الأسد لأنصاري: نرفض التدخلات الخارجية في شؤون سورية.. موسكو: المشروع البريطاني لمجلس حقوق الإنسان مليء بالأكاذيب
رفض الرئيس السوري بشار الأسد، التدخلات الخارجية في شؤون بلاده، مشدداً على أن هجوم تركيا على مدينة عفرين يجعل الوثوق في أنقرة أمراً مستحيلاً.
وقال الأسد، خلال لقائه كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية حسين جابري أنصاري، إن «الشعب السوري هو صاحب القرار الأخير في أي خيارات سياسية مستقبلية تتعلّق ببلده» .
وأضاف، «العدوان التركي الحالي على عفرين دليل جديد على استمرار تركيا بسياستها العدوانية تجاه سورية، وإثبات آخر على أن الوثوق بهذه السياسة والقائمين عليها أمر غير ممكن».
وأكد الرئيس السوري على أهمية التنسيق المسبق والدائم بين سورية والدول الصديقة حول مختلف القضايا في المرحلة الحساسة الآنية، التي تمرّ بها المنطقة، مشيراً إلى ضرورة وضع أرضية مشتركة لأهم مخرجات مؤتمر سوتشي.
من جانبه، أكد أنصاري حرص بلاده الدائم على التنسيق والتشاور مع دمشق في مختلف المجالات، وأن أي جهد ستقوم به إيران لدعم الحل السياسي للأزمة سيكون بالاتفاق مع القيادة السورية.
إلى ذلك، قال كبير مستشاري المندوب الروسي الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي غولتيايف، إن موسكو ترى أن مشروع قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الغوطة الشرقية الذي جرى التصويت عليه أمس، «معزول عن الوضع على الأرض».
وأضاف غولتيايف «نحن علّقنا بالفعل على الوضع في الغوطة الشرقية والخلفية الإعلامية حول سورية عموماً. الخلفية الإعلامية مليئة بالأكاذيب. بعض هذه المعلومات تصل مجلس حقوق الإنسان وتنشر هنا. بالنتيجة نرى مناظرات وتصويتاً معزولاً تماماً عن الوضع على الأرض».
وتأتي تصريحات المسؤول الروسي تعليقاً على موافقة مجلس حقوق الإنسان على مشروع قرار بريطاني بأغلبية 29 صوتاً ورفض 4 وامتناع 14 عن التصويت.
وكان مجلس حقوق الإنسان رفض جميع التعديلات الروسية على مشروع القرار البريطاني حول سورية.
وكانت بريطانيا دعت، الجمعة الماضي، إلى عقد جلسة طارئة لمجلس حقوق الإنسان لمناقشة الانتهاكات في الغوطة الشرقية، وقدّمت مشروع قرار يدعو إلى التطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن 2401، الخاص بالهدنة.
مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير حسام الدين آلا قال خلال الجلسة إنّ تصريحات بعض الدول تشجّع الإرهابيين على قصف دمشق واتخاذ المدنيين دروعاً بشرية.
وأشار إلى أنّ السبب الرئيسي لتصاعد الأوضاع في الغوطة الشرقية يعود لشنّ المجموعات الإرهابية المنتشرة فيها هجمات على دمشق.
وفي السياق، أعلنت الأمم المتحدة عن دخول قافلة مساعدات إنسانية إلى الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق.
وبحسب وزارة الدفاع الروسية فإنّ الهلال الأحمر السوري أدخل 247 طناً من المساعدات الإنسانية إلى الغوطة، وقد أكّد مراسل الميادين أن القافلة عبرت فعلاً معبر مخيم الوافدين وهو آخر حاجز للجيش السوري باتجاه المناطق التي يسيطر عليه المسلحون قرب دمشق.
من جهته قال بافل كرشيشيك المتحدّث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تغريدة أمس، إن قافلة الإغاثة التي تضمّ 46 شاحنة تحركت صوب منطقة الغوطة الشرقية.
وأشار مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان الأحد إلى أنّه من المقرر أنّ تدخل هذه القافلة إلى مدينة دوما، في وقت نقلت فيه وكالة سبوتنيك عن مسؤول أممي قوله: إنّ قافلة مساعدات إنسانية ثانية ستدخل غداً الخميس إلى الغوطة أيضاً. وأضاف المسؤول الأممي «ننتظر موافقة الحكومة السورية لإدخال المساعدات إلى مخيم الركبان قرب التنف».
يأتي ذلك في وقت قال فيه الجيش الروسي إنّ مسلحي الغوطة الشرقية تعهّدوا بالسماح للمدنيين بمغادرة مناطقهم عبر الممرات الآمنة التي وفّرها الجيش السوري لهم على مدار الأيام الماضية.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن الجيش الروسي قوله إن المسلحين وافقوا على السماح للمدنيين بمغادرة الغوطة الشرقية مقابل دخول مساعدات إنسانية.
ولم يحدّد الجيش الروسي متى وأين ستتم هذه العملية.
وأشار مصدر إلى أنّه لا توجد معلومات دقيقة وحاسمة بخصوص هذا الاتفاق حتى الآن.
وتُطبّق موسكو ودمشق وقفاً يومياً لإطلاق النار في الغوطة الشرقية منذ أسبوع، وعمل الجيش السوري على توفير ممر آمن لخروج المدنيين عبر معبر مخيم الوافدين إلا أنّ الجماعات المسلحة قامت باستهداف الممر والمعبر بقذائف عدة وبرصاص القنص.
ويقوم مسلحو الغوطة الشرقية باستهداف أحياء العاصمة دمشق بشكل يومي، حيث سقطت مئات القذائف خلال الأسابيع القليلة الماضية أصيب على إثرها المئات من المواطنين، كما استشهد عدد منهم.
واليوم قالت وكالة سانا إنّ مسلحي جبهة النصرة والمجموعات المرتبطة بها استهدفت بقذائف الهاون مشفى تشرين العسكري، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص جروح بعضهم خطرة.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أكّد الأحد، أنّ «الغالبية في الغوطة الشرقية يريدون الخروج من كنف الإرهابيين إلى حضن الدولة، ولذلك فإنّ العملية ضد الإرهاب ستستمر بالتوازي مع فتح المجال للمدنيين للخروج إلى مناطق الدولة».
وأكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن «الحكومة السورية حاولت إرسال 46 شاحنة مساعدات للغوطة، لكن المسلحين يواصلون قصف المعبر».
وقال منسق الأمم المتحدة المقيم للشؤون الإنسانية في سورية علي الزعتري «نأمل أن تتقدم القافلة كما هو مقرّر وستتبعها قوافل أخرى. فرقنا على الأرض على استعداد للقيام بكل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك».
انهيار وفوضى في صفوف المسلحين
ميدانياً، أعلن الإعلام الحربي أن الجيش السوري سيطر أمس، على عدد من المزارع والنقاط جنوب شرق مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، وأنّه يواصل تقدّمه نحو بلدة المحمدية في الغوطة بعد أن قطع خطوط إمداد مسلحي جبهة النصرة على محاور عدة.
وأوضحت وكالة سانا أن الجيش السوري وبعد استعادته بلدة النشابية وعدداً من القرى والمزارع المحيطة بها، بدأ عمليات جديدة ضد مقار «النصرة» والمجموعات التابعة لها، مشيرة إلى أنه حقق تقدماً ملحوظاً في المنطقة.
وبحسب «سانا» فإن التنظيمات المسلحة تعيش حالة من الانهيار والفوضى وتتكبّد خسائر كبيرة في العتاد والعناصر نتيجة التقدم الكبير للجيش السوري.
وكان مصدر عسكري قال في وقت سابق إن الجيش سيطر على بلدة النشابية وقرى عدة ومزارع أوتايا وحوش الصالحية وحوش خرابو وحزرما وبيت نايم ومزارع العب، وكتيبة الدفاع الجوي، وفوج النقل، وذلك بعد عمليات عسكرية مكثفة جاءت ردّاً على استهداف «النصرة» والمسلحين بقذائف الهاون ورصاص القنص للأحياء السكنية ومواقع الجيش في العاصمة دمشق وريفها.
يأتي ذلك بعد تقدّم عسكري هام أحرزه الجيش السوري خلال الساعات الماضية في القطاع الشرقي للغوطة الشرقية، حيث يتقدّم الجيش من محورين الأوّل باتجاه مسرابا بعمق الغوطة والمناطق المحيطة بها والآخر من حرستا. وهو ما قد يمهّد الطريق لفصل الغوطة الشرقية إلى قسمين ويسهّل عملية السيطرة العسكرية عليها والضغط على المجموعات المسلحة المنتشرة فيها.
وقال مصدر إنّ الجيش السوري أصبح على مشارف مسرابا بعد تقدم سريعٍ له محرّراً العديد من القرى، وأكّد مصدر ميداني للميادين أنه بات يسيطر على نحو 40 في المئة من المساحة التي كانت تحت سيطرة المسلحين.
ولاحقاً اعترف المرصد السوري المعارض بأنّ الجيش السوري تمكّن من السيطرة على ثُلث الغوطة الشرقية خلال معاركه الأخيرة مع المجموعات المسلحة.
العدوان التركي مستمر
وفي سياق ميداني متصل، استشهدت إمرأة وأصيب 22 مدنياً جراء القصف التركي المتواصل على قرى وبلدات عفرين.
في السياق، قالت مواقع كردية إنَ الطائرات التركية ارتكبت مجزرة جديدة في ناحية جنديرس أدّت إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين بين شهداء وجرحى.
وذكر مصدر طبي في مشفى عفرين لوكالة سانا السورية أن المشفى استقبل أمس، 22 جريحاً أغلبهم من الأطفال أصيبوا بقصف القوات التركية على قرية بربنة التابعة لمنطقة راجو بالمدافع والأسلحة الثقيلة، مبيناً أن من بين الجرحى 7 أطفال و10 نساء إصابات غالبيتهم خطرة جداً.
ونشرت صفحة عفرين الآن على موقع «فايسبوك» مقطع فيديو يظهر ما قالت إنه آثار الغارة التركية. كما تحدّثت عن سقوط شهداء وجرحى لم تتمكن فرق الإنقاذ من إجلائهم نتيجة استمرار القصف.
المرصد السوري المعارض تحدّث من جهته عن سقوط 13 شهيداً على الأقل بينهم طفلان و3 مواطنات، فيما أصيب آخرون بجراح متفاوتة الخطورة، ما يرشح عدد الشهداء للارتفاع بسبب وجود جرحى بحالات خطرة.
بالتزامن، ذكرت «سانا» أن القوات التركية استهدفت أيضاً قبل ظهر أمس، بالقذائف حيّاً سكنياً في مدينة القامشلي القريبة من الحدود السورية التركية في أقصى شمال شرق الحسكة.
وأشارت الوكالة إلى سقوط قذيفتي مدفعية على حي المحمقية القريب من معبر نصيبين مصدرهما القوات التركية، ما تسبب بإصابة 3 مدنيين بجروح ووقوع أضرار مادية في الحي.