تيلرسون… إجابات تسبق الزيارة
يوسف الصايغ
من المقرّر أن يصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى لبنان يوم غدٍ الخميس، ضمن جولة تضمّ عدداً من دول المنطقة. وهي أوّل زيارة لوزير خارجية أميركي إلى لبنان منذ تلك التي قام بها سلفه جون كيري في العام 2014، عندما حطّ رحاله في لبنان وكان الصراع في سورية آنذاك يتصدّر المشهد. واليوم تتزامن زيارة تيلرسون إلى بيروت في ظلّ التداعيات المستمرّة للإنجاز العسكري السوري قبل أيام عبر إسقاط مقاتلة الـ «أف 16» الإسرائيلية، الأميركية الصّنع ، ما يشكل رسالة بالغة الدقة والدلالات في هذه المرحلة. ومما لا شك فيه أنّ هذا الحدث سيظلّل زيارة وزير الخارجية الأميركي على مستوى لبنان والمنطقة بشكل عام، والتي دخلت في مرحلة جديدة بعد إسقاط الدفاعات الجوية السورية للمقاتلة «الإسرائيلية».
في الشقّ اللبناني من زيارة تيلرسون فإنّ الأمور التي سيناقشها إضافة إلى تلك التي حملها معه قبل أيام مساعده ديفيد ساترفيلد، والذي جاء مكلّفاً بتأدية دور بلاده كـ«وسيط» مزعوم بين لبنان والكيان الصهيوني، على مستوى الوضع على الحدود الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة، والبلوك النفطي رقم 9 الذي حاول كيان العدو التهويل بهدف كسب بعض الأجزاء منه، إلا أنّ الردّ اللبناني على تيلرسون لن يكون مختلفاً عن الإجابة التي حصل عليها مساعده ساترفيلد الذي سعى إلى تسويق مقترحه المتضمّن تقاسماً للحصص في البلوك رقم 9، لكن الردّ اللبناني كان حاسماً لجهة التأكيد على حق لبنان بكامل البلوك النفطي الواقع ضمن مياهه الإقليمية، وبالتالي لا مجال للمساومة في هذا الموضوع.
أما بيت القصيد في زيارة تيلرسون بشقها اللبناني تكمن تحت مسمّى الدعوة لـ «وقف تمدّد إيران وحلفائها في لبنان»، وبالطبع فإنّ حزب الله هو المقصود بالدرجة الأولى. ولعلّ المفارقة الكبرى أن تيلرسون الذي ستيضمّن خطابه مع المسؤولين اللبنانيين اللازمة الأميركية المعروفة، لجهة الدعوة الى تحييد لبنان عن الصراع في سورية ومنع «خلايا إيران» المسلّحة من السيطرة على القرار اللبناني، قاصداً بذلك سلاح المقاومة، والى ما هنالك من عبارات ومصطلحات يتضمّنها الخطاب الدبلوماسي الأميركي، لكن تيلرسون لن يجرؤ على إدانة وشجب ما يتعرّض له لبنان يومياً من خروق «إسرائيلية» لسيادته براً وبحراً وجواً. ومن المعروف سلفاً أنّ وزير الخارجية في إدارة ترامب سيتعامى عن التهديدات «الإسرائيلية» التي جاءت على لسان الوزير الصهيوني أفيغدور ليبرمان للدولة اللبنانية بما خصّ البلوك رقم 9 النفطي، وبالتالي فإنّ زيارة تيلرسون لن تحمل جديداً إلا بوصفها محاولة أميركية جديدة للتحريض على المقاومة ومحورها.
لكن الإجابة على كلام تيلرسون جاء قبل وصوله عبر إسقاط المقاتلة «الإسرائيلية» قبل أيام، في رسالة مفادها أنّ زمن تفوّق «إسرائيل» في المنطقة انتهى، وسقطت معه أيّ محاولة أميركية لفرض سطوتها سياسياً وعسكرياً، خصوصاً أنّ إسقاط الـ»أف -16» من الجيل الرابع الفائق التطوّر سبقه في العام 2006 إسقاط أسطورة «الميركافا» «الإسرائيلية» التي كانت تعتبر «فخر الصناعة الإسرائيلية» قبل أن تسقط بمرمى الكورنيت في جنوب لبنان. والكلّ يستذكر عبارة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الشهيرة «انظروا إليها تحترق» عندما تمّ استهداف المدمّرة «الإسرائيلية» ساعر بصواريخ المقاومة قبالة الشواطئ اللبنانية، وجاء إسقاط دمشق لـ«الأف 16» استكمالاً لمشهد هزيمة «إسرائيل» العسكرية.
إذاً، بات واضحاً أنّ الإجابة على زيارة تيلرسون وصلت قبل وصول تيلرسون نفسه إلى لبنان وباقي الدول التي تشملها زيارة وزير الخارجية الأميركي. وفي سياق الحديث عن زيارة تيلرسون أيضاً، لا بدّ من الإشارة الى ما ستتضمّنه زيارته إلى أنقرة، حيث تعمل واشنطن على تذليل العقبات مع تركيا والتي تفاقمت على خلفية الدعم الأميركي لفكرة الانفصال الكردي في الشمال السوري والذي سيطال حكماً تركيا بشكل مباشر. وهو ما دفع بأنقرة إلى توطيد علاقتها بروسيا وإيران والذي ربما سيترجم بتحالف ثلاثي من خلال قمة اسطنبول المرتقبة بعد أيام من زيارة تيلرسون الى المنطقة.
ناموس عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي