الحريري في افتتاح مؤتمر روما: لدعم القوات المسلحة وتمكينها من الحفاظ على الأمن والاستقرار

أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن الحكومة اللبنانية تدرك أنّها تتمتع بلحظة استثنائية من الإجماع والدعم الدوليين، ونعتبر أن من مصلحتنا الوطنية الحفاظ على هذا الإجماع الدولي كما هو، ولذلك نحن ملتزمون القيام بدورنا في هذا الإطار. لقد أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون قبل ثلاثة أيام، أنه ستتم مناقشة استراتيجية الدفاع الوطني في أعقاب الانتخابات التشريعية في أيار المقبل. وأنا أنضمّ إلى دعوة الرئيس عون للمجتمع الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية، من أجل تمكينها من الاضطلاع بواجبها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وفقاً لاستراتيجية الدفاع الوطني. لقد التزمنا الاستثمار في جيشنا وقواتنا الأمنية في موازنتنا الجديدة. ومعاً، وبدعمكم والتزامكم، يمكننا بناء شراكة قوية لحماية مؤسسات الدولة اللبنانية».

أضاف في كلمة ألقاها خلال افتتاح اعمال مؤتمر روما -2 المخصص لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية: «أولوية حكومتي هي خلق حلقة فعالة من الأمن والاستقرار والنمو والتوظيف للبنان واللبنانيين. ومؤتمر روما 2 هو خطوة أولى نحو تحقيق ذلك، وسيتبعه مؤتمرا «CEDRE» وبروكسل. والواقع أن الاستقرار والأمن شرطان أساسيان للنمو الاقتصادي والازدهار.

في 5 كانون الأول المنصرم، التزمت الحكومة اللبنانية بكل مكوّناتها سياسة النأي بالنفس، وهذا الأمر يشكل اليوم مسؤولية جماعية، وتتم مراقبته عن كثب من مؤسسات الدولة، لضمان تنفيذه من أجل مصلحة لبنان الوطنية في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي بشكل عام».

وشكر الحريري العرب الحاضرين في المؤتمر دعماً لمؤسسات لبنان الأمنية، قائلاً «نحن سعداء بوجودكم لتجديد التزامكم باستقرار لبنان».

وتابع: «إن حكومتي لا تزال ملتزمة ضمان استمرار عمل الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي معاً على المستوى الاستراتيجي، والشروع في برنامج إصلاح رئيسي طال انتظاره في قطاع الأمن. كما أنها لا تزال ملتزمة قراري مجلس الأمن 1701 و2372 اللذين بحد ذاتهما يحضّان المجتمع الدولي على دعم قواتنا المسلحة. نحن سنرسل المزيد من جنود الجيش اللبناني إلى الجنوب، ونؤكد نيتنا نشر فوج نموذجي».

وشكر «اليونيفيل وجميع الدول التي لديها قوات تعمل في إطارها، لإرسال رجالها ونسائها للحفاظ على السلام والأمن على حدودنا الجنوبية، الحدود الأكثر هدوءاً في الشرق الأوسط. ورغم ذلك، تبقى إسرائيل التهديد الرئيسي للبنان، وانتهاكاتها اليومية لسيادتنا يجب أن تتوقف. وفي حين نفكر في طرق للانتقال من حالة وقف الأعمال العدائية إلى حالة وقف دائم لإطلاق النار، تواصل إسرائيل وضع خطط لبناء جدران في المناطق المتنازع عليها طول الخط الأزرق. نحن هنا لبناء الثقة لأننا ندرك بأن استمرار استتباب الامن في لبنان هو ضمان لاستتباب الأمن في المنطقة، وجميع الجهود يجب أن تصبّ للحفاظ على السلام والهدوء على حدودنا».

وأكد أن «تعزيز مؤسسات الأمن اللبنانية سيعزّز سيادة القانون، وهو ما سيعزّز بدوره حقوق الإنسان». ومن هذا المنطلق، أعرب عن «التزام الحكومة باتخاذ خطوات لتفعيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الأشهر المقبلة»، قائلا «نعمل حالياً على إنشاء وحدة متخصصة للأمن الإنساني بإشراف رئاسة مجلس الوزراء، تركز على رفع الوعي الوطني حول مخاطر حيازة واستخدام الأسلحة النارية من المدنيين. وكخطوة مستقبلية، نخطط لإنشاء لجنة وطنية للأسلحة النارية في لبنان». وشدّد على أن هذه الخطوات تؤكد التزامنا على أكثر من صعيد في «برنامج عمل الأمم المتحدة لمنع ومكافحة وإزالة الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في جميع جوانبه».

وقال إن سياسة حكومتي تهدف الى توحيد استراتيجيات جميع مؤسساتنا الأمنية، بما في ذلك الأمن العام وأمن الدولة والجمارك، لتوافق بذلك شكل مباشر مع الفقرة رقم 16 من أهداف التنمية المستدامة، والتي تسعى إلى تعزيز المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة. لقد ازدادت مهام الأمن العام بشكل استثنائي. فقد كان عليه أن يتعامل مع التدفق الهائل لما يزيد على 1,2 مليون نازح سوري، في الوقت الذي يتحمّل فيه عبء مواجهة التحديات الأمنية الرئيسية المرافقة للأزمة، بالتعاون مع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي».

وشدّد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بدوره على أن «تعزيز القوى الأمنية اللبنانية يعزز سيطرة القوى اللبنانية على المياه الإقليمية اللبنانية، وهو تجسيد للقرار 1701. وعندما تكون القوى المسلحة تتمتع بالموارد والتقنيات المناسبة، فلا بدّ أن تحقق الكثير من الإنجازات. من هنا أثمن الخطط التي قدمتها القوى الأمنية والمسلحة اللبنانية، وهي تضمّنت رؤية واضحة وتظهر أن لبنان يسير في الاتجاه المناسب. كما أنني أقدر التزام القوى الأمنية اللبنانية والجيش اللبناني بزيادة مشاركة المرأة في كافة مواقع اتخاذ القرار، وفقاً للقرار 1325 الصادر عن الأمم المتحدة».

ودعا الحكومة اللبنانية للاستفادة من هذا الزخم الدولي والخروج بمقررات تعزز دولة القانون والمحاسبة والشفافية في لبنان، لافتا الى ان «الشركاء الدوليين يجب أن يمارسوا دورهم، ونعني أيضا دول المنطقة. فهذه الدول يجب أن تفهم دورها لمكافحة التصعيد في النزاعات. كما أنه من المهم أن نحافظ على هذا التوافق الدولي لتأمين الموارد الضرورية للبنان».

وختم: «دعونا نبقى ملتزمين بالاستقرار في لبنان من أجل الشعب اللبناني والسلام في المنطقة الذي نحن بأمس الحاجة إليه».

وأكد رئيس وزراء إيطاليا باولو جنتليوني، من جهته أنه من المهم أن نطلق رسالة أساسية بأن المجتمع الدولي، وعبر مؤتمر روما، يقف إلى جانب لبنان، وكذلك سيكون مؤتمر باريس الذي سيُعقد في نيسان ويتعلق بالمسائل الاقتصادية مؤتمراً مهماً أيضاً، وكذلك مؤتمر بروكسل الذي يتعلق بالاستجابة للأزمة الإنسانية في سورية ومسألة النازحين.

أضاف: «إن دعمنا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي والمؤسسات اللبنانية هو مسعى أساسي لأمن وسلام لبنان، خاصة في محاربته داعش وحماية البلد ضد هذه الاعتداءات الإرهابية التي شنت عليه وتنوعه الثقافي والديني. وهذه الحرب خاضها لبنان بدعم من كل القوى السياسية، وسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في نزاعات المنطقة هي توافق سياسي تمّت إعادة تأكيده بشكل أساسي اليوم في كلمة الرئيس الحريري وعبر تصريح الرئيس عون الذي يعزّز الحوار مع كل الأطياف اللبنانية وتحديد استراتيجية أمنية لبنانية دفاعية».

وقبيل بدء «روما-2» وصل الحريري برفقة الوزير جبران باسيل ومدير مكتبه نادر الحريري إلى مقر وزارة الخارجية الإيطالية، حيث ينعقد المؤتمر والتقى نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني.

وسُجلت سلسلة لقاءات واتصالات تمهيدية لرئيس الحكومة سعد الحريري، حيث التقى الممثل الشخصي للرئيس الروسي للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف في حضور نادر الحريري ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان وعرض معه المساهمة الروسية في مؤتمر روما-2 والعلاقات الثنائية بين البلدين.

بعد الاجتماع قال بوغدانوف «ناقشنا مع الرئيس الحريري أهمية مؤتمر روما -2 ونحن نشارك به تلبية لدعوة الرئيس الحريري والحكومة الإيطالية. فلدينا تعاون مثمر مع لبنان منذ زمن طويل في مختلف المجالات بما فيها تعزيز القدرات القتالية للجيش ليتمكن من محاربة «داعش» و«النصرة». ونحن على تعاون في أكثر من مجال مع الحكومة ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية في مجال تدريب الكوادر وتبادل المعلومات فيما يتعلق بالجرائم والإرهاب الدولي عبر الحدود».

وتابع «كذلك تطرّقنا الى مختلف مجالات التعاون بين لبنان وروسيا ونحن مسرورون جداً من الحوار السياسي بين بلدينا على أعلى المستويات والتطوّرات في لبنان وحوله والأزمة في سورية والوضع في الخليج وفلسطين والتسوية في الشرق الأوسط. فلبنان من أهم الدول في المنطقة ولديه أيضاً بعض المشاكل مع «إسرائيل» فيما يخصّ الحدود والمياه والأمن، ونحن ندعم دائماً المصالح المشروعة لأصدقائنا في لبنان ونطلب من الجميع احترام سيادة لبنان ومصالحه السياسية والاقتصادية والأمنية».

وختم «كما بحثنا أيضاً مسألة النازحين السوريين في لبنان والدول الأخرى. وهذا ملف معقد جداً، خصوصاً بالنسبة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في لبنان، واتفقنا على مواصلة الاتصالات وأن ندفع الأمور بالاتجاه المطلوب لتعزيز روابط الصداقة والتعاون المتبادل المبني على المنفعة المتبادلة».

والتقى الحريري أيضاً في مقر إقامته، مساعد وزير الدفاع السعودي محمد بن عبد الله العايش بحضور القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري ووزيري: الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والخارجية والمغتربين و نادر الحريري وتناول اللقاء موضوع مؤتمر «روما 2».

والتقى الحريري وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان والوفد المرافق الذي يضم الموفد الفرنسي المكلف بالتحضير لمؤتمر «سادر» بيار دوكان، وذلك بحضور المشنوق وباسيل ومدير مكتبه وتم البحث في موضوع مؤتمر روما-2 .

من ناحية أخرى التقى الرئيس الحريري كلاً من: وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اليستر بيرت بحضور باسيل ونادر الحريري، والأمين العام للأمم المتحدة، ووزير خارجية مصر سامح فهمي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى