وجود من فراغ

مساؤك حريّة لا تنزف إلّا نيساناً

غرقنا في البحر حتى طفنا سفينة

اندثرنا في العتمة حتى صرنا مدينة

وضعت لي البحر في غربال وقلت

أرأيتِ من الراوي؟

كنتَ تسكب دموعي بحرا

وكنت أشرب ثقوب الغربال وأشكرك

كنتُ بعد كل جرح

أتفقّد ملامحكَ

أخاف أنّ يسيل مني نزف واحد على عجل

ويلطّخك

كنت تمسك يداي فأمسك الدنيا

لكن بأيدٍ مشلولة

وأصابع تتكسّر واحداً واحدا

ألفا ألفا

كما يتكسّر الحبر أمام ورق جائع

لا بأس يا حبيبي

ملامحنا حنطة نخبزها لكلّ من جاعوا

وجراحنا صليب نمدّه جهات لكلّ من ضاعوا

وقُبلنا قِبلة لكلّ صلاة أو ركعة باعوا

رموشنا مشانق معلّقة عقداً حول عنق الليل

ذاك جوري أم دمي؟

ذاك جرح أم فمي؟

الموت أخفّ رهبةً من الحنين

الموت كالفراغ بينما الحنين فراغ من وجود

ووجود من فراغ

كنت تقول كلاماً جميلا

مضيئاً كنيزك

ولكنّي نسيت أنّ النيزك ضوء

والضوء فيّ احترق

لقد نسيت كيف يشعر المرء بعينيه

لم تدمع أحداقنا يوماً إلّا نفق نفق

وحين كانت ترمينا الحياة بسهامها

تُصاب هي

وننزف نحن شفق شفق

وإن وجدنا الموت من يسير على الطريق

نصرخ:

لا تخف تعال لن نقتلك

سنزداد فقط في العدد

وإنّ وجدنا من يسير على الطريق

نصرخ:

هيا ابتعد وابق ضالاً إلى الأبد

ديمة منصور

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى