تيلرسون يحذّر الدول الأفريقية من عقود الاستثمار الصينية ولافروف يردّ: لم أكن أعلم أنه خبير في العلاقات الصينية الأفريقية
انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، تصريحات نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، التي حذّر فيها الدول الأفريقية من «مخاطر عقدها اتفاقات حول قروض مالية مع بكين».
وفي مؤتمر صحافي عقده في أعقاب محادثاته مع الرئيس الزيمبابوي إمرسون منانغاغوا في العاصمة هراري، قال لافروف: «لم أكن أعلم أن ريكس تيلرسون خبير في العلاقات الصينية الأفريقية، لكني أظنّ أنه من غير الملائم تماماً أن يدلي ضيف بهذه التصريحات حول علاقات مضيفيه مع دول أخرى، لا سيما إذا استخدم في وصفها كهذه عبارات سلبية». واستدرك لافروف قائلاً «إن ملاحظته تطبق على تعليقات تيلرسون فقط في حال إدلائه بها حقاً»، مشيراً إلى أنه «لم يرَ تقارير بهذا الشأن».
فيما بحث لافروف مع رئيس زيمبابوي الجديد ايمرسون منانغاغو في هراري «أوجه التعاون العسكري الممكن وسبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين موسكو والبلد الواقع في الساحل الشرقي لأفريقيا».
وصرّح لافروف للصحافيين بعد لقائه منانغاغو في مكتبه الرئاسي في هراري «تحدثنا عن الخطوات التي يجب القيام بها لتطوير الروابط التجارية والاقتصادية بين بلدينا».
وتابع عبر مترجم «أكدنا أهمية تنفيذ المشروع المشترك للبحث عن رواسب بلاتين في بلدة دارويندايل غرب زيمبابوي». وهذا المشروع هو الأكبر من نوعه في العالم وتديره شركة روسية زيمبابوية مشتركة.
وأشار إلى «أنه ورئيس زيمبابوي جمعهما حديث جيد عن الآفاق الجيدة للتعاون في صناعة الماس»، موضحاً «أن الحكومتين تباحثتا في آفاق التعاون العسكري والتقني».
والتقى لافروف ومنانغاغو لأقل من ساعة وتوصلا لاتفاقات زراعية وصناعية وتجارية.
من جهته، عبّر وزير خارجية زيمبابوي سيبوسيسو مويو عن آماله أن تستفيد بلاده من خبرة روسيا التقنية.
وقال مويو إن «زيارة لافروف رفعت مستوى العلاقات الثنائية بين بلدينا العظيمين لتشمل كلاً من الروابط السياسية والاقتصادية». وتابع «نأمل زيادة وفود السياحة الروسية في بلدنا».
من جهة أخرى، نفى وزير الخارجية الروسي، تصريحات وزارة الخارجية الأميركية، حول أنّ «روسيا والولايات المتحدة ناقشتا إمكانية عقد لقاء بينه وبين نظيره الأميركي ريكس تيلرسون».
وقال لافروف: «ما كنت أريد التحدث حول هذا الموضوع، إلا أنني علمت بأن الأميركيين أعلنوا أول أمس، أنه لم يجر بحث إمكانية عقد لقاء بيني وبين تيلرسون في أديس أبابا، وبما أنهم قاموا بذلك .. أودّ التأكيد بأن ذلك ليس صحيحاً».
وأوضح لافروف أنّ «تيلرسون اقترح بنفسه إيجاد المكان والزمان المناسبين بعد تعذّر عقد لقاء في نيويورك على هامش اجتماع مجلس الأمن الدولي».
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في وقت سابق، «أنه لا يوجد حتى الآن على جدول أعمال وزير الخارجية ريكس تيلرسون، موعد لعقد اجتماع مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف.
وأشارت الخارجية إلى أن «جدول أعمال الوزير قد يتغيّر». وأوضحت «أن برنامج تيلرسون تضمن أمس، اجتماعات مع رئيس الوزراء ووزير خارجية إثيوبيا، وكذلك مع رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى مؤتمر صحافي واجتماع مع أسر السفارة الأميركية» .
وكانت السفارة الروسية لدى الولايات المتحدة، أعلنت في وقت سابق، «أن الجانب الروسي قد أرسل يوم 2 آذار، طلباً لاجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، ولكن لم تتسلم أي رد».
ولافروف، الذي يقوم بجولة في أفريقيا، هو أول مسؤول روسي رفيع المستوى يزور زيمبابوي منذ استقالة رئيس زيمبابوي المخضرم روبرت موغابي في تشرين الثاني العام الفائت.
وتتزامن الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الروسي إلى ناميبيا وموزمبيق وزيمبابوي وإثيوبيا مع زيارة أفريقية لنظيره الأميركي ريكس تيلرسون.
في هذا الصّدد، التقى وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون أمس، في أديس أبابا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي الذي دعا إلى «طي صفحة التصريحات المنسوبة إلى الرئيس الأميركي التي وصف فيها الدول الأفريقية بالحثالة».
وخلال اللقاء الذي استمرّ ساعة في مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الأثيوبية، بحث الرجلان في مكافحة الإرهاب والأمن والتجارة والتنمية والفساد والنزاعات.
وتأتي زيارة تيلرسون بعد جدل أثاره استخدام الرئيس ترامب كلمة «حثالة» لوصف هايتي ودول أفريقية أثناء اجتماع مغلق في منتصف كانون الثاني، بحسب وسائل إعلام عديدة وسيناتور شارك في الاجتماع.
وأكد فكي «أنّ هذا الجدل أصبح من الماضي». وأعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي خلال مؤتمر صحافي مشترك «تلقيت رسالة من الرئيس ترامب وجّهها إليّ وتحدثت عنها مع قادة أفارقة آخرين. أعتقد أنّ هذا الحادث أصبح من الماضي».
ووصف محللون جولة تيلرسون الأفريقية الأولى التي سيزور خلالها تشاد وجيبوتي وكينيا ونيجيريا أيضاً، بأنها «رحلة للاستماع» إلى الدول الأفريقية وقالوا إنها لن تتضمن أي إعلان مهم.
وأكد تيلرسون في تصريح عقب لقائه فكي أن «هدف زيارتي هو الاستماع الى أولويات دول هذه القارة ورؤية أين تكمن نقاط الالتقاء» مع المواقف الأميركية.
رأى المراقبون أن اختيار الدول التي سيزورها تيلرسون خلال رحلته يعكس رغبة الولايات المتحدة في التركيز في أفريقيا على القضايا الأمنية قبل كل شيء.
وبحث تيلرسون مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في «الدعم الأميركي لقوات مكافحة الإرهاب الأفريقية المنتشرة في منطقة الساحل أو في الصومال، حيث ضاعفت الولايات المتّحدة عملياتها في الأشهر الأخيرة». لكن لم يُعلن عن أي التزام عملي.
وقال تيلرسون «إنّ بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال أميصوم تشكل بوضوح نموذجاً لدول عدة تجتمع للتصدّي للإرهاب وتشجيع الاستقرار وإتاحة فرصة تقديم مساعدة لا غنى عنها إطلاقاً». وأضاف «لم نربح بعد المعركة في الصومال وعلينا مواصلة القتال».
وتهدف جولة تيلرسون إلى تغيير الفكرة بأنّ القارة ليست أولوية لإدارة ترامب. وأكد الوزير الأميركي أن زيارته «مؤشر إلى أهمية القارة في مستقبل الولايات المتحدة سواء على صعيدي الأمن والاقتصاد على حد سواء».
وحذر تيلرسون الدول الأفريقية من خطر الاعتماد على الاستثمارات الصينية ودعاها إلى «النظر في شروط هذه الاستثمارات والتحلي باليقظة لدى عقدها اتفاقات مع الصين حول قروض مالية، لتفادي المساس بسيادتها».
وقال الوزير الأميركي: «نحن لا نسعى لحجب الدولارات الصينية عن أفريقيا، لكن من الأهمية أن تولي الدول الأفريقية اهتماماً بشروط الاتفاقات حول القروض كي لا تضيع سيادتها».
واعتبر تيلرسون «أنّ الاستثمارات الصينية لا تثمر عن نمو ملحوظ في فرص العمل في القارة الأفريقية، أما إذا أخذت الحكومة في أفريقيا قرضاً صينياً، فهي مهددة بفقدان السيطرة على بناها التحتية ومواردها في حال عجزها عن سداد ديونها».
وأضاف تيلرسون: «نحن نرحّب بمشاركة الصينيين، لكننا نأمل أن يتمسكوا بقواعد وأحكام القانون الدولي ويحترموا سيادة الدول».
من جهة أخرى، طلب الدبلوماسي الأميركي من الدول الأفريقية دعم الجهود الأميركية التي تهدف إلى «إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن سلاحها النووي». وقال إنّ «الدول الأفريقية يمكن أن تلعب دوراً».
وأكد وزير الخارجية الأميركي «ما زلنا بعيدين عن مفاوضات» بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لتسوية الأزمة النووية في شبه الجزيرة الكورية. وقال للصحافيين «أعتقد كما ألمح الرئيس ترامب هناك مؤشرات إيجابية محتملة مقبلة من كوريا الشمالية عن طريق حوارهم الكوري – الكوري مع كوريا الجنوبية».
وأضاف «ما زلنا بعيدين عن مفاوضات ويجب أن نكون موضوعيين وواقعيين حول هذه النقطة».