استراتيجية ترامب النووية خطوة دفاعية لاستعادة التفرّد العالمي
سماهر الخطيب
فيما تلتهب بؤر الصراع العسكري يثور مقابلها بركان السياسة العالمية. فبعد قرن من الزمن استفردت فيه الولايات المتحدة في حكم الإمبراطورية العالمية. وفي فترة خفت توهّج ذاك القطب توجّهت السياسات الدولية نحو إدارة تلك الأزمات والصراعات كل بما يتماشى مع مصالحها واستراتيجياتها مستفيدة من الصراعات الدائرة لتبرز قوى فاعلة في النظام الدولي والإقليمي كروسيا والصين وبعض دول أوروبا الأمر الذي دفع صنّاع القرار في البيت الأبيض إلى صياغة استراتيجية لمواجهة ذاك الصعود الدولي والحؤول دون الوصول إلى عالم متعدد الأقطاب وإعادة ترتيب الأوراق والأولويات بما يتناسب مع مصالحها باستمالة الأطراف إليها كل حسب عقليته الاستراتيجية، وإن وصل الأمر إلى ضرب التناقضات ببعضها، طالما أن النتيجة المتوخاة هي الوصول للهدف الأسمى والعودة إلى رأس الهرم العالمي.
ما بين الحمائية والتبادل الحرّ تستعر النيوليبرالية
ليس من السهل دفع مجموعة من الدول إلى التوافق بينها إنما إذا كانت الإيديولوجية موحّدة والأهداف الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية مشتركة، فإن التجمّع ستراه موجوداً وجاهزاً تحت قبة الاتحاد الأوروبي الذي يحتفل في آذار المقبل بعيد تأسيسه الحادي والستين تزامناً مع هذه الذكرى لا يخلو ذاك البيت الأوروبي من شجارات أهلية محلية لم تخلُ من بعض المشاكل. فكما يقال «أبواب مغلقة وهموم مفرقة» حتى أنها كحال غيرها من البيوت تشهد طلاقاً أوروبياً ربما يتزامن مع احتفال الذكرى السنوية لذاك العقد المقدّس.
في هذه الأثناء جاء قدوم رجل الاستثمار الأول دونالد ترامب ليخرج من عالم الاقتصاد تاجراً «فهلوياً» ويدخل عالم السياسة من أوسع أبواب البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة الأميركية وما رافق قدومه من زعزعة للاستقرار العالمي الذي كان في أساسه على المحك.
إنما ساهم ترامب في تفجير التوازنات الدولية والعالمية والإقليمية غير المستقرّة وخاتمتها دعوته الأخيرة إلى «الحمائية» ولسان حاله يقول «أميركا أولاً» بكل مصداقية، فيما تصدح الحناجر الأوروبية بـ»التبادل الحر» والتجمع الدولي الإقليمي لكونها «المثل الأعلى»، فلا بدّ أن يُحتذى بحذوها وإن كانت الولايات المتحدة «منبت الديمقراطية» العمود السياسي للفكر الليبرالي فإنّ هذا الفكر نفسه هو ثمرة جهد تاريخي أوروبي تلاقى بعموده الاقتصادي مع مبادئ ودعوات الديمقراطية تحت مسمى «النيوليبرالية». وما قام به الرئيس الأميركي رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر في صياغة أسس جديدة لليبرالية وإنقاذ الدولة من أزمة كادت أن تهدد وجودها تحت رحمة الشركات الكبرى وإعادة هيبة الدول بتدخلها وكبح الزحف الشركاتي المتوحش وإنقاذ العالم من أزمة اقتصادية كادت أن تفتك بها تلك الشركات لتصبح الراعي الأول عالمياً.
يُعيد اليوم ترامب صياغة أسسه «الترامبية» في عقلية «إنكلوساكسونية» ليعد بأن تصبح بلاده شريكاً تجارياً كبيراً لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وأنه سيبرم مع بريطانيا العظمى اتفاقات وستكون شريكاً تجارياً كبيراً بالنسبة لكم.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، «إن لندن ستظلّ مركزاً مالياً عالمياً بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي»، مشيرة إلى أن بقاء لندن مركزاً تجارياً عالمياً ميزة تخدم مصلحة أوروبا ومصلحة النظام المالي العالمي.
في الأثناء، تلوح في الأفق تساؤلات كثيرة حول مستقبل العلاقات الأميركية الأوروبية، وبصورة خاصة لكون ترامب توعد بـ»التصدي لسياسة الاتحاد الأوروبي التجارية»، «غير منصفة بالنسبة للولايات المتحدة»، مستخدماً غريزته التجارية كـ»مقاول»، وليس كـ»رجل دولة يتعامل مع حلفائه بالناتو». وقال الرئيس الأميركي في مقابلة مع محطة أي.تي.في التلفزيونية البريطانية: «لديّ مشكلات كثيرة مع الاتحاد الأوروبي قد تتحول شيئاً ضخماً جداً انطلاقاً من وجهة نظر تجارية».
وما ينذر بنشوب حرب تجارية عبر الأطلسي، هو اعتبار ترامب «أنّ هناك ضرورة لفرض قواعد تجارية أكثر صرامة وهو ما طالب به الاتحاد الأوروبي»، مضيفاً: «لا نستطيع إدخال منتجاتنا. هذا أمر صعب جداً، ومع ذلك يرسلون منتجاتهم إلينا بلا ضرائب أو ضرائب ضئيلة جداً. إنه أمر غير عادل تماماً».
في هذا الصّدد، وقع ترامب قانوناً يفرض تعريفات جمركية بنسبة 30 في المئة على الألواح الشمسية التي يتم استيرادها ضمن أول قيود تجارية تفرضها الإدارة الأميركية من جانب واحد في إطار برنامج أوسع للحماية التجارية، حتى من الأصدقاء والحلفاء.
وكان قد توعّد الاتحاد الأوروبي الرئيس دونالد ترامب، بـ «الرّد السريع على أيّ قرار يمكن أن يتخذه بشأن فرض قيود على الواردات من دول الاتحاد».
وقال المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، « الاتحاد الأوروبي مستعد للرد بسرعة وبشكل ملائم في حال تأثرت صادراتنا بأي إجراءات حمائية على تجارتنا من الولايات المتحدة».
فيما يبدو أنّ الأحداث الأخيرة والجولات السابقة أظهرت أنّ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على استعداد لـ»تكوين جبهة مشتركة» ضدّ زحف ترامب وبشكل خاص ما أظهره الرئيسان منذ قمة هامبورغ 2017 من استعداد للاتحاد حول قضيتين رئيسيتين ألا وهما «التجارة الحرة» و»تغير المناخ»، مع العلم أنّ الخلاف مع ترامب هو خلاف حاد للغاية حول هذه المسألة، حيث أكد ماكرون مراراً على أنّ الأوروبيين سيكونون «حازمين» في دفاعهم عن اتفاق باريس بشأن المناخ، فيما أعلن ترامب تخلي بلاده عن هذا الاتفاق ليظهر موقفه مناقضاً للغاية مع موقف نظيره الفرنسي.
من جهتها، ساندت ميركل «التجارة الحرة» و»الاتفاقات متعددة الأطراف» مقابل الحمائية والانعزالية التي وصفتها بـ»الخطأ الجسيم» ليأتي ترامب في «دافوس» ويؤكد «الحمائية». ونذكر هنا إبرام الاتحاد الأوروبي الاتفاقية الاقتصادية الشاملة الأوروبية الكندية كمثال، وكذلك دراسة لإمكانية إعادة التفاوض في نص الاتفاق مع المكسيك في حين أبرمت الولايات المتحدة مع هذين البلدين اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية «نافتا».
وبالرغم من انتهاء أزمة الرهن العقاري التي عصفت بالولايات المتحدة 2008 إلا أنّ العالم لا يزال يعاني تداعياتها وليس وليد الصدفة وصول رجل المال المحنّك إلى سدة الحكم في ذروة هذه التداعيات الاقتصادية ليؤدي دوره على أكمل وجه اقتصادي.
البيت الأوروبي والبيت الأبيض علاقة مصلحية..
المواقف الدولية بقيت متناقضة، كما هو الحال دائماً بشأن القضايا الأساسية والتي تزان بميزان «القيمة المصلحية» لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وما شهدناه من رفض الاتحاد الأوروبي لـ»قائمة الكرملين» خير دليل على رجاحة كفة الميزان المصلحي حين تدعو الحاجة. في المقابل انتصرت الدبلوماسية الأميركية مع جولات تيلرسون الأوروبية التي توصل فيها مع القادة الأوروبيين إلى تعديل بنود الاتفاق النووي الإيراني إلا أنه ومن وجهة نظر سياسية لا يمكن أن يعود التوصل إلى حل وسط على أية جبهة من الجبهات في حين تتأرجح أسهم المصالح، بحسب قربها من الجيبولتيك العولمي ما بين مغامر ومقامر إذاً أهلاً بكم في جولة المصارعات الدبلوماسية الأميركية الأوروبية.
فيما سبق حثّت ميركل دول الاتحاد إلى «تحديد مصيرهم بأيديهم» متأسّفة عن «العصر الذي كان يعتمد خلاله الأوروبيون كلياً على جهات أخرى»، في إشارة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا.
كما اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، البيانات والتصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية الجديدة «تدخلاً غير مقبول في شؤون الدول الأوروبية الداخلية» وهي «إحدى التهديدات الخارجية للاتحاد الأوروبي وتهدّد مستقبل الاتحاد..».
ناهيك عن كون ترامب وعد سابقاً بـ»إعادة النظر في التزامات الولايات المتحدة في إطار حلف شمال الأطلسي»، إذا لم تزد الدول الأعضاء الأخرى في الناتو نفقاتها الدفاعية إلى 2 في المئة من الناتج الداخلي، كما تحدّث عن «وجود مشكلات لدى حلف الناتو»، وتكمن في أنّ الحلف منظمة عفا عليها الزمن، فقد أُسّست قبل زمن طويل ولم تهتم بالإرهاب، كما أنّ الدول الأعضاء في الناتو لا تنفق ما يجب عليها أن تنفقه.
أثارت تلك التصريحات غضباً وانتقادات واسعة داخل المجتمع الأوروبي، وكأنّه يريد إيصال رسالة لأوروبا، مفادها أنّ الاتحاد لن يكون ضمن اهتمامات الرئاسة في المرحلة المقبلة، خاصة بعدما أكّد أنّ بريطانيا اتخذت قراراً ذكياً جداً بالخروج من الاتحاد الأوروبي، معرباً عن اعتقاده بأن دولاً أخرى سوف تترك الاتحاد.
من هذا المنطلق يمكن القول إن العوامل الأساسية لتفعيل القطيعة الأميركية الأوروبية أو بالأحرى الصراع الأميركي الأوروبي تمثل بالزيارة الدولية التي أجراها ترامب إلى بروكسل «قمة الناتو» وتاورمينا «قمة الدول السبع» وأخيراً «دافوس» وسابقاً قمة «الدول العشرين».
في هذا السياق، رأى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني السابق ، بأنّ تصريحات ترامب أثارت ارتباكاً داخل الناتو، وتساءل: «ما هي مفاهيم النظام العالمي التي ستفرض نفسها في القرن الحادي والعشرين؟ وماذا ستكون معالم عالم الغد؟ ليس هناك ما هو محسوم، الأمر أصبح مفتوحاً تماماً».
واعتبر أنّ على العالم أن يستعدّ «لحقبة مضطربة»، موضحاً أنّه كما في كلّ مرحلة انتقالية «هناك نقاط غموض»، وشدّد على أنّ «هناك مسائل كثيرة على المحك»، وأنّ بلاده ستسعى إلى الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة وإلى توضيح «المواقف والقيم والمصالح».
وفي وقت شدّد فيه بيرك كوينيرز وزير خارجية هولندا، على أنّ «الاتحاد الأوروبي والناتو مؤسستان أساسيّتان للأمن العالمي، ومن الخطأ أن نقول في عالم غير آمن إنّنا لم نعد بحاجة إلى حلف الناتو»، استخفّت فيديريكا موغيريني الممثّلة العليا للسياسة الخارجية والأمنيّة في الاتحاد الأوروبي، بتصريحات الرئيس الأميركي قائلة: «أحترم رأي رئيس الولايات المتحدة المقبل ترامب ، لكنّني أعتقد أنّ الاتحاد الأوروبي سوف يكون على ما يرام في المستقبل».
وكانت ميركل أكّدت أنّ مصير الأوروبيين يبقى «في أيديهم»، وقالت: «سنعمل بشكل طبيعي مع الإدارة الأميركية الجديدة، وسنرى ما هي الاتفاقات التي سنتوصّل إليها».
من جهتها، أكّدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على أهمية حلف شمال الأطلسي الناتو والاتحاد الأوروبي، ورغم إشارة ترامب قبل تنصيبه إلى أنّ حلف الناتو لم يعُد مفيداً، قالت ماي: «واثقة من أنّ الولايات المتحدة الأميركية ستدرك أهمية تعاوننا في أوروبا لضمان دفاعنا المشترك وأمننا المشترك».
وأضافت حينها أنّ قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي «ليس قراراً بشأن تفتيت الاتحاد الأوروبي».
في العودة إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، الذي قال في رسالته إلى الاتحاد الأوروبي وتزامنت مع الذكرى الستين لتوقيع الوثيقة التأسيسية للاتحاد الأوروبي، «إنّ التغيير في واشنطن يضع الاتحاد الأوروبي في وضع صعب، حيث يبدو أن الإدارة الجديدة تثير الشكوك في الـ70 عاماً الماضية من السياسة الخارجية الأميركية»، لافتاً إلى «أن التصريحات المثيرة للقلق والصادرة عن ترامب خلال حملته الانتخابية، وما تلاها عقب توليه مقاليد الأمور داخل البيت الأبيض، تجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل أوروبا خاصة والعالم بصفة عامة».
كما ناشد توسك حينها زعماء أوروبا «أن يتذكّروا أن قوة قارتهم وتماسك بلدانهم وقدرتها على مواجهة كافة الصعاب والتحديات التي تواجهه لا تكون إلا حين تكون متّحدة»، مضيفاً: «سويّاً فقط يمكننا أن نكون مستقلين تماماً».
وتابع أن «تفكّك الاتحاد الأوروبي لن يؤدي إلى استعادة سيادة كاملة للدول الأعضاء فيه، كما يقول البعض»، مؤكداً «رفض الاتحاد لأي محاولات أو تصريحات تتطرق إلى الشأن الداخلي لأي دولة أوروبية»، لذلك «علينا اتخاذ خطوات حازمة وقوية تغيّر المشاعر الجمعية وتنعش الطموح للارتقاء بالاندماج الأوروبي إلى مستوى أعلى».
إلا أنّ ترامب، وبالرغم من الغضب الأوروبي من سياسته، فإنه تدخل في الشأن الداخلي لا بل حثّ رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على «اتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن بريكست». وهذا ما حذّر منه رئيس المجلس الأوروبي قبل عام في تصريحات تُعدّ الأعنف ضد أي رئيس أميركي سابق، وتعكس حجم القلق من مستقبل العلاقات الأميركية الأوروبية في عهد الرئيس الجديد، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذا القلق، وسيناريوهات مستقبل العلاقة بين الطرفين.
من جانب آخر إذا اعتبرت معارضة ميركل للقطب الأميركي أيديولوجية وبراغماتية، لكن هذه المعارضة لا تخلو أيضاً من تأثير الحسابات السياسية.
حيث يرى كل من ماكرون وميركل أن من مصلحتهما الداخلية اتخاذ موقف معارض لترامب خاصة لكونه يلاقي الكثير من الرفض من قبل الأوروبيين.
بالرغم من الإجراءات والتدابير التي يتخذها ترامب لتدعيم موقعه في البيت الأوروبي لدى كل من ماكرون الذي لم تخلُ تصريحات ترامب من بعض الغزل السياسي، وميركل بعد نجاحها في الانتخابات وحصولها على ولاية رابعة، رغم الصعوبات التي تواجهها لتشكيل حكومة إلا أنّها من الجيد لكسب تلك الولاية التي تريد أن تأخذ موقفاً صارماً وتدابير وقائية من ترامب. وعلى ميركل أن تعزّز ألمانيا دورها في أوروبا، وأن تعمل على تقوية الاتحاد الأوروبي كردّ فعل على تصريحات ترامب.
رغم التوافقات الأوروبية الأميركية بشأن قضايا عدة أوكرانيا ومسألة ضم موسكو لشبه جزيرة القرم والاعتراف بكوسوفو وغيرها الكثير في سورية وأفغانستان .
في الأثناء تعمل الولايات المتحدة على إبراز موقف واضح وجلي للعلن من خلال استراتيجيتها القومية بالتلاعب بالمفاهيم النظرية في إطار لعبة سياسية، غالباً ما ستنتهي بالتعادل السلبي على حساب الشعوب الأوروبية.
وما قاله ترامب في دافوس «أنا هنا لأمثل مصالح الشعب الأميركي ولأؤكد صداقة الولايات المتحدة وتعاونها لبناء عالم أفضل». يُذكّرنا بما قالته مادلين أولبرايت عن حقيقة التوجه الأميركي نحو الهيمنة «إننا معشر الأميركيين نشكل أمة ترتفع قاماتها فوق جميع الشعوب وتمتد رؤيتها أبعد من جميع الشعوب».
وعلى مَن يخوض في أعماق الاستراتيجية الأميركية منذ نشأتها جاءت بالتخطيط الاستراتيجي عبر مراحل الاستثمار الاستراتيجي الأمثل للفرص السانحة أو حتى خلق الفرص بنفسها، واستمرّ هذا التدفق الاستراتيجي الأميركي بلا هوادة واستخدام ما توفر لها من إمكانات في سبيل تحقيق استراتيجيتها المصلحية. وسبق لمادلين أولبرايت أن قالت: «عندما تتعرض مصالحنا للخطر فيمكن أن نتصرّف من خلال الأمم المتحدة وقد نتصرف من خلال حلف شمال الأطلسي أو من خلال الائتلاف مع قوى معينة وأحياناً قد نجمع بين هذه الأدوات في الحرب جميعاً أو قد نتصرف بطريقة منفردة».
من هنا إذا أراد الاتحاد الأوروبي رسم استراتيجية دفاعية، فإنما عليه وضع مواجهة الولايات المتحدة أولى أولوياته.
الميزانية الدفاعية بالأرقام والنيات:
أظهر التقرير السنوي لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في عام 2004، أن عملية شراء المنتجات العسكرية من قِبل الدول الأعضاء في حلف الناتو قد ارتفعت في عام 2003 بنسبة 11 في المئة مقارنةً بعام 2002 6.5 في المئة في الحجم .
فيما ارتفعت هذه الميزانية العسكرية للولايات المتحدة، للمستوى الذي كانت قد وصلت إليه الميزانية العسكرية أثناء الحرب الباردة، حيث مثَّلت عمليات الشراء التي قامت بها الولايات المتحدة 47 في المئة من الإنفاق العسكري في العالم في عام 2003. وبلغ مجموع الإنفاق نحو 415 مليار دولار أميركي. بالإضافة إلى التمويل الإضافي المخصص لـحرب العراق والنفقات التكميلية التي بلغت 83 بليون دولار أميركي التي شكّلت جزءاً كبيراً من هذه الزيادة. بينما مثّل الإنفاق على الأمور الأخرى 3.5 في المئة فقط منها.
فيما تمثل الميزانيات العسكرية لكل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا نحو 15 في المئة من الإنفاق العسكري في العالم. ورفعت فرنسا وبريطانيا إنفاقهما على التجهيزات، ليس فقط لتكون على قدم المساواة في المستوى التكنولوجي عندما تشارك في عمليات مع الجيش الأميركي، ولكن أيضاً لتكون قادرة على التحرك بشكل مستقل في العمليات العسكرية الصغيرة مثلما حدث في ليبيا .
وفيما يتعلق بالدول غير الأعضاء في حلف الناتو، أنفقت اليابان 46.9 بليون دولار أميركي في عام 2003، بينما أنفقت جمهورية الصين الشعبية 32.8 بليون دولار، وأنفقت روسيا 13 بليون دولار. وتُمثل نسبة هذه الأرقام مقارنةً بالإنفاق العسكري في العالم 5 في المئة و4 في المئة و1 في المئة على التوالي.
أما عن الرؤوس النووية، فهناك وجهات نظر الحالة الحالية تتمثل في أن هناك أكثر من 16 ألف رأس نووي و17 ألفاً منها تمتلكه دول العالم 93 في المئة تمتلكها روسيا، وأميركا وتحديداً تمتلك أميركا 7000 رأس نووي وروسيا 7100 رأس نووي والدول الباقية تتقاسم بهذا الكم من الأسلحة النووية الكبيرة منها تزيد أو تقرب مع قوة القنبلة النووية التي رميت على هيروشيما وناكازاكي يعني أن الدولتين تمتلكان أسلحة نووية قادرة على تدمير العالم أكثر من مرة.
فيما وقع أوباما عام 2012 على خطة تسليح بترليون دولار على مدى 30 عاماً لتطوير الأسلحة النوعية الأميركية.
وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرسوم السياسة الدفاعية المتعلّق بميزانية البنتاغون، والتي وصل حجمها إلى مستوى قياسي بحوالي 700 مليار دولار.
وقال ترامب في أعقاب توقيع المرسوم: «اليوم بتوقيع الميزانية الدفاعية نحن نسرّع عملية استعادة القوة العسكرية للولايات المتحدة بالكامل.. وسيرفع القانون من مستوى استعدادنا القتالي وسيعزز الإجراءات لتحديث قواتنا المسلحة وسيساعدنا في تقديم الموارد الضرورية لعسكريينا».
ودعا ترامب الكونغرس إلى «إتمام العمل» والتخلّي عن تقييد الميزانية العسكرية والموافقة على القانون حول الميزانية العسكرية.
وأقرّ الكونغرس الأميركي مشروع قانون الميزانية العسكرية وتمويل البنتاغون بنحو 700 مليار دولار في عام 2018.
ومن المقرّر أيضاً تخصيص، 4.6 مليار دولار لتمويل «مبادرات الردع في أوروبا»، أي ردع روسيا، وتعزيز القدرات العسكرية الأميركية في أوروبا، بما في ذلك تقديم الموارد لدول البلطيق وأوكرانيا، و4.4 مليار دولار على منظومة الدفاع الصاروخي للتصدّي لصواريخ كوريا الشمالية.
وفي مواجهة تهديد الصواريخ البالستية الكورية الشمالية، وافق البرلمانيون الأميركيون أيضاً على زيادة استثنائية، نحو 50 في المئة، في موازنة وكالة الدفاع الصاروخي التي سترتفع من 8.2 الى 12.3 مليار دولار.
وسيتمّ من خلال الموازنة الجديدة شراء معدّات عسكرية حديثة، بينها خصوصاً 90 مقاتلة من طراز إف 35 أي أكثر بعشرين طائرة مما كان ترامب طلبه ، فضلاً عن عشرات طائرات الهليكوبتر والدبابات الجديدة المدرّعة و14 سفينة جديدة وغواصات.
وستحصل أوكرانيا على 350 مليون دولار على شكل مساعدة أمنية، فيما ستحصل «إسرائيل» على 705 ملايين دولار من أجل نظامها للدفاع الصاروخي.
من ناحية أخرى، نشر البنتاغون زهاء 3 آلاف جندي أميركي إضافي في أفغانستان طبقاً لاستراتيجية الرئيس دونالد ترامب الجديدة لأفغانستان. وكان يُقدّر عديد القوات الأميركية في أفغانستان بأحد عشر ألفاً.
وقال الجنرال الأميركي كينيث ماكنزي «العدد الجديد للقوات الأميركية في أفغانستان بات يبلغ بالتالي حوالي 14 ألفاً».
فيما طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخصيص 716 مليار دولار للإنفاق الدفاعي في ميزانية 2019 مما يمثل زيادة قدرها سبعة في المئة عن ميزانية 2018.
ويشمل ذلك المبلغ الميزانية السنوية للبنتاغون وكذلك الإنفاق على الحروب الدائرة وصيانة الترسانة النووية للولايات المتحدة.
وهذا الطلب يتماشى كثيراً مع الأولويات التي كشف عنها وزير الدفاع جيم ماتيس في استراتيجية الدفاع الوطني. ووضع ماتيس «مواجهة الصين وروسيا» في محور استراتيجية الدفاع الوطني الجديدة لتعكس طلبات الإنفاق الدفاعي هذا الهدف.
فعدم استمرارية التمويل أدى إلى تراجع التفوق التنافسي للجيش الأميركي «في كل مجالات الحرب»، بحسب ماتيس.
استراتيجية ترامبية لمواجهة الـ«بينغ بوتينية»:
لمنع روسيا والصين من اللحاق بالولايات المتحدة بالنسبة للقدرات العسكرية أو التفوق عليها عسكرياً هناك إدارات أميركية سابقة عدة، ربما بعد حرب العراق الثانية عندما قدم عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين مذكرة لوزير الدفاع آنذاك تقول بأن الولايات المتحدة يجب أن تحافظ على قدراتها العسكرية وتفوّقها الاستراتيجي والنوعي والكمي. وبالتالي تمنع أي دولة أخرى من اللحاق بها، ولكن في ذلك الوقت اعتقد وزير الخارجية جيمس بيكر والذي كان متنفذاً مع الرئيس بوش بأنّ هذه متأخرة قليلاً وتجب إعادة صياغتها.
ولكن هذه الفكرة بدأت منذ ذلك الحين ولا تزال مستمرة، والآن أكثر من السابق بسبب عودة التعددية القطبية على المستوى العالمي بدأنا نرى أقطاباً جديدة رغم أن الولايات المتحدة لا تزال الأقوى عسكرياً واقتصادياً من منافسيها إن كانت روسيا أو الصين أو دول أخرى، ولكن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك تهديد لها ناتج عن الصراعات التي يشهدها العالم في سورية أو العراق أو أفغانستان..
وبالرغم من كونها تحتفظ لنفسها بهذا التفوق العسكري إلا أنّها تبقى قلقة على مكانتها. فالصراع على مستويات عدة ليس فقط في مجال الدفاع الصاروخي في مجال الفضاء السيبراني في مجال تحديث القدرات النووية وتطوير رؤوس نووية صغيرة. وهذا ما يرغب الرئيس ترامب في تطويره وأن يكون للولايات المتحدة قدرات عسكرية لمواجهة أي تحدٍّ أو أي تهديد من أي طرف في العالم، ولكن ذلك جزء من رغبة الولايات المتحدة بالاحتفاظ بقدراتها العسكرية وبموقعها الأول على الساحة الدولية عسكرياً واقتصادياً وسياسياً.
ولكن السؤال: هل تستطيع أوروبا وعلى رأسها بريطانيا تحمل زيادة في النفقات العسكرية لتتماشى مع النفقات العسكرية الروسية والصينية؟
أوروبا، اقتصادياً تعاني من مشاكل كثيرة بأغلب دولها لن تسطيع أن تصرف هذا المبلغ، وكذلك أميركا وبالتالي التحدث عن ضرورة زيادة القوة النووية لدى هذه الدول سوف لن يكون سهلاً ولن تكون الميزانيات الأوروبية قادرة على مواكبة مثل هذا الإجراء.
من ناحية ثانية ترامب الذي ينتقد أوباما على سياسته التي أدت إلى ضعف الولايات المتحدة، حسب وجهة نظر ترامب، الآن يطلب ما يقارب التريليون لكي يصرفها على الأسلحة النوعية.
كما أنّ الولايات المتحدة الأميركية ومعها الغرب يعانون من مشاكل أخرى إقليمية أو في مناطق محددة من العالم بدأت المشكلة في العراق والاحتلال الأميركي غير المبرر والتبرير غير المقبول، وخلق نماذج أو مجاميع مسلحة هددت أميركا ولا تزال أميركا تُصرّ على هذه العملية وتتّجه إلى مواجهة كبيرة مع روسيا في سورية في الوقت الذي توصلت فيه الأطراف أو اقتنعت بضرورة الحل السياسي والسلمي.
إذا لم تنجح الولايات المتحدة في تخفيف مستوى حدة المخاطر التي تبثّها في هذه المناطق، فإن التسليح النووي سوف لن يكون مجدياً إذا أخذنا بعين الاعتبار مسألة أساسية أنّ روسيا والصين إذا ما اتفقتا هذا سيمثل تفوقاً نووياً كبيراً على الولايات المتحدة وأوروبا.
شركات الصناعات الحربية مفتعلة الحروب ومالكة القرار:
هناك أوساط حربية عسكرية أوساط مرتبطة بالصناعات الحربية وبالقوات المسلحة التي تهتم بزيادة مستمرة للميزانية الدفاعية.
ذكر الرئيس الأميركي آيزنهاور في 1956 هذا المجتمع الصناعي الحربي في الولايات المتحدة وقال «إنه خطير، وأنه يتفوق على بقية عناصر الدولة الأميركية». وهذا الكلام لرئيس أميركي وليس لخبير من الجانب الآخر.
هناك سباق محموم فعلاً قد بدأ يتصاعد خلال السنوات الأخيرة من أجل أن تبيع بعض الشركات السلاح، رغم وجود سباق محموم حيث الحروب بالوكالة، إنما من الممكن أن يؤدي إلى صراع مباشر بين هذه الدول.
وإن كان أيام الاتحاد السوفياتي هناك الكثير من النقاط داخل الولايات المتحدة تقول بما يجب فعله الآن. كانت هناك تيارات تقول «إن أميركا كسبت الحرب الباردة وتكلفت ثمناً باهظاً لتحقيق ذلك، ولذلك يتوجب عليها التركيز على الأمور الداخلية بإعادة بناء البنى التحتية والرعاية الصحية وغير ذلك» بينما كانت هناك تيارات أخرى تقول بالمقولة نفسها «إنّ الولايات المتحدة دفعت ثمناً باهظاً بالمال والدماء لذلك يجب الحفاظ على القوة الأميركية وعلى هذا التفوق ومنع أي طرف آخر من اللحاق بها».
كسب الطرف الثاني أو أنصار التيار الثاني الجولة ونرى الآن هذا الموقف الأميركي وهو مركب عسكري صناعي والآن يمكن الإضافة إليه مركباً تقنياً وإعلامياً.
وبالتالي، فإن هذه القوة التي تتمتع بها الشركات الصناعية تؤثر في التوجه نحو زيادة النفقات العسكرية، خاصة أنّ هناك علاقة مع السياسيين الذين يستفيدوا من المصانع العسكرية والمعدات العسكرية وغير ذلك في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الضغط من قبل بعض الصناعات العسكرية على السياسيين الأميركيين لتشكل لوبياً ضاغطاً في الولايات المتحدة.
إن الشركات العسكرية والشركات الحربية الأميركية هي من تزيد سعر منتجاتها العسكرية. وفي هذا الوجه يمكن زيادة الميزانية إلى تريليونات الدولارات، ولكن الشركات سوف تستمر بالعمل نفسه.
ولا ننسى «فعالية النفقات» مثلاً الأسطول الحربي الأميركي هو أقوى أساطيل العالم. وفي الوقت نفسه مدمرة «زامبورد» الحديثة أحدث المدمرات الموجودة لدى الأسطول الأميركي. في البداية تم التخطيط لبناء 35 مدمرة من هذا النوع. وتدريجياً أقتنعت الأوساط المرتبطة بالأسطول أن سعر هذه المدمّرة يتزايد باستمرار. والآن توقفت الإدارة الأميركية عن فكرة بناء ثلاث مدمرات من هذا النوع. وعلى ما يبدو أن حتى هذه المدمرة الوحيدة والمدمرة الثانية سيتوقف الأمر بهما.
المقارنة بين الدفاعية الأميركية والروسية مقارنة مزوّرة!
المقارنة بين القوات المسلحة الروسية وحلف الأطلسي مستحيلة لأن حيازة روسيا من القوات التقليدية هي أقل بكثير من القوات التقليدية لحلف الناتو، في الوقت نفسه في العقيدة الاستراتيجية الأخيرة التي اتخذت في روسيا لعام 2010 قيل «إن مهمة الترسانة النووية للقوات المسلحة الروسية هي إمكانية إلحاق الضرر غير المقبول بالأعداء والردع على كافة التحديات الممكنة والمحتملة». هذا بالنسبة فيما يخص استخدام الأسلحة النووية. وهي كافية بكثير لتدمير العالم كله ليس فقط في الولايات المتحدة أو بعض الدول.
وللتذكير بالنفقات العسكرية الأميركية، حيث بلغت أكثر من 700 مليار دولار كيف يمكن مقارنتها مع ميزانية روسيا العسكرية التي تبلغ اليوم أكثر بقليل من 40 مليون دولار لا توجد هنا مقارنة، وهي مستحيلة في الوقت نفسه، يقول الكثير من الخبراء إنّ المجابهة والمواجهة العسكرية والاستراتيجية في العالم هي الآن مزوّرة.
وإذا ما أخذنا ألمانيا التي تصرف 1.2 في المئة من ميزانيتها لأغراض دفاعية وترامب يطالب بأن تنفق ألمانيا 2.5 في المئة من ميزانيتها لأغراض دفاعية ومنا ما يقدّم لبقية أعضاء حلف الأطلسي وهناك دول لا تريد إنفاق هذه المبالغ لأغراض دفاعية، فهي مجابهة مزورة.
من دون شك هناك مخاوف أميركية من تطوير القدرات الصينية بخاصة القدرة الصينية الاقتصادية، وإلى حدٍ ما العسكرية، وكذلك الروسية ولكن ميزانية روسيا العسكرية هي أقل من ميزانية السعودية ومن ميزانية الهند ومن ميزانية بريطانيا العسكرية حسب مجلة «ديفينس ويكلي» التي تقول إنّ ميزانية روسيا العسكرية تراجعت إلى 6 ملايين دولار.
الميزانية العسكرية الروسية هي بالمليارات وليست بالملايين، ولكن بالنسبة للأوروبيين هناك انزعاج من سياسة ترامب. هناك أصوات بدأت تعود لبناء قدرة عسكرية أوروبية ذاتية. ففي الفترة التي تصدّرت فيها الولايات المتحدة المشهد العالمي وانفردت به في التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، هذه الفترة انتهت ولن تعود، ويجب أن يدرك صناع القرار الأميركي أن هذه حقيقة واقعة ولن تكون هناك عودة للتفرد وإن كانت أميركا غير قادرة على مواجهة كوريا الشمالية وحلّ مشكلتها، فكيف سيكون الأمر مع روسيا ومع الصين؟
بالنسبة إلى أوروبا همها الأكبر الآن هو بناء وتحصين الفرد الأوروبي وزيادة الرفاه الاجتماعي وليس همها زيادة ميزانية الدفاع حتى حين طلب ترامب من الدول الأوروبية بعنجهية أن تدفع الأموال لكي يشارك هو بالناتو ولكي يحمي أوروبا. تم رفض هذا الطلب، فكيف سيمكن دول مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا أن تدفع وهي دول غير قادرة وألمانيا محددة باتفاقيات دولية على ألا تتجاوز صناعتها أو أنواع صناعتها حداً معيناً وتسمى بالدفاعية؟
فكيف يمكن له أن يطلب من هذه الدول الأوروبية أن تزيد نفقاتها وهي تعاني من مشاكل اقتصادية كبريطانيا التي مشاكلها الاقتصادية كثيرة وغير قادرة على حلها؟ هل ستتجاوز هذه بطلب من ترامب وتقوم بالإنفاق العسكري؟ هذا غير مقبول.
وترامب لديه فكرة يريد أن ينفذها ويستقطب الشعب الأميركي ويستخدم شعبويته التي وظفها في الانتخابات.
هناك اتفاقية مع روسيا كاتفاقية «ستارت» التي تنتهي عام 2021 يضع عليها الآن مواد وبنوداً جديدة يصعب على روسيا القبول بها. يجب أن تكون هناك عقلانية كي يتفادى العالم مثل هذا الجحيم النووي.
تأثيرات زيادة الميزانية الدفاعية:
مع زيادة ميزانية الدفاع الأميركية نتوقع اتساع مناطق الصراع في العالم، ولا بد أن هناك مناطق مرشحة للتصعيد. فمناطق الصراع معروفة للجميع كالشرق الأوسط بما فيه شمال أفريقيا وشرق آسيا والمحيط الهادي في الشرق الأقصى وفي أوروبا. وهناك مشكلة أخرى مع زيادة النفقات العسكرية تزيد مطالب الاحتكارات الحربية الصناعية. إضافة إلى نشوب الصراعات وانعكاس الإنفاق العسكري على المنطقة العربية. وهذا أحد الأسباب وراء ذلك وموضوع الصراعات الإقليمية وتفجيرها يزيد من فرص بيع الأسلحة وتطوير الأسلحة وبيعها لدول المنطقة. وما نراه في المنطقة من سباق تسلح يجري على الأرض في منطقة الشرق الوسط كالتنافس بين إيران والسعودية، بالإضافة إلى دول على الساحة الإقليمية كتركيا وإيران.
من دون شك الخطورة عندما تقوم بعض الدول إن كانت على المستوى العالمي أو الإقليمي وتشتري سلاحاً معيناً تحاول الأخرى شراءه بينما الخطورة الأكبر التركيز على الأسلحة النووية واستخدام رؤوس صغيرة. وهذا الأمر الأكثر خطورة من أي شيء آخر. والدول الكبرى لديها القدرة على تدمير بعضها البعض وعلى العالم. فروسيا لديها القدرة على تدمير واشنطن خلال نصف ساعة وكذلك العكس.
وكأنما الإدارة الأميركية تقوم بزيادة ميزانيتها الدفاعية وتشجيع الاستثمارات في أرضها لتعويض نفقاتها الدفاعية، أضف إلى ذلك تمثيل العدو الخارجي بالروسي والصيني، فإنما تقوم بخطوة إلى الوراء تاركة التخبّط في المنطقة والعالم، تماماً كما كان الوضع إبان الحرب العالمية الثانية لاستعادة موقعها ومركزها العالمي، رافضة قبول عالم متعدد الأطراف فيما تستثمر كل الإمكانات السياسية والاقتصادية والجيبولتيك لم يغب عنها مستخدمة ما يحمله من تناقضات.