الجبهة الوطنية التقدميّة: امتحان الشراكة في صياغة الرؤية لمستقبل سورية المنتصرة

د. صفوان سلمان

تُكمل تجربة الجبهة الوطنية التقدمية عامها السادس والأربعين كتحالف حاضن للأحزاب المعبّرة عن المدارس الفكرية السياسية المؤسّسة للحياة السورية العامة، بدءاً بالنصف الأول من القرن الماضي.

ويقف هذا التحالف في مواجهة امتحان جدّي ينبغي اجتيازه لتثبت تلك الأحزاب مقدرتها على الارتقاء من حالة الشراكة في التجربة التاريخية والشراكة في الواقع إلى الشراكة في صياغة الرؤية لمستقبل سورية المنتصرة على الإرهاب والناهضة.

إنّ الحرب الإرهابية الشاملة التي واجهتها سورية بقيادتها وجيشها طرحت علينا كقوى سياسية رائدة وعريقة، أسئلة مصيرية حول مسؤولياتنا في تحصين وحدة المجتمع وإرساء مفهوم الدولة ومواجهة أنماط الثقافة المنغلقة والمتطرفة والإرهابية بثقافة النهوض والتنوير وثقافة الانتصار للمصلحة الوطنية العليا. فالنزعات المتطرّفة والمغلقة والإرهابية شكلت الأدوات المناسبة لبرامج وخطط الأطراف الدولية والإقليمية المصنّعة لهذه الحرب الإرهابية المتواصلة على أمتنا.

ولعلّ الجبهة الوطنية التقدّمية هي المعنية في تكريس المعيار الحقيقي الذي تُقاس وفقه صوابية الاتجاه في العمل الفكري والسياسي وهو مواجهة المشروع «الإسرائيلي» المتماهي مع المشروع الأميركي ـ الغربي بالتزامن مع مواجهة المشروع الإرهابي الظلامي وكلاهما مكوّنان متناغمان لمشروع واحد يستهدف وجودنا ومصيرنا، أمة ومجتمعاً، أرضاً وإنساناً.

وإذا كانت تجربة الجبهة الوطنية قد اكتنزت بامتدادها الزمني في المشهد السوري مفاهيم التعدّدية والشراكة والتحالف انطلاقاً من قواسم مشتركة تحت سقف المصلحة الوطنية العليا، فإنّ الأحزاب المنضوية في هذه التجربة معنية اليوم بتفعيل تحالفها من خلال التوجّه إلى تفعيل طاقاتها وإمكانياتها في الفروع الحزبية والمناطق، حيث يتّجه العمل الجبهوي اليوم ليكون على تماسٍ مباشر ومؤثر مع المسائل الحيّة للسوريين جميعهم في عمق المجتمع. فمن غير المقبول أن ينحصر هذا العمل في إطار تحالف القيادات الحزبية، بل يتوجب أن يتحوّل فعل الشراكة النضالية قوة حقيقية تحصّن المجتمع وتحصّن إنسان المجتمع وتوفر للسوريين حاضنة فكرية سياسية يواجهون من خلالها التحديات والمشاريع المضادّة التي تواجههم.

في الذكرى السادسة والأربعين لتأسيس الجبهة الوطنية التقدمية، نطلّ على مدى رحب من الثقة والأمل بإنجاز الانتصار النهائي لسورية في هذه المعركة الوطنية الكبرى بمواجهة التنين الإرهابي برؤوسه المتعدّدة. وهي ثقة معمّدة بإرادة الصراع النبيل من أجل سورية وهي معمّدة بقداسة دماء شهدائنا وألق قاماتهم السامقة وبتضحيات وعطاءات رجال الجيش السوري وقد قدّم للأمة والعالم مثالاً يُحتذى في البذل والعطاء وهو يصارع الإرهاب على امتداد خريطة الوطن منذ سنوات سبع ولا يزال.

تحية العزّ القومية من صفنا الحزبي القومي الاجتماعي وقيادته في هذه المناسبة لسيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد رئيس الجبهة الوطنية التقدمية، والتحية القومية لحلفائنا وشركائنا في أحزاب الجبهة الوطنية التقدّمية صفوفاً وقيادات…

رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي في الشام.

عضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدّمية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى