اليمين الإيطالي يسعى لتجاوز خلافاته وإظهار جبهة موحّدة قبل الانتخابات
عقد تحالف اليمين واليمين المتطرف الإيطالي الذي يتصدر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التشريعية الأحد، اجتماعه الموحّد الأول والأخير أمس، سعياً لـ «تجاوز خلافاته الداخلية الكثيرة».
ولم يسبق لسيلفيو برلوسكوني رئيس «فورزا إيطاليا» من وسط اليمين وماتيو سالفيني رئيس «الرابطة» اليمينية المتطرفة وجورجيا ميلوني رئيسة «فراتيلي ديتاليا» اليميني المتطرّف، أن ظهروا علناً معاً طوال الحملة الانتخابية.
بعدما دُعي كل منهم عبثاً إلى تجمعات الآخرين الانتخابية، والتقى القادة الثلاثة في نهاية الأمر لـ «عقد مؤتمر صحافي مشترك وسط روما» بعيداً عن اللقاءات الحاشدة وعن رايات الحركات الثلاث.
وإن كان تحالف اليمين واليمين المتطرف ما زال يواجه تحدياً مشتركاً هو الحصول على غالبية مطلقة في مجلسي البرلمان، وهو ما يعتبر في غاية الصعوبة نظراً إلى «النظام الانتخابي الإيطالي الذي يمزج بين النسبية والغالبية»، فهو يواجه كذلك عقبة أخرى هي التنافس بين الأحزاب الثلاثة.
فيسعى كل من فورزا إيطاليا والرابطة اللذين يتصدران التحالف بحسب استطلاعات الرأي، لـ «تجاوز الآخر في نتائج الانتخابات ليتمكن من الفوز برئاسة الحكومة»، فيما يحاول حزب فراتيلي ديتاليا الذي يعتنق أفكاراً قومية لا تجمع تأييداً واسعاً كحليفيه، لـ»تثبيت موقعه في صفوف التيارات المعادية لأوروبا وللهجرة».
ومنذ بدء الحملة، كشف هذا التحالف الموضوعي عن شقاقات داخلية بين خط برلوسكوني الأكثر اعتدالاً وتأييداً لأوروبا، وسياسة سالفيني وميلوني الأكثر ميلاً إلى اليمين ومعارضة لبروكسل.
فيما توجّهت ميلوني أول أمس، إلى بودابست لـ «إجراء محادثات مع رئيس الوزراء المحافظ المتطرف فيكتور أوربان».
ولكل من القادة الثلاثة مواقف مختلفة في مواضيع شتى، سواء اليورو أو المشروع الأوروبي أو الضرائب أو إصلاح نظام التقاعد، وظهر هذا الاختلاف مؤخراً بشأن العلاقات مع حركة الفاشيين الجدد «كاسا باوند» التي أيدت تشكيل حكومة بقيادة ماتيو سالفيني.
إلا أنّ الأحزاب الثلاثة تؤيد «فرض ضريبة ثابتة على العائدات، ووقف حركة وصول المهاجرين وإبعاد مئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين وإصلاح نظام التقاعد».
وإن كان سالفيني أبدى «استعداده للقاء جميع» القادة السياسيين الإيطاليين، فإن برلوسكوني أكد أنّ «التحالف لا يمتّ بصلة في شيء إلى كاسا باوند وبرنامجها، لا قبل الانتخابات ولا بعدها».
وإن كان القانون الانتخابي الجديد الذي يشجع التكتلات أرغم أحزاب اليمين واليمين المتطرف على التحالف، فقد نجحت في إيجاد اتفاق بالحد الأدنى بينها ضمن برنامج لا يزال غامض المعالم.
وبحسب مرصد الحسابات العامة الإيطالية في جامعة كاتوليكا، فإن «كلفة هذه الوعود الانتخابية تقارب 136 مليار يورو»، فيما يقدّرها الخبير الاقتصادي روبرتو بيروتي من جامعة بوتشوني «ما بين 171 و310 مليار يورو».
وفي وقت أظهر القادة الثلاثة «جبهة موحدة» للمرة الأولى والأخيرة أمس، تعرض حركة النجوم الخمس الشعبوية من جانبها «الفريق الحكومي» الذي تعتزم تشكيله في حال فوزها في الانتخابات.
وهي خطوة غير معهودة في إيطاليا، وتأتي استجابة لدعوة الحركة الاحتجاجية والمعادية لمؤسسات الحكم الحالية إلى الالتزام بالشفافية.
غير أنّ فرص هذه الحكومة في تولي زمام البلاد فعلياً تبقى ضئيلة، إذ من المستبعد حصول الحركة وحدها على غالبية مطلقة من الأصوات. وفي حال إحرازها غالبية نسبية، سيترتب عليها عقد تحالفات مع أحزاب أخرى، وهو ما رفضته حتى الآن.
وأعلن رئيس الحكومة باولو جنتيلوني العضو في الحزب الديموقراطي وسط يسار «أننا في وسط مهرجان سريالي من الطروحات الغريبة العجيبة، وللمرة الأولى هناك حكومة ظل تقدم قبل الانتخابات حتى».
وبعد حملة شهدت بـ «انتظام مواجهات بين قوات الأمن وناشطين من اليسار المتطرف احتجاجاً على تجمعات من أقصى اليمين»، تتجه الأنظار من جديد إلى روما اليوم مع احتمال قيام متظاهرين ضدّ اليمين ببلبلة التجمع الختامي لحملة كاسا باوند.