بعد إسقاط الـ «ف 16»: تغيّر المشهد الميداني والسياسي

حميدي العبدالله

لا شك أنّ إسقاط طائرة الـ «أف 16» وإصابة طائرة أخرى من نوع «أف 15» من قبل الدفاعات الجوية السورية، وما انطوت عليه هذه العملية من دلالات، إنْ لجهة قرار الدولة والجيش السوري بالردّ على الاعتداءات المتكرّرة، أو لجهة تضامن حلفاء سورية معها في حال قرّر العدو تحويل الاعتداءات إلى مواجهة مفتوحة، أو لجهة نوعية الأسلحة التي أسقطت بها الطائرة الإسرائيلية وإصابة أخرى، لا شك أنّ هذا الحدث سيكون له تأثير على المشهد الميداني وعلى المشهد السياسي في سورية، لا سيما أنّ هذا الحدث قد يقود إلى انحسار الاعتداءات الإسرائيلية في المستقبل، لأنّ الاستمرار بالاعتداءات يحمل معه خطر اندلاع مواجهة واسعة بين سورية وحلفائها والعدو الصهيوني وداعميه.

الولايات المتحدة الفاعل الأساسي في المشهد السوري ميدانياً من خلال قواتها الموجودة في مناطق شرق وشمال سورية، إضافةً إلى قيادتها لغرف العمليات التي خاضت الحروب ضدّ الجيش السوري على امتداد السنوات السبع الماضية، وهيمنتها على المشهد السياسي المرتبط بتسوية الأزمة في سورية، الولايات المتحدة التي تحتلّ كلّ هذه المكانة عليها أن تستخلص العبر والدروس مما جرى، فمثلما كان بمقدور وسائل الدفاع الجوي السورية إسقاط الطائرة الإسرائيلية بمقدور وسائل الدفاع هذه أن تسقط طائرات أميركية وتكرار سيناريو ما حدث عام 1983 في لبنان، وتصبح عندها الولايات المتحدة أمام الخيارات الصعبة التي تتحاشاها الآن، أيّ خوض حرب مباشرة مع الجيش السوري وحلفائه الإيرانيين والمقاومة اللبنانية، وربما روسيا.

بديهي بعد هذا التطوّر ستعيد واشنطن تقدير الموقف إزاء المشهد السوري من الناحيتين الميدانية والسياسية.

تتأثر تركيا هي الأخرى بما جرى للطائرات الإسرائيلية، إذ من المعروف أنّ مسؤولاً ميدانياً في سورية قد تحدّث إلى «رويترز» في وقت سابق وأبلغها أنّ الجيش السوري نشر دفاعات جوية في أرياف حلب وإدلب، وكان نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد قد أعلن في وقت سابق محذّراً تركيا من أنّ الدفاعات الجوية السورية باتت جاهزة للتصدّي لأيّ عدوان تركي، لا سيما من قبل الطيران التركي، وإذا كانت هذه التصريحات لم تؤخذ على محمل الجدّ في أنقرة عند إطلاقها، فالواضح أنه بعد إسقاط وإصابة الطائرات الإسرائيلية ستؤخذ على محمل الجدّ، وهذا سيؤثر في المشهد الميداني والسياسي.

الإرهابيون تلقوا رسالة مفادها أنّ الجيش السوري بات من القوة ما يجعله قادراً على الوقوف في وجه الدول التي استقوى بها الإرهاب، وهذا من شأنه أيضاً أن يؤثر على المشهد الميداني، وربما يسرّع في الوصول إلى الحلّ السياسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى