بيان البنيان

بيان البنيان

النصّ أدناه تلخيصٌ شديد الاختزال والتكثيف لزوم الشقّ المعماري من البيان الختامي وتوصيات مؤتمر الهوية الوطنية المنعقد في دمشق في كانون الثاني 2018 بتنظيم مركز دمشق للدراسات والأبحاث، «مداد».

ـ من بين كلّ ما عداها من العناصر المكوّنة للهوية والتراث، وما عداها من التجليات والممارسات التطبيقية لخطاب الهوية، يبقى المنتج المعماري أهمّها، كونه الأكثر حضوراً بصرياً وفيزيائياً، وتأثيراً اجتماعياً وبيئياً، وسطوةً وديمومةً، وبما لا يقاس ما يضاعف من أهميتها المضاعفة أصلاً.

ـ يكتسب المنتج المعماري أهميةً راهنةً إضافية لراهنية وأهمية مشروع إعادة الإعمار وأهمية استعادة العمارة لدورها الريادي والطليعي الطبيعي بالعلاقة مع الحضارة، ومع الحراك والنتاج الثقافي، قبل علاقتها بالشقّ الاجتماعي الخدماتي والعملاني، إذ لطالما اعتبرتها الأمم المتحضّرة، منذ عهد الإغريق أمّ الفنون والثقافات.

ـ مع الاستهداف الممنهج، والمبرمج للتراث الوطني المعماري والعمراني، يخشى من اصطناع هويةٍ ملفقة نتيجة مقاربة إعادة الإعمار بطريقةٍ محكومةٍ بالارتجال والاستعجال والابتذال، وبالاندفاع كذلك والانتفاع، وباعتباراتٍ استثمارية واحتكارية ومحض ريعية ونفعية.

ـ يتوجّب التأسيس السليم لمفهوم إعادة الإعمار بحيث يحقّق مبتغاه، وبحيث ينضوي، وينطوي على إعادة النظر بالمقاربة الماضية الماضوية ، والسلفية، لمفهوم الهوية المعمارية الذي لن يستوي ويستقيم من دون مراجعةٍ جذرية، تفكيكية للعقيم من المفاهيم التي تأسّس عليها وانبنى.

ـ من شأنٍ هكذا مراجعة التأسيس لهويةٍ نهضويةٍ، تقدمية حداثويةٍ بالعمق، وفي الجوهر، لا في المظهر، محليةٍ بحقّ، في الجوهر لا في المظهر، بعيدةٍ كلّ البعد عن عصبيات وعصابات النكوص، والاستشراق والاستغراب، والاستلاب، ومن شأنها أن تحوّل زلزالنا الوجودي مخاضاً خلاقاً بحجم الطموحات والتضحيات، وتحول دون إجهاض هذا المخاض.

حري بنا، ختاماً، أن نجسّد بالمعمار ثقافة الانتصار، انتصار الثقافة، ثقافة المقاومة، لا مقاومة الثقافة. ثقافة المقاومة، لا ثقافة المقاولة، تلك المحكومة بالغثاثة، والرثاثة، والتي تنقلنا، لا من الاستشراق إلى الاستشراف، ولكن من مرحلة سوء فهم التراث إلى مرحلة سوء فهم الحداثة، أو من ثقافة القصّ واللصق، والنسخ والمسخ والنقل من زمانٍ آخر، إلى ثقافة القصّ واللصق والنسخ والنقل من مكانٍ آخر، إذ تستبدل وصفةً شكلانيةً سطحيةً ماضويةً، بالية ومأزومة، بأخرى زائفة الحداثة المزعومة.

وحري، بل غني عن القول، أنّ نتذكّر ونذكّر أنّ شأن الهوية في العمران والمعمار شأنه شأن التنظير لمشروع إعادة الإعمار، لهو شأنٌ هامّ لا يحتمل عبث التجريب والاختبار، ولا الانتظار، وهو شأنٌ عامّ لا تستوي معه ولا تليق، ممارسات المصادرة والاحتكار.

سنان حسن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى