بدر: لم تكن قناعاته العقائدية متراساً يفصله عن الآخرين بل جسر للتواصل والحوار الأعور: آمن بعقيدته وحارب من أجل فلسطين وكان رمزاً لوقفة العزّ التي وقفها مراراً أبو شرف: كنت للجميع سنداً كالجبل… سنديانة شامخة وارفة الظلال لا تعرف الانحناء

أقامت مديرية تورنتو في الحزب السوري القومي الاجتماعي حفل تأبين للأمين الراحل محمود عبد الخالق رئيس الحزب الأسبق والوزير السابق ، بمشاركة جموع من القوميين الاجتماعيين والمواطنين في تورنتو وجوارها.

الحلبي

استهلّ الاحتفال بكلمة لعريف الاحتفال سهيل الحلبي جاء فيها: نلتقي اليوم لنشارك في تأبين رجلٍ نذر حياته للشأن العام، وعرف قيمة الحياة العائلية فكان نموذجياً في تربيته، وعرف قيمة الحياة الحزبية فكان قدوةً في النظام، وعرف قيمة الالتزام الوطني والقومي فكان مرجعاً في العطاء وشعلةً في التضحية.

وتابع: «حمل الراحل راية حزبه وعقيدته في أدقّ الظروف وأكثرها تعقيداً منذ انتمائه في العام 1956 حتى لحظة غيابه عنّا، حيث أمضى إثنين وستين عاماً دون تعب أو كلل، ودون أن ينبهر بالإغراءات والوجاهات والمظاهر، فكان رفيقاً ومديراً ومنفذاً عاماً وعميداً وعضواً في المجلس الأعلى ورئيساً للمجلس الأعلى ورئيساً للحزب ووزيراً، وبقي كما هو في كافة المراحل، بقي محمود عبد الخالق على تواضعه ومحبّتِهِ، بقي الأخ والصديق والرفيق.

وأضاف الحلبي: «أَيُّهَا الأمين الحبيب نفتقد اليوم في تأبينك رجلاً جمع صفات لَمّ الشمل والوحدة، فكنت مثالاً يُقتدى به في عائلته وقريته ومحيطه ووطنه وأمته. أمين محمود يا من كنت مؤتمناً على الأمانة نقول لك: إنّ أمثالك لا ينتهون بمأتم… بل يبقون أحياء في وجدان أهلهم وشعبهم ووطنهم».

كلمة مديرية تورنتو

والقى عضو المجلس القومي فارس بدر كلمة مديرية تورنتو، وقال فيها: من الصعب عليّ وعلى الذين عرفوا الأمين محمود عبد الخالق ان يصدّقوا انّ هذا الرجل قد رحل وغاب، فقد عرفته شخصياً منذ العام 1968 في بيت الطلبة القوميين الاجتماعيين في قلب العاصمة بيروت وتعمّقت علاقتي به منذ ذلك الوقت، فتشاركنا رحلة العمل الطلابي، وشاركنا في الحراك النقابي المدني في بداية السبعينات حتى اغتيال معروف سعد في العام 1975، وتعرّفت أكثر الى محمود عبد الخالق في بدايات الحرب الأهلية عام 1975 وحتى عام 1982 خلال الاجتياح «الاسرائيلي» للبنان، ودخول الصهاينة العاصمة بيروت، حيث انطلقت عمليات المقاومة والتي لعب فيها الحزب السوري القومي الاجتماعي دورا أساسياً».

وتابع: «لقد اتقن محمود عبد الخالق سياسة العضّ على الجرح، وهذه معاناة لا يعرفها إلا أصحابها من أمثاله، فهو مستمع أكثر منه متحدّث، صابر أكثر منه متوتر، ومتسامح لا يعرف الحقد، نادراً ما ينفعل إذا ما كان يصغي لرأي الآخر المخالف.

كان محمود عبد الخالق يعرف الغضب لكنه رفض ان يصادق الحقد، لذلك لم تكن قناعات محمود عبد الخالق العقائدية متراساً يفصله عن الآخرين، بل جسر للتواصل والحوار مع الآخرين، وكان محمود عبد الخالق رجل القواسم المشتركة، لا يحب ان يمحّص كثيراً بالجزء الفارغ من الكأس ويصرف جهوده نقداً وتشهيراً وطعناً، بل كان يفتش في الجزء الممتلئ باحثاً عن الإيجابيات والقواسم المشتركة والجامعة، لذلك استطاع ان يبني في مسيرته شبكة من العلاقات قلّ نظيرها داخل وخارج حزبه.

وأضاف: «عند كلّ مفصل في الأزمات كان الصوت الذي يرجح العقل والمنطق والحوار، فما أحوجنا في غيابك الى أمثالك، ما أحوجنا الى ناس يعضّون على الجرح على خطى الزعيم أنطون سعاده الذي عبّر عن ذلك بقوله «يجب أن أنسى جراح نفسي النازفة لأضمّد جراح أمتي البالغة»، وما أحوجنا الى أشخاص يبحثون عن القواسم المشتركة، وترى في التعدّد والتنوّع وخلاف وجهات النظر قيمة أخلاقية ووطنية علينا جميعاً أن نتحلى بها».

وختم بدر: «في يوم تأبينك أدعو الجميع للسير على خطاك نعضّ على جراحنا إذا كان ذلك يساعد على تضميد جراح شعبنا وأمتنا، ونبحث عن المشترك بيننا لنتوحد على طريق مواجهة التحديات المصيرية التي تواجهنا جميعاً، أيها الأمين على الأمانة التي حملتها تغيب عنا بصمت، غير أنّ ضجيج أخلاقك وشهامتك ومروءتك سيبقى يحفر في قلوبنا ويدقّ على ضمائرنا جميعاً، وأخاطبك بكلماتك يوم تشييع الاستشهادي وجدي الصايغ بأنّ أجسادكم التي يغمرها تراب الوطن، فيها من الكرامة والشهادة أكثر بكثير، من أجساد تتمشى على رصيف هذا الوطن».

كلمة البيت الدرزي

وألقى وليد الأعور كلمة البيت الدرزي استهلها مشيراً الى الخصال والصفات التي تحلى بها الراحل أبو رائد محمود عبد الخالق الذي كان هامة راقية في سيرة حياته المليئة بالمحبة والنضال، وسمو الأخلاق وإعلاء كلمة الحق، فتنحني الكلمة إجلالاً ويصعب التعبير، حيث واجه كلّ التحديات بالصبر والإيمان والثبات على مواقفه التي لم تتغيّر يوماً».

وأضاف: «آمن بعقيدته وأمته ونضالها وأخلاقياتها وبالأمن والوحدة والاستقرار، عمل من أجل حرية وكرامة المواطن والامة، آمن بحق المقاومة وثقافتها، وبالحوار والتواصل والتنوّع، كما آمن بأنّ الدين لله والوطن للجميع، حارب من أجل فلسطين، وكان رمزاً لوقفة العزّ التي وقفها مراراً وتكراراً مُكرّساً شعار «إنّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ»، كما كان رمزاً في الحفاظ على وحدة الحياة والسلم الأهلي».

وتابع الأعور: «الأمين محمود كان أميناً على حزبه وعقيدته وأمّته ووطنه ووزارته في أصعب الظروف السياسية، كما كان محمود الصفات والمسيرة، وتجلى ذلك في المأتم الذي أقيم له في الوطن حيث كان لقاء وطنياً بامتياز، شاركت فيه جميع القوى الوطنية والأحزاب والتيارات والفاعليات ورجال الدين.

ولفت الأعور الى أنّ الراحل آمن بقول أنطون سعاده الذي دعا الى ممارسة البطولة وعدم الخوف من الفشل، وهؤ آمن أيضاً بأنّ الحرب ليست فقط عبر البندقية بل من خلال قول كلمة الحق فالرئيس والأمين الراحل آمن وعمل بالحق، وتكلم وحفظ الاسرار بالحق، وناضل بالحق، كما أمضى القسم الوفير من حياته كفاحا وعطاء وكرماً في سبيل أمته ووطنه وعائلته ورفقائه».

وختم الأعور كلمته مقدّماً التعازي باسمه وباسم الجمعية الدرزية الكندية الى أهل الفقيد وخاصة الى عائلتي عبد الخالق وأبو شرف.

كلمة أهل الفقيد

وفي الختام ألقت ابتسام أبو شرف كلمة أهل الفقيد، وجاء فيها: الحياة رحلة، والعمر محطات. رحل الأمين وترك الأمانة، أبا رائد شمسك لن تغيب.

بهذه الكلمات المعبِّرة عن حضورك البهي على مدى حياتك العابِقة بالعطاء ودَّعك الأهل والأقارب والرفقاء.

خالي الحبيب الأمين محمود عبد الخالق، رحيلك كان فاجعة كبيرة، لن ننسى وقع هولها على مرِّ الزمن، الذي استوطنته بعدك المرارة.

رحلتَ بصمت مؤلم، وكان رحيلك زلزالاً عصف بأهلك ورفقائك ومحبيك، اختطفك الموت وهو أشدّ الحقائق وجعاً، خطوت بسرعة مودعاً حشداً كان لائقاً بكبر المصيبة.

وتابعت: «أيها الأمين المؤتمن على صدق انتمائك، كم عانيت وصبرت وتحمّلت من أجل حزب بذلت حياتك في النضال للحفاظ على موقعه، وكم تجرّعت كأس المرارة لاستعادة وحدته في كلّ المراحل التي عانى فيها أبناء النهضة من التشرذم والتمزق، بصدرك الرحب تحمّلت أوجاع رفقائك، فاستمعت لشكواهم، وبدّدت هواجسهم.

أيها القريب من الناس، ماذا نقول عن حال القريب، تبكيك الأرض التي من أجلها صارعت وانتميت، تبكيك الأعين بحرقة، ويترحم عليك من عرفك ومن لا يعرفك، خسرتك عائلتك الصغرى: أولادك الذين افتقدوا الأب الحنون، وأخواتك سيشتقن للأخ العطوف، أما أنا فقد خسرت بخسارتك الخال المحب الحنون، الأمين المرشد القائد الصديق والرفيق القدوة، وكنت للجميع سنداً كالجبل.. سنديانة شامخة وارفة الظلال، لا تعرف الإنحناء».

وأضافت أبو شرف: «التزمتَ صفوف النهضة في الثامنة عشر من عمرك، رحل والدك عن هذه الدنيا وأنت في الرابعة والعشرين، فكنت المعيل الوحيد لوالدتك وأخاً وحيداً لشقيقاتك الأربع، مثال الأب والأخ لهن، علَّمْتَهُنَّ ورَبَيْتَهُنَّ تربية قومية اجتماعية وزَوَّجْتَهُنَّ لرجال من النهضة، فدوى أرملة المرحوم شفيق أبو شرف، الرفيقة شمس أرملة المرحوم توفيق عبد الخالق، الرفيقة نجاة أرملة الرفيق المرحوم كميل عبد الخالق، والرفيقة نجوى زوجة الرفيق نبيه عبد الخالق، وهكذا اتخذت من الحزب السوري القومي الاجتماعي شعاراً لبيتك وعائلتك، وعوائل كلّ من حولك».

وقالت أبو شرف: «خلال سنوات نضالك تذوّقت مرارة السجن مطلع الستينات على مدى أربع سنوات من ريعان شبابك بعد المحاولة الانقلابية، وبعد خروجك لم تستكن أو تَمَلَّ من النضال فأنت المدير والمنفذ والعميد ورئيس السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى الرغم من عبء المسؤوليات لم تنس حقك من الحياة فاقترَنْتَ بمن أحببت، الراحلة لبيبة عبد الخالق التي تحمّلت معك مسؤوليات نضالية عديدة في سنوات الحرب دفاعاً عن وحدة لبنان وأهله، وأنجبتما ثلاثة أولاد الرفيق رائد، زينة وعبير، وربَّيتوهُم كما يليق بأبناء الحياة تربية أولادهم، وكنت دائماً المنصف بين حياتك العائلية والزوجية والحزبية، وعلى الرغم من عبء المسؤوليات، لم نسمع منك يوماً شكوى أو تأففاً.

يوم غدر المرض الخبيث بزوجتك الحبيبة ورحلت عن هذه الدنيا منذ إحدى عشرة سنة وتركتك تتعارك مع الحياة وقساوتها، تابعت حياتك مع أولادك أباً وأماً، ولم تنس نصيب أخواتك وأولادهن من الرعاية والاهتمام، بيتك وقلبك مفتوحان دائماً للقريب والبعيد، لم تتأخر يوماً عن واجبك تجاه عائلتك وعقيدتك.

واليوم أقول لك وداعاً يا خالي الحبيب يا حضرة الأمين يا معالي الوزير، يا من اتخذت من المناصب موقعاً للمسؤولية، تمارسها بتواضع ودماثة يحبك ويحترمك وتحب وتحترم الصغار والكبار والمسنّين، ومن كان يحمل هذه الصفات الحميدة المشَرِّفة يصَعِّبُ على أهله وأحبّائه لحظة الفراق.

وختمت أبو شرف: «نم قرير العين وكن مطمئنّ البال لأننا سنكمل الطريق التي سلكتها بحب وإخلاص.

باسمي وباسم والدتي وأخي أكرم أبو شرف وجميع إخوتي وأخواتي، وباسم عائلة عبد الخالق وأهالي مجدلبعنا والجبل، أتقدّم بخالص الشكر والتحية لكلّ من واسانا ووقف بجانبنا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى