بوتين يرسم معادلة هدنة الغوطة: 5 ساعات… والمواجهة حتى… خروج المسلحين أو المدنيين العلولا لمصالحة الحريري مع جماعة السبهان… ودعوة للسعودية يتقرّر فيها تمويل الانتخابات

كتب المحرّر السياسي

في اليوم الثالث لقرار مجلس الأمن الدولي بإعلان وقف للنار في سورية بدأت تتوضّح معالم الهدنة الأممية، التي تصدّرت موسكو واجهة القوى التي ترسم لها خريطة الطريق وتحدّد خطواتها الإجرائية، حيث أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس التركي رجب أردوغان أنّ وقف النار في الغوطة يتوقف على وقف النار في عفرين التي شملها القرار الأممي خلافاً للكلام التركي، وكان ماكرون قد تحادث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبيل اتصاله بأردوغان، بينما حرص بوتين على تحديد معادلة الهدنة بوقف الغارات الجوية الروسية السورية لخمس ساعات يومياً بين الساعة التاسعة صباحاً والساعة الثانية بعد الظهر، مع تأمين ممرات آمنة لخروج المدنيين، بعدما رفض المسلحون الخروج، والمعادلة لإنقاذ المدنيين هي بأن يخرج أحد الفريقين من الغوطة، المسلحون أو المدنيون، بينما بدت الجماعات المسلحة بلسان محمد علوش الذي يمثل القوة الأهمّ فيها مستعدّة بعد مماطلة سنوات لإخراج جماعة النصرة لضمان تحييدها من الاستهداف، وكان علوش قد دعا النصرة للخروج مهدّداً بخيار آخر، قائلاً كلّ الاحتمالات واردة ما لم يستجيبوا لطلب الخروج، وهو ما سبق وتعهّد به علوش في أستانة بضمانة تركية منذ سنة وشهرين ولم يُنفّذ منه شيء.

لبنانياً، رغم تواصل العمل لإقرار الموازنة العامة في اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء في سباق مع الأسبوع الأول من الشهر المقبل، احتلت زيارة المبعوث السعودي نزار العلولا واجهة الأحداث، لتبدو زياراته الرسمية بروتوكولية، ومهمته محدّدة بحلفاء السعودية، خصوصاً بإنجاز مصالحة رئيس الحكومة سعد الحريري، مع فريق الوزير السعودي ثامر السبهان الذي تحاول الرياض تحميله مسؤولية احتجاز الحريري والأزمة التي ترتّبت على ذلك. ويتهم الحريري السبهان وفريقه اللبناني الذي يمثله ثلاثي القوات اللبنانية وحزب الكتائب والأمانة العامة للرابع عشر من آذار، وفيما أعلن الحريري تلقيه دعوة لزيارة السعودية ونيته تلبيتها، قالت مصادر متابعة إنّ العلولا اتفق مع الحريري على مناقشة الملف الانتخابي في الرياض ومن ضمنه الاستعداد السعودي لتمويل الانتخابات، حيث تربط السعودية مشاركتها بوحدة قوى الرابع عشر من آذار، والسعي لتشكيل أغلبية بوجه حزب الله، أو على الأقلّ منع تشكيل أغلبية من حول الحزب، بينما يسعى الحريري لإقناع السعودية بأولوية الحرص على العودة لرئاسة الحكومة ضمن مفهوم الشراكة التوافقية باعتبار الرهان على مواجهة حزب الله بلعبة الأغلبية غير مجدية.

ووفقاً لهذا المفهوم الهادف للحفاظ على رئاسة الحكم يقدّم الحريري للمسؤولين السعوديين مقاربته بالتحالف مع التيار الوطني الحر مستبعداً فرص التفاهم مع القوات اللبنانية والكتائب وباقي جماعة الرابع عشر من آذار، مفضلاً التحالف مع فريقَي النائب وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية، بدلاً من فريق السبهان، والتباين كان موضوع لقاء مطوّل جمع الوفد السعودي بالقوات اللبنانية على مأدبة عشاء أقامها رئيسها سمير جعجع على شرف ضيوفه، ولم يُخفِ جعجع بحضور الوفد السعودي حجم التباين مع الحريري، والمصاعب التي تحول دون عودة التحالف والتفاهم الانتخابي.

جديد «المملكة»: رسالة دعمٍ ودعوة

في وقتٍ تنهمك القوى والأحزاب السياسية بالاعلان عن مرشحيها للانتخابات النيابية لا سيما تيار المستقبل و«القوات اللبنانية»، حطّ الموفد السعودي الخاص الى لبنان السفير نزار العلولا في بيروت حاملاً في جعبته جديد «المملكة»: رسالة شفهية الى رئيس الجمهورية تتضمن دعماً للبنان ودعوة لرئيس الحكومة لزيارة السعودية.

ورغم قلة الكلام السياسي للدبلوماسي السعودي في المقار الرئاسية التي زارها والاكتفاء بالحديث الرسمي تحت عنوان إعادة العلاقات بين لبنان والمملكة الى طبيعتها، غير أن زيارته الى معراب كانت لافتة في الشكل والتوقيت والمضمون، حيث التقى رئيس «القوات» سمير جعجع يرافقه السفير السعودي لدى لبنان وليد اليعقوب والوزير المفوض في الديوان الملكي وليد البخاري، بحضور وزير الإعلام ملحم الرياشي والنائبة ستريدا جعجع، واستمر اللقاء حتى منتصف الليل تخللته مأدبة عشاء وكان الملف الانتخابي الطبق الأبرز، بحسب المعلومات المتوافرة، حيث تعتبر السعودية جعجع رأس حربة أي مشروع تريد تنفيذه في لبنان لمواجهة حزب الله سياسياً وانتخابياً واعلامياً، وهذا ما أثبتته وقائع أزمة الرئيس سعد الحريري، حيث وقف رئيس «القوات» في المقدمة لمواجهة الحريري وعائلته وأيّد استقالته منذ اللحظة الأولى، وقد استطلعت السعودية من جعجع إمكانية توحيد 14 آذار في لوائح انتخابية لمواجهة فريق المقاومة وهذا يبدأ من عقد لقاء بين الحريري وجعجع والاتفاق على رؤية موحّدة لخوض الانتخابات. وخرج جعجع من اللقاء ليتحدث الى الإعلاميين قبل أن يعود ليستكمله مع ضيوفه، وأشار الى أن «المحادثات كانت مباشرة، وطالت المشاكل الرئيسية التي يعاني منها لبنان»، وقال: «بحثنا في المشاكل الاساسية التي تواجه لبنان وقد طرحت موضوع الحدود البحرية، وما طرحه رئيس الجمهورية ميشال عون طرح منطقي، ولا حلّ غير هذا الحل ولا مانع في الحرب إذا كانت تعيد نفطنا، ولكنها تطيّر النفط».

وقد أظهر حديث جعجع عمق الفجوة بين «المستقبل» و«القوات» بإشارته الى أن الحد الأدنى من التوافق السياسي لم يتوفر بين الطرفين قبل 14 شباط الماضي وهذا هو سبب غيابي عن هذه المناسبة، متسائلاً عن الأسس لعودة التحالف مع المستقبل؟

وقد أشفى جعجع غليل السعودية التي تلقت هزائم متتالية على الساحة السورية كان آخرها في الغوطة، منتقداً النظام السوري في ما يحصل في الغوطة، ما يشكل خرقاً جديداً للنأي بالنفس وتدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية السورية، حيث تساءلت مصادر: هل يقايض جعجع المواقف السياسية المؤيدة للسعودية بالمال الانتخابي؟

وقالت مصادر دبلوماسية لـ «البناء» إن «السعودية شعرت بأنها تخسر حضورها في في لبنان بعد العلاقة المتوترة بين البلدين إثر أزمة احتجاز الحريري، فأرادت استعادة هذا الحضور والدور من خلال إحياء العلاقة الماضية، وعبرت عن دعمها للدولة اللبنانية وللحكومة والرئيس الحريري شخصياً بعكس السياسة السابقة التي وصلت حد استعداء لبنان وحكومته وإطلاق التهديدات ضده»، لكن المصادر أشارت الى أن «توقيت الزيارة بالتأكيد له علاقة بالانتخابات النيابية ويحمل محاولة سعودية لاعادة لملمة فريقها السياسي لا سيما القوات والمستقبل قبل الانتخابات». ورجحت المصادر مشاركة السعودية ودول الخليج في مؤتمرات دعم لبنان والزيارة تعبّر عن إشارة إيجابية في هذا المجال بعد أن تراجعت في وقت سابق عن دعم لبنان، «لكن المملكة تريد من لبنان أن لا يقترب من السياسة الإيرانية أكثر من محيطه العربي. وهذا ما تطلبه ايضاً الولايات المتحدة وفرنسا والدول الغربية».

واستبعدت المصادر أن تتكرر الأزمة بين لبنان والسعودية لأن «الزيارة تعكس مقاربة سعودية جديدة للعلاقة مع لبنان مع التفهم لواقعه ونظامه السياسي»، معتبرة أن الزيارة «تشكل الخطوة الاولى في مسار تصحيح العلاقة بين الدولتين وإعادتها الى طبيعتها».

ونقل الموفد الملكي السعودي رسالة شفهية من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الى الرئيس ميشال عون تؤكد دعم سيادة لبنان واستقراره ومتانة العلاقات اللبنانية – السعودية. وأكد عون لضيفه رغبة لبنان في إقامة أفضل العلاقات مع السعودية منوهاً بوقوف المملكة الى جانب لبنان.

وفي السراي الحكومي وجه الموفد السعودي دعوة للحريري لزيارة السعودية وعد الأخير بتلبيتها، وأشار رئيس الحكومة إلى أنّ «المحادثات مع العلولا كانت ممتازة وسألبي الدعوة إلى السعودية في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى أنّ «هدف السعودية كان أن يكون لبنان سيّد نفسه، كما الحفاظ على الاستقرار فيه ونريد أن نرى كيف سيكون التعاون بموضوع المؤتمرات»، لافتاً إلى «أنّنا لم نتطرق مع العلولا إلى مسألة التحالفات الانتخابية».

وشدّد الحريري في دردشة مع الإعلاميين بعد اللقاء على أنّ « قانون الانتخابات ميزته أنّه يبيّن حجم الشخص، ويعمل أكثر مع الناس وقريباً إعلان أسماء المرشحين». ولفت الى أنّه «لا يمكننا الإكمال بهذا الشكل من الصرف، والبلد بحاجة إلى إصلاحات»، منوّهاً إلى «أنّنا نحاول الوصول إلى التواريخ المحدّدة للموازنة ويجب تخفيضها وعلينا إرسال إشارات إيجابية قبل المؤتمرات»، مبيّناً أنّ «تخفيض 20 في المئة من الموازنات للوزارات أمر أساسي ومهمّ».

جلسة للجنة الموازنة

وعقدت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع الموازنة جلسة أمس، في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة، استمرّت حوالي ثلاث ساعات، استكملت خلالها دراسة بنود الموازنة وموازنة الوزارات على أن تستمكل اللجنة النقاش اليوم في جلسة أخرى، وسجل عدد من الوزراء اعتراضهم على تخفيض اعتمادات وزاراتهم، لا سيما وزيري الصحة غسان حاصباني والأشغال يوسف فنيانوس، الى جانب إصرار وزراء التيار الوطني الحر على ادخال الاصلاحات التي يطالب بها في مشروع الموازنة، لكن مصادر مطلعة تساءلت: هل رفع فاتورة الكهرباء ذريعة جديدة لتمرير الموازنة بأرقامها الحالية؟ من خلال ربط نزاع بين الموازنة وإيراداتها الكهربائية المرتبطة بدورها برفع ساعات التغذية في مختلف المناطق اللبنانية الذي يتأمن من أمرين: إما تمرير مناقصة استئجار البواخر التي رفضتها هيئة ادارة المناقصات ونقضها ديوان المحاسبة، وإما بناء معامل لتوليد الطاقة. والخياران يحتاجان الى مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، فهل سيتم تمرير الموازنة بعجزها الحالي دون تحديد دقيق لإيراداتها ونفقاتها؟

وأوضح وزير المال علي حسن خليل ، في تصريح عقب انتهاء الجلسة «أنّني وضعت الوزراء أمام خطورة الإبقاء على أرقام الموازنة، والحاجة إلى مقاربة مختلفة تماماً تجعل نسبة العجز قريبة ممّا كانت عليه في العام الماضي، وأن تبقى نسبة الدين والعجز إلى الناتج المحلي كما كانت عليه في العام الماضي أيضاً، خاصّةً أنّ الأرقام القائمة حاليّاً فيها زيادة بشكل كبير». وبيّن أنّ «الصعوبات موجودة في أكثر من مكان، وهي في الأمور البنيوية التقليدية الحاصلة. ولكن حتّى الآن لم ندخل في موازنات الوزارات، تركنا هذا الأمر إلى الغد، واليوم تركّز البحث حول الأرقام العامة».

«التيار الحر» و«المستقبل» إلى التحالف

على صعيد آخر، تستمرّ اللقاءات بين القوى السياسية لحسم الترشيحات والتحالفات، وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن «المفاوضات بين التيار والمستقبل توصّلت إلى تأليف لوائح مشتركة في دوائر عدة لا سيما في عكار و بشري زغرتا الكورة البترون وفي زحلة والأشرفية. وأن الأمر لم يُحسم في دائرة الشوف عاليه، كما لم يُحسم في طرابلس المنية الضنية».

وإذ علمت «البناء» أن «رئيس التيار جبران باسيل ابلغ قيادة التيار بأننا ذاهبون الى تحالف انتخابي واسع مع المستقبل والتحضير للمعركة الانتخابية على هذا الأساس، أكدت مصادر «التيار» لـ «البناء» أن «التيار الحر سيتحالف بشكل أساس مع المستقبل في معظم الدوائر، لكن المشهد سيكون معاكساً مع القوات حيث المفاوضات لم تفضِ الى اي نتيجة والتباعد بينهما سيد الموقف باستثناء بعض الدوائر الذي يجعل كل منهما يحتاج للآخر، لكن قاعدة التحالفات، وفق المصادر هي مَن يؤمن للتيار مقاعد أكثر بعيداً عن الخيارات والتحالفات السياسية».

وأوضحت أن «القانون الحالي يفرض على التيار الحر وحزب الله المتحالفين استراتيجياً الانفصال الانتخابي، لكي يؤمنا حاصلاً انتخابياً أكبر»، ولفتت الى أن «التيار سيخسر في بعض الدوائر ويفوز في أخرى، لكن ما سيحصل عليه من مقاعد في كل الدوائر لن يتعدّى حجم كتلته النيابية الحالية».

وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى أن « السعودية و اميركا والاروبيين يسألون عن الحصة التي سيأخذها حزب الله في الانتخابات النيابية، وهل هناك إجراءات لإضعاف وجود حزب الله في الانتخابات وفي البرلمان، لأنهم يعتقدون انهم بذلك يسدّدون ضربة للمقاومة وينعشون مَن يعمل معهم ويتبع آراءهم. وأنا أقول لهم لا تتعبوا انفسكم لأنكم لستم قادرين على تغيير معادلة الانتخابات. وهذه الانتخابات ستظهر حجم كل جهة سياسية، والصوت التفضيلي سيعطي كل جهة او مرشح حصته، ولنا رصيدنا وسنحصل على هذا الرصيد، ونحن مقتنعون أننا لا نريد إلا رصيدنا ولا نطمع بأرصدة الآخرين». وأوضح قاسم خلال اطلاق الماكينة الانتخابية لحزب الله في منطقة جبل لبنان والشمال، أن «هذه الانتخابات تجري في ظل أوضاع خاصة في المنطقة والحلول السياسية متأخرة الى سنة أو أكثر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى