قرار مجلس الأمن حول الهدنة: حملة علاقات عامة حتى الآن

حميدي العبدالله

هل يؤدي قرر مجلس الأمن رقم 2401 حول وقف الأعمال القتالية إلى هدنة تستمر ثلاثين يوماً؟

هذا السؤال طرحه الكثيرون بعد توصل مجلس الأمن إلى إجماع على هذا القرار وفي ضوء نتائج قرارات صدرت عن المجلس حول سورية وظلت حبراً على ورق طيلة أمد الحرب التي شنت على سورية.

من الواضح أن القرار كان حصيلة مفاوضات شاقة جرت على أعلى المستويات بين الجهات المعنية، ولاسيما بين روسيا والدول الغربية، شارك فيها رؤساء روسيا وفرنسا والمستشارة الألمانية، وبالتالي كانت فقرات القرار عبارة عن تسوية بين ما تريده الولايات المتحدة الأميركية عبر السويد والكويت، الدولتان اللتان قدمتا مشروع القرار إلى مجلس الأمن، وبين روسيا، وهذه التسوية دفعت القيمين على صياغة القرار إلى تضمينه ما يرضي جميع الأطراف، أي الولايات المتحدة وحلفاءها من جهة، وروسيا من جهة أخرى، لذلك انطوى القرار على كم من التناقضات تجعل من المستحيل وضعه موضع التطبيق، وتأتي الاستحالة من ما يأتي:

أولاً، القرار يدعو من جهة إلى وقف العمليات العدائية على كل الأراضي السورية، وفي الوقت ذاته يستثني من وقف العمليات القتالية الجماعات الإرهابية، إذ تنص الفقرة 2 من القرار على ما يلي «يؤكد مجلس الأمن أن وقف الأعمال العدائية لا ينطبق على العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، وجبهة النصرة، والكيانات المرتبطة بالقاعدة أو داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية كما حددها مجلس الأمن». بديهي أن هذا يعني استمرار القتال في كل مناطق سيطرة المسلحين في الغوطة الشرقية وفي مخيم اليرموك والحجر الأسود، وفي إدلب وحتى في محافظة درعا لأن جبهة النصرة تنتشر في كل هذه المناطق، فكيف يمكن التوفيق بين وقف الأعمال العدائية في كل سورية، طالما أن مواقع النصرة وتنظيمات القاعدة متداخلة مع التنظيمات الأخرى؟.

ثانياً، الفقرة الأولى، من القرار تدعو إلى وقف يشمل كل الأراضي السورية، بما في ذلك الغزو التركي لمنطقة عفرين، فهل تركيا مستعدة للالتزام بذلك، وإذا لم تلتزم، فهل تقبل سورية وحدها الالتزام بمنطوق القرار حرفياً؟

ثالثاً، يتحدث قرار مجلس الأمن 2401 عن «كفالة التنفيذ الكامل والشامل» لطلب وقف العمليات من جميع الأطراف، فهل هذا ممكن، ومن يلزم داعش ويكفلها في اليرموك والحجر الأسود، والأمر ذاته ينطبق على كل بقعة تتواجد فيها جبهة النصرة وتنظيمات القاعدة الأخرى.

من الواضح أن قرار مجلس الأمن حول الهدنة ينطوي على تناقضات تجعل تنفيذه من رابع المستحيلات، وبالتالي يمكن الاستنتاج أن قرار مجلس الأمن الجديد هو أقرب إلى أن يكون حملة علاقات عامة منه إلى أي شيء آخر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى