دمشق تؤكد أن التحالف الأميركي ارتكب جريمة حرب في دير الزور.. وموسكو ترى هدف واشنطن السيطرة على المواقع الاقتصادية السورية
وصفت دمشق القصف الذين نفذه التحالف الأميركي بقيادة واشنطن فجر أمس، في ريف دير الزور الشمالي الشرقي بأنّه مجزرة وحشية ويمثّل جريمة حرب.
وجاء في رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي بشأن قصف التحالف أن «هذا العدوان الجديد الذي يمثل جريمة ضد الإنسانية ودعماً مباشراً وموصوفاً للإرهاب، يؤكد النيات الأميركية الدنيئة ضد سيادة سورية ووحدة أرضها وشعبها».
الخارجية السورية طالبت بإدانة «المجزرة» وتحميل التحالف الدولي المسؤولية عنها، وإلزامه بوقف جرائمه واعتداءات تسببت بمقتل وجرح آلاف المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، والبنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة.
وبحسب الخارجية فإنّ الحكومة السورية تجدد المطالبة بحلّ التحالف «غير الشرعي» بوصفه قوة حماية ومساندة ودعم للإرهاب، مؤكدة أنّ مؤسساتها وقواتها ستواصل الاضطلاع بمسؤولياتها «مهما بلغت التضحيات» لمنع التحالف الأميركي من تحقيق «أهدافه الإرهابية المكشوفة».
وستعمل دمشق على ضمان مواصلة التصدي لإرهاب تنظيمي داعش وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية وداعميها وحفظ سيادة سورية ووحدة أراضيها وشعبها وسلامتهما، بحسب الرسالة التي نشرها التلفزيون السوري.
واشنطن لا تسعى لمواجهة مع دمشق
وعقب بيان الخارجية قالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تعليقاً على الاشتباك الذي وقع مع قوات موالية للجيش السوري إنها لا تسعى لصراع مع «النظام السوري»، بحسب بيان البنتاغون.
وكان التلفزيون السوري قال إن التحالف الدولي قصف قوات شعبية كانت تقاتل «داعش» و»قسد» شرق نهر الفرات، وتحدّث عن أنباء عن وقوع ضحايا، معتبراً أن هذا القصف هو «عدوان جديد وفِي محاولة لدعم الاٍرهاب».
وأضاف التلفزيون أن «قوات التحالف الدولي تقصف مجموعات من أبناء المنطقة كانت تقاتل «داعش» و» قسد» بين قريتي خشام والطابية بالريف الشرقي للدير».
وزارة الدفاع الروسية قالت من جهتها إنه لا وجود لعسكريين روس في المنطقة التي أغارت عليها طائرات التحالف الأميركي شرق الفرات، مشيرة إلى إصابة 25 من القوات الموالية للجيش السوري بقصف التحالف على دير الزور.
وأشارت الوزارة إلى أن هدف أميركا في سورية ليس محاربة تنظيم داعش وإنما الاستيلاء على موارد اقتصادية سورية.
وأوضحت موسكو أن عدم تنسيق القوات الموالية للجيش السوري تحركاتها الاستطلاعية مع موسكو كان سبباً في قصف التحالف الأميركي.
وأعلن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في بيان استهداف طائراته مواقع قوات موالية للجيش السوري بدير الزور.
وقال بيان التحالف إن الضربة تأتي ردّاً على هجوم غير مبرر شنّته قوات الجيش السوري على مقر قيادة «قوات سورية الديمقراطية»، وإن الهجوم وقع على مسافة ثمانية كيلومترات شرق الخط الفاصل لمنطقة خفض التصعيد عند نهر الفرات. وأضاف التحالف أنه نفذ الضربات ضد القوات المهاجمة دفاعاً عن التحالف والقوات الشريكة.
اعتداء قوات التحالف جاء عشية العدوان الإسرائيلي على ريف دمشق أول أمس الأربعاء.
العسكرة الأميركية تشكل تحديا للسلام
وكانت الخارجية الروسية صرّحت بأن الحضور العسكري الأميركي في سورية يشكل «تحديا» أمام عملية السلام ويهدد وحدة أراضي البلاد.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي لها، أمس، إن «الحضور العسكري الأميركي غير الشرعي على أراضي سورية لا يزال يشكل تحدياً أمام التحرك نحو السلام في البلاد والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها».
وأضافت أن المنطقة الآمنة التي أقامتها الولايات المتحدة بشكل أحادي الجانب حول قاعدة التنف بجنوب سورية «تستخدمها بقايا الدواعش»، مشيرة إلى أن المسلحين «يستفيدون من إمكانية الاختباء في هذه المنطقة من ملاحقة القوات الحكومية السورية ويعيدون ترتيب صفوفهم هناك، ويتسلّحون لشن هجمات جديدة في البادية السورية».
وبشأن الاتهامات الغربية لدمشق بأنها تستخدم السلاح الكيميائي، والاتهامات لروسيا بأنها تتساهل معها، أشارت زاخاروفا إلى أنها تتزامن دائماً مع فعاليات دولية للتسوية السياسية للأزمة السورية، وتهدف لإحباط هذه الجهود.
وقالت إن «هذه المرة كانت التخيلات الجديدة حول استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية ومحافظة إدلب كانت مرتبطة بعقد مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي. وكان من الضروري التشويش على المعلومات الواردة من هناك بشأن محاولات التوصل إلى اتفاق ونتائج عملية التفاوض».
وأضافت زاخاروفا: «كلما ظهرت آفاق واقعية لتنشيط الحوار السوري السوري، نشرت هناك ادعاءات بشأن استخدام السلاح الكيميائي». وأشارت إلى أن من شأن هذا الموضوع أن يعرقل الحوار بين المعارضة السورية وممثلي السلطات.
وشدّدت على ضرورة انتظار نتائج تحقيق البعثة التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
تفاقم الوضع الإنساني في عفرين
وحول العدوان التركي على منطقة عفرين، حمّلت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة مسؤولية تصعيد الوضع في منطقة عفرين شمال غرب سورية، موضحة أن التوتر تصاعد هناك نتيجة انتهاك واشنطن وعودها بالتمسك بوحدة أراضي سورية.
جاء ذلك تعليقاً على بيان صدر في 6 فبراير/شباط عن الوكالات الإغاثية الدولية العاملة في سورية، حول الوضع الإنساني السيئ في بعض المناطق السورية، بما فيها عفرين والحسكة والرقة وإدلب ومخيم «الركبان» الحدود بين سورية والأردن وغوطة دمشق الشرقية، حيث دعت فيه هذه الوكالات إلى تهدئة لمدة شهر من أجل إيصال مساعدات إنسانية إلى محتاجيها وإجلاء المصابين والمرضى.
وأشارت الخارجية، إلى أن روسيا نفسها دعت مراراً طرفي النزاع في سورية إلى وقف القتال، إلا أن تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين روسيا وإيران وتركيا، الدول الضامنة لعملية أستانة، يتعثر بسبب نشاطات «الإرهابيين والمتطرفين» الساعين إلى تقويض الاستقرار في البلاد.
وعبرت الوزارة عن أمل موسكو أن بيان الوكالات الدولية لن يُستخدَم «بهجمات مسيّسة جديدة ضد الحكومة السورية الشرعية وتصعيد الهستيريا إرضاء لمن يدعو منذ زمن بعيد إلى تغيير «النظام» في دمشق».
وفي ما يتعلق بعفرين، شددت الوزارة على أن «تفاقم الوضع الإنساني في هذه المنطقة، التي لا وجود فيها للقوات الحكومية السورية على الإطلاق، جاء نتيجة لخطوات الولايات المتحدة في دعمها لموالين لها، وذلك في مخالفة لتصريحات واشنطن السابقة عن تمسكها بسلامة أراضي سورية».
الخارجية الروسية أشارت إلى أن المصالح الأميركية والتركية في المنطقة «تتباعد واقعياً»، لافتة «أضحى الحلفاء في الناتو على طرفي نقيض».
واشنطن وانقرة في «مفترق طرق»
من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، إن العلاقات التركية الأميركية وصلت إلى «مفترق طرق» نتيجة إصرار واشنطن على دعم الجماعات الإرهابية، بحسب تعبيره. وأضاف «ما نفعله الآن في سورية هو جولات حتمية وسنقوم بحملات أكبر في المرحلة المقبلة».
وسبق تصريحات إردوغان، اتفاق تركي روسي خلال اتصال هاتفي للأخير مع نظيره فلاديمير بوتين على عقد لقاء قمة في اسطنبول قريباً، واتفقا على إقامة مواقع مراقبة جديدة في إدلب السورية في إطار تعزيز تطبيق اتفاق أستانة والتفاهم الروسي التركي على الأرض السورية في المرحلة المقبلة خاصة، وتعزيز مكافحة الإرهاب. كما أنهما سيبحثان الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية.
الكرملين من جهته، قال أمس إن بوتين وأردوغان بحثا «أهمية الالتزام الصارم باتفاقيات أستانة».
ولاحقاً هاتف الرئيس التركي نظيره الإيراني وبحثا بدورهما آخر التطورات على الساحة السورية، وأكّدا أن مؤتمر سوتشي الذي استضافته روسيا حول سورية تطوّرٌ إلى الأمام، وأعربا عن امتنانهما من زيادة التعاون بين البلدين حول القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب.
وقال الرئيس حسن روحاني إن هناك تطورات عديدة في المنطقة تهدد المصالح الإيرانية والتركية ومصالح بقية الدول الإسلامية، مشيراً إلى أنه نظراً لوجهات النظر المتقاربة جداً بين إيران وتركيا حيال القضايا الإقليمية والدولية فإنّه يجب استمرار التعاون والتنسيق السياسي المشترك بين البلدين.
وأوضح روحاني أنه من الضروري توسيع التعاون الثلاثي الإيراني التركي الروسي في القضايا الإقليمية.
كما رحّب روحاني بعقد القمة الثلاثية الإيرانية الروسية التركية، داعياً وزراء خارجية الدول الثلاث إلى التنسيق لتحديد جدول أعمالها وموعدها.