روسيا تأسف على انهيار الاتحاد السوفياتي
حميدي العبدالله
ليس صدفةً أن يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء انتخابي «أنه كان سيوقف انهيار الاتحاد السوفياتي لو أمكن». ويقصد بـ «لو أمكن» أنه لم يكن في موقع داخل الدولة السوفياتية أو القيادة الروسية يمكنه في مواجهة القوى التي عملت بدأب وعبر تعاون مع الدول الغربية على تفكيك الاتحاد السوفياتي واندثار المنظومة الدولية التي كان يقودها وهي تغطي القارات الخمس، إضافةً إلى منطقة واسعة من الأوراسيا، التي تشكل مجال النفوذ الحيوي التاريخي لروسيا.
لا شك أنّ أسباب التأسّف على انهيار الاتحاد السوفياتي تعود إلى عوامل سياسية وأخرى اقتصادية جرى إلقاء الضوء عليها مؤخراً، من بين هذه العوامل السياسية مكانة روسيا الدولية والإقليمية، حيث خسرت روسيا الكثير من هذه المكانة، سواء في أوروبا الشرقية أو على مستوى الأوراسيا، ولعلّ نفوذ روسيا في المؤسسة الدولية، ولا سيما التابعة للأمم المتحدة أكبر دليل على اضمحلال وتراجع مكانة روسيا الدولية، حيث فقدت أيّ تأثير على مؤسّسات الأمم المتحدة بعد أن كانت شريكاً في صياغة أطر هذه المؤسسات، شريكاً ندياً لا يمكن تجاهله.
ثمة ما يشبه الإجماع في روسيا على التأسّف على انهيار الاتحاد السوفياتي تعزّزه وتؤكّده الوقائع التالية، وفقاً لمقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» بالتعاون مع «بلومبيرج نيوز سيرفس»، استند المقال إلى نتائج استطلاعات للرأي يقوم بها «مركز ليفادا» باستطلاع آراء الروس حول انهيار الاتحاد السوفياتي منذ عام 1992، وحسب هذا المركز فإنّ «أحدث الأرقام المأخوذة من استطلاع أجري في نوفمبر تشرين الثاني 2017 يظهر أنّ 58 من الروس يتأسّفون على انهيار الاتحاد السوفياتي في مقابل أكثر من الربع بقليل لا يفعلون ذلك». واضح أنه بعد مرور أكثر من ربع قرن على انهيار الاتحاد السوفياتي صدر حكم التاريخ وحكم الشعب الروسي، وهو في مصلحة هذا الاتحاد الذي تمّت شيطنته من قبل الغرب بهدف استتباع روسيا وتحويلها إلى جرم يدور في الفلك الغربي، بمعزل عن مصالح الشعب الروسي وشعوب الاتحاد السوفياتي. ويدعم كاتب المقال رأيه أيضاً في تصريح لآخر زعيم سوفياتي هو ميخائيل غورباتشوف أدلى به عام 2016 قال فيه «إنّ نهاية الاتحاد السوفياتي كانت بسبب الخيانة». يذكر أنّ الرئيس بوتين كان قد قال وأكد أكثر من مرة بدءاً من عام 2005 «إنّ تفكك الاتحاد السوفياتي هو أكبر كارثة جيوسياسية في القرن».
وحسب الاستطلاع ذاته فإنّ «أغلبية من الروس تشعر بالمرارة بسبب نهاية نظام اقتصادي موحد، بينما قالت مجموعة أصغر إنها تشعر بأنّ روسيا لم تعد قوة عظمى».