وجميل. الفنّ الإيراني متقدّم من خلال اطّلاعي على التجارب، ونقدي الفنّ وقراءتي الفنّ الإيراني وعلاقتي مع الفنانين الإيرانيين، نجد أن الفنانين دائماً يمتلكون ثورة داخلية، داخل كلّ فنان لفتح الأبواب المغلقة. هناك مقولة تقول إنّ الفنّ هو ثورة حقيقية على كلّ الظلم والسواد الموجوديَن في حياتنا. لذا، فهم يحاولون دائماً صبغ السماء بألوان قوس قزح الجميلة. والفنّ دائماً يدخلك في هذه المسارات والحالات الجميلة جداً، وهذا التنوّع يؤكّد ما أقوله.
وأضاف: المستشارية الإيرانية عبر سنوات قدّمت مثل هذه التجارب والأسماء الهامة، الفنّ الإيراني لا يقتصر على هذه التجارب، فمن خلال الاطّلاع نجد أسماء هامة جداً أثّرت على تاريخ الحركة التشكيليّة، لا على مستوى إيران فقط إنّما على مستوى العالم. وهذا دليل على متانة الأصالة الإيرانية الموجودة على المستويات كافّة، إن كان في هذا المجال أو في مجال السينما أيضاً .
المأمون
كما كان للفنان التشكيليّ عصام المأمون رؤية خاصة حول المعرض، حيث قال: بالنسبة إليّ كفنان، اعتبرت هذا المعرض معرضاً للخطّ أكثر من الفنّ التشكيلي التعبيري المُقلّ بلوحاته اليوم. بشكلٍ عام الفنّ الإيراني فنّ جميل، له زمنه وأقدميته وحضارته. هم أشخاص مبدعون في الخطّ وقد اخترعوا خطوطاً خاصة بهم في حروفيتها وأشكالها.
وأضاف: من خلال المعرض رأيت أنواع خطوط جديدة وجميلة ومدمجة، كنت أتمنى أنّ أرى لوحات تعبيرية أكثر، ومن الجميل أن نعرض لديهم ويعرضوا فنّهم لدينا ويصبح هذا التبادل الثقافي. واللغة البصرية بأنّ نرى آخر أعمال فنانيهم. بشكل عام، هذه ثقافة تتمثّل بهذا التبادل الجميل.