بولادة سعاده ولد الفكر والحزب المقاوم..

هشام الخوري حنا

في الأول من آذار… تفتّحت براعم الربيع… وانطلقت من وراء قمم الفوضى قوة النظام… فانبثق الفجر من الليل والحركة من الجمود وغدونا أمة بعد أن كنا قطعاناً طائفية وإقطاعية وإثنية ومذهبية… قطعاناً مقسّمة مشرذمة تائهة… لا هوية وطنية جامعة لها… قطعاناً مغمورة في مستنقعات التخلف والجهل والتشرذم والضياع…

وحده فتى آذار… فتى الربيع… أنطون سعاده… أول من وعى المخاطر التي تهدّد الأمة وتنخر جسمها حتى العظم… وحده سعاده إبن الشوير… اكتشف الداء ووصف الدواء، وحدّد هويتنا القومية بأننا سوريون وسورية أمة تامة… وعمل على بعث نهضة قومية اجتماعية ثقافية سياسية لرفع الأمة إلى قنن الخلود والمجد… ولبناء مجتمع يقوم على أسُس متينة صلبة… مجتمع قوامه الحرية والواجب والنظام والقوة، فجمع كيانات الأمة من بلاد الرافدين إلى لبنان إلى دمشق إلى فلسطين إلى الأردن، بوحدة أبعد وأوثق من وحدة التاريخ والجغرافيا… هي وحدة الحياة، فأراد أن يحيا الفرد في مجتمعه برفاهية وعزة وكرامة، لا أن يتزلف على أبواب السفارات، ليرحل عن أهله ووطنه في هجرة طويلة الأمد وغربة تسلخه عن وطنه الأم، في رحلة لامتناهية.

إنه أنطون سعاده فتى الأول من آذار هادي الأجيال قائد الأحرار ملهم الثوار… المقاوم من أجل حرية أمته وسيادتها واستقلالها، القدوة في الوطنية الذي داس، وهو طالب، علم الاحتلال العثماني تحت أقدامه…

سعاده المؤمن بمقدرات أبناء شعبه، وبتاريخ أمته الحضاري الثقافي، فحمل في وجدانه راية التحرير، قولاً وفعلاً، فأعلن أنّ وعد بلفور هو وعد سياسي وليس وعداً حقوقياً… رفض رفضاً قاطعاًً اتفاقية سايكس بيكو وأعلن أنّ اليهود هم أعداؤنا في الدين والدنيا… وكي لا تبقى أفكاره كتباً تعرض على الرفوف في المكتبات يمحوها الغبار وعاديات الزمان… فأسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي، كحركة نضالية ثورية مقاومة… كحركة صراع بالمبادئ التي وضعها وحتى بالدماء الحارة… كلّ ذلك من أجل حياة الأمة ونهضتها من كبوتها، وذلها الموروث من الاحتلالات المتعاقبة على مدى الأزمان… إنه سعاده… المقاوم الأول الذي وضع أول فكر مقاوم، ومؤسِّس أول حزب مقاوم في هذا المشرق…

إنه سعاده العظيم الذي أراد من المؤمنين به أن يحوّلوا الاحتفال بولادته احتفالاً بعيد الأمة… أمة ظنّ أعداؤها أنها قضت وماتت إلى الأبد… أمة أزهرت مع ولادة سعاده الذي أراد لها حياة مجيدة فتكللت بالأمل والنهوض، فخطّ لها الطريق لتسلك الصراط المستقيم وتتبوأ مكانة مشرِّفة بين أمم العالم…

فيا زعيمنا في يوم ولادتك نحييك… نحيي روحك الطاهرة… نحيي مواقفك السامية التي أضحَت أمثولة للرجولة ومواقف العز…

فكم هي الأمة بحاجة إليك اليوم…

إلى فكرك… إلى عقيدتك… كم هي بحاجة إلى تعاليمك… يا سابق الزمن… يا صوتاً هادراً… لم تسكته عاديات الزمان… فأنت الضوء وستبقى لنا الضوء في ظلمات الجهل والتخلف… والأمل في عتمة الضعف والخمول… وستبقى الزعيم والقائد، والفيلسوف المبدع، والمعلم الملهم… نناجيك أن تشدنا إليك أكثر فأكثر… أن تعضدنا أكثر فأكثر في حزبك… أن ننبذ التقسيم والشرذمة، أن نتوحّد في عقيدتك… وأن نمضي من أجل انتصار عقيدتك وحزبك… أن لا نخاف من المجهول، ونمضي نحو المستقبل المضيء مستقبل العزة والكرامة… بهتافات صادحة دائماً وأبداً… لتحي سورية ويحيا سعاده…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى