ما نريده من الاستحقاق الانتخابي اللبناني…
زهير فياض
في غمرة التحضيرات للاستحقاق الانتخابي والتي تجري على قدم وساق في لبنان، لا بدّ من طرح جملة من الأسئلة حول أهمية هذا الاستحقاق في هذه المرحلة السياسية الدقيقة من تاريخ لبنان والأمة، وما هي دلالاته ومعانيه؟ وما نريد منه؟
ثمّة مفاهيم وقواعد أساسية يجب أن تكون حاضرة في مقاربة القوى النهضوية للاستحقاق، اذ إننا أمام إشكاليتين أساسيتين:
أولاً: نحن أمام إشكالية نظام طائفي من رأسه الى أخمص قدميه. والسؤال المطروح هو كيف تتمكّن القوى الحية النهضوية من تحقيق خرق في جدار هذا النظام كمقدّمة لولوج باب الإصلاح الحقيقي؟ من أين نبدأ؟ وكيف نبدأ؟ وما هو المرتكز وما هي الآليات؟
طبعاً، هناك حقيقة لا بدّ من أخذها بعين الاعتبار مفادها أنه لا يمكننا عزل معطى الإصلاح وتطوير الأنظمة والقوانين والتشريعات باتجاه بناء الدولة خارج سياقات المرحلة وتحدياتها محلياً وقومياً وإقليمياً ودولياً، فنحن نعيش في منطقة ملتهبة بالصراعات الحادّة وحالات عدم الاستقرار هي الطاغية على كلّ شيء. وهذا معطىً أساسي ومهمّ يعوق انتظام الحياة السياسية الصحيحة ويقف حجر عثرة أمام مسيرة التغيير والإصلاح الحقيقيين… لذا لا بدّ من أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار عند مقاربة إشكالية السلطة والنظام والدولة والإصلاح.
ثانياً: نحن أمام رهان حقيقي أن تتمكّن القوى الحية في المجتمع من خلال مشاركتها في هذا الاستحقاق ترشيحاً وانتخاباً من تثبيت مفهوم جديد للسلطة ينسجم والرؤى الإصلاحية التي تحملها وفي كيفية ممارسة هذه السلطة بما يخدم المشروع النهضوي الإصلاحي وأهدافه الحقيقية والأساسية في تعزيز مفهوم المواطنة، تعزيز مفهوم الانتماء إلى الدولة، وتطوير البعد المواطني المدني للقوانين والتشريعات، وكذلك تعزيز الهوية القومية للكيان، وتقوية الشعور القومي بانتماء لبنان القومي إلى محيطه الطبيعي بما ينسجم وحقائق التاريخ والجغرافيا والمصير القومي الواحد راهناً ومستقبلاً، وتعزيز الخيار المقاوم للدولة في مواجهة الخطر الإسرائيلي المستمرّ.
إذاً، الرهان هو أن نخطو خطوة من خلال هذا الاستحقاق باتجاه تحصين الدولة وتطوير بنيتها القانونية والدستورية والسياسية، كأساس لتحصين المجتمع والإنسان وتعزيز السلم الأهلي المجتمعي، وتحقيق التغيير الإيجابي المنشود على أساس رؤية إصلاحية واضحة المعالم، تنقل لبنان من مفهوم الدولة الطائفية إلى مفهوم دولة المواطن.
هذا الرهان لن ينجح بالتمنيات، بل من خلال إرادة قوية واضحة ومصمّمة، ومن خلال وعي أهمية الدور الملقى على عاتق القوى المتنوّرة في لبنان، ومن خلال الفعل السياسي الذي يُترجم هذه الإرادة وهذا الوعي حقيقة سياسية تحدث الفارق النوعي الذي نسعى إليه…
فهل نربح الرهان؟ سؤال ستجيب عنه الأيام المقبلة بما ستحمله من تطورات وأحداث ستعكس نفسها على كامل المشهد السياسي.
رهان تعوّل عليه القوى الحية في لبنان في ظلّ الحالة السياسية الراهنة المليئة بالإخفاقات المتعدّدة والانحطاط الكبير في مفهوم العمل السياسي وترجماته السلوكية في مقاربة القضايا والملفات!
عميد الثقافة والفنون الجميلة
في الحزب السوري القومي الاجتماعي