رفض المقاومة إخلال صريح بالـ «الطائف»
حسين حمّود
بالرغم من أنّ اتفاق الطائف الذي أُنجز في المملكة العربية السعودية وبرعايته عام 1989، أفرد فقرة خاصة للاحتلال «الإسرائيلي» للبنان عام 1982 وسبل إنهائه بعبارات صريحة، ما تزال السعودية تتجاهل هذا النص، ولا تترك مناسبة إلاّ وتتهجّم فيها على المقاومة لدرجة أنها أدرجت إحدى أبرز قواها على لائحة الإرهاب الخاصة بها، وتشجع أي ضغط دولي ولا سيما أميركي ضدّ هذه المقاومة.
كما أنّها اعتبرت على لسان أحد مسؤوليها أنّ لبنان واللبنانيين أسرى للمقاومة! رغم علمها أنّ الأخيرة أنجزت تحرير لبنان من الاحتلال «الإسرائيلي» من دون أيّ اتفاقات مذلّة ترسّخ سيطرة العدو على القرار اللبناني.
وبالعودة إلى اتفاق الطائف، نقرأ الآتي حول الاحتلال وطرق التصدّي له:
«استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً تتطلّب الآتي:
أ- العمل على تنفيذ القرار 425 وسائر قرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي إزالة شاملة.
ب- التمسك باتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949.
ج- اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً، والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الإسرائيلي ولإتاحة الفرصة لعودة الأمن والاستقرار إلى منطقة الحدود».
هذا النص يُظهر من دون أي لبس، وسائل التحرير وهي
«الإجراءات كافة اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي»، ومن ضمنها طبعاً الإجراءات العسكرية. أما مَن التبس عليه النص لعدم ورود كلمة «مقاومة» صراحةً، فقد بدّدت البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ ما بعد الطائف وحتى الحكومة الحالية، هذا الالتباس باعتمادها طوراً عبارة المقاومة أو الشعب أو اللبنانيين، مستندةً في ذلك إلى اتفاق الطائف، ومنها حكومات الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري، والتي اعتبرت إحدى حكومتي السنيورة أن «المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن الحق الوطني للشعب اللبناني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والأطماع الإسرائيلية، والعمل على استكمال تحرير الأرض اللبنانية». ومعلومة قوة التحالف بين السعودية والحريري والسنيورة.
فإذا كانت الرياض تعلن في كلّ تصريح لمسؤوليها، تمسكها باتفاق الطائف وأنها تريد التعامل مع مؤسسات الدولة اللبنانية من خلاله، لا بدّ، إذن، من الأخذ بكلّ بنود الطائف وليس أجزاء منه وبما يتوافق مع مصالحها وسياساتها وتحالفاتها المستجدّة. ومن ضمن مكونات الدولة اللبنانية، كما ورد في الطائف، منظومة وتشكيلات المقاومة. لا العمل على محاصرتها واتخاذها ذريعة لمعاقبة اللبنانيين في كلّ مرّة يتخذ لبنان قرارات، تراها الرياض غير متلائمة مع توجهاتها السياسية أو الأمنية أو العسكرية.
كما أنّ هذا الأمر ينطبق على حلفاء السعودية في لبنان ممن يطالب باستكمال تطبيق الطائف، بكل بنوده بينما لا يقرأ بند التصدّي لأيّ عدوان «إسرائيلي» بالوسائل اللازمة وتحرير ما تبقى من أراضٍ محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
أما تسيير لبنان وفق أهواء هؤلاء وارتهاناتهم لمحاور معادية للمقاومة، فهو الإخلال بعينه باتفاق الطائف وكلّ البيانات الحكومية التي وُلدت بعد الاتفاق المذكور.