الرفيق رجا اسكندر نصر الله… ناضل في الحدث ـ بيروت وتابع في البرازيل

في النبذة المعمّمة بتاريخ 20/02/2018 عن الرفيق محمد سلطاني الذي كان قد تولّى مسؤولية منفذ عام بيروت، ورد اسم الرفيق رجا نصر الله.

عنه هذه الإضاءة بانتظار أن يردنا المزيد عنه، فننشر ذلك في نبذة خاصة.

في الستينات، وكان الأمين عبد الله محسن قد تولّى رئاسة اللجنة المركزية الموكلة إليها إدارة العمل الحزبي في لبنان 1 كنت عضواً في اللجنة، مسؤولاً عن مكتب الطلبة، وكنّا نعقد الجلسات في منزل الأمين عبد الله، وأحياناً في منزل الأمين كامل حسان 2 في بشامون.

كان طبيعياً أن أتردّد كثيراً إلى منزل الأمين عبد الله في الحدث. أثناء تردّدي تعرّفت إلى شقيق الأمينة هيام، الرفيق رجا نصر الله وهو من أوائل رفقائنا في الحدث، وقد عرف سعاده عندما كان يتردّد إلى منزل صديق الحزب اسكندر نصر الله. الرفيق رجا كان قد نشط حزبياً وتولّى مسؤوليات محلية، وكان له حضوره في مواقف كثيرة. وكثيراً ما التقيت الأمين نجيب طعان صعب 3 والرفيق فريد أبو خير 4 .

أذكر أنّ الرفيق رجا كان يملك محلاً في بناية في الساحة المواجهة للمتحف الوطني. إليها أنظر كلّما مررت في تلك المنطقة، فأستذكر بحنين تلك السنوات الحلوة من النضال الحزبي.

بعد العفو في شباط 1969 انتقلت إلى مسؤوليات أخرى في مركز الحزب، فانقطعت عن التردّد كثيراً إلى منزل الأمين محسن، وبالتالي لم أعد التقي الرفيق رجا الذي علمت لاحقاً أنه غادر إلى البرازيل.

عندما غادرت إلى البرازيل كان الرفيق رجا قد فارق الحياة، وقد سألت عنه. التقيت عقيلته الفاضلة سلمى رفقه 5 ، فابنتها الطالبة الجامعية أمل.

كانت سلمى قد تسجلّت في الجامعة لدراسة الحقوق محقّقة حلمها، وإذ تخرّجت، مارست مهنة المحاماة.

من جهتها كانت أمل، إلى متابعة دراستها الجامعية، قد انخرطت في نشاطات الحزب وفي الجالية، وأذكر أنها ألقت كلمة باللغة البرتغالية في احتفال للاوّل من آذار أقيم في النادي الحمصي 6 . كانت تتمتع بطلّة بهيّة وبوعي جيد لقضية الحزب.

منذ مدة كنت أطالع العدد الثالث أيلول 1973 من مجلة «الرابطة» لرئيس تحريرها الأمين نواف حردان 7 . فاطّلعت على الخبر التالي الذي أوردته في الصفحة 42، عن رحيل الرفيقين رجا نصر الله وبولس كريدي 8 ، والمواطن خزاعي أبو صالحة، شقيق الرفيق حسن 9 :

«قضى رجا نصر الله بسرعة، ذهب باكراً جداً، تاركاً زوجة حزينة وثلاثة أطفال صغار هنا، ووالدة ثكلى وشقيقة ملوّعة في الوطن. سقط عليهما خبر وفاته مصيبة فاجعة.

وفي اليوم نفسه والساعة نفسها تقريباً، قضى أيضاً في المستشفى صديق آخر اسمه بولس عساف الكريدي.

لم نكن ننتظر موتهما هكذا بسرعة. ولم نكن نتوقّع أن يسقط جسداهما هكذا دفعة واحدة، وأنّ تلك الابتسامات التي كانت ترافق شفاههما ستنطفئ فجأة وتذوب.

كم سنفتقدكما يا رجا وبولس، في المَلمّات واللقاءات. وكم سنشتاق لاندفاعكما وإخلاصكما وأحاديثكما التي كانت دائماً تدور حول قضايا الوطن وتأبى إلا أن تنحصر فيها.

في ذمّة الوفاء يا رجا وبولس، في ذمة محبة الوطن الذي لم تنسياه وكانت أفكاركما وأحلامكما متّجهة دائماً نحوه، في كلّ ساعة من ساعات حياتكما. بوعي ومحبة وإيمان وحماسة وغيرة وأشواق ما قدرت المسافات على إطفائها.

أقمنا للراحلين العزيزين مأتمين حزينين وشيّعناهما إلى المقرّ الأخير بالحسرة واللوعة…».

بعد أن كنا قد انتهينا من إعداد النبذة، وردتنا من الرفيق د. رائد محسن المعلومات التالية عن خاله الرفيق رجا نصر الله، ننشرها مع شكرنا لمساهمته:

«قام بدور مهمّ في أحداث عام 1958 عبر طمأنة المسيحيين في الحدث، خاصة الموارنة منهم، من الهجمة الطائفية. رسم صورة إيجابية عن الحزب في ذهن من تفاعل معهم. فقد كان يشار إليه بالبنان في الحدث إنه قوميّ اجتماعيّ.

اعتُقل إبان الانقلاب بعدما داهمت القوى الأمنية منزله عدّة مرّات. اختبأ في منزل شقيقته الأمينة هيام. عاثوا ببيته فساداً وبعثروا أغراضه ومحتوياته وعندما عرف أنهم بدأوا يضايقون زوجته سلمى، سلّم نفسه، ثم تمّ نقله إلى المخفر فإلى ثكنة الدرك قرب أوتيل ديو حيث مكث هناك ثلاثة أشهر.

كان يقوم بمهمة المسؤول عن الحراسة عندما كان يأتي سعاده إلى دارة والده اسكندر نصر الله، وخصوصاً عندما كان يجتمع الزعيم مع العمد».

هوامش:

1 قبله كان قد تولّى الرفيق جوزف رزق الله مسؤولية مفوض لبنان، فالأمين هنري حاماتي، وقد عملت معهما في الستينات. وهذا ما كنت قد أوردت عنه في عدد من النبذات.

2 الأمين كامل حسان: مراجعة النبذة المعمّمة عنه في قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

3 الأمين نجيب طعان صعب: من الشويفات. شقيق الرفيقين الشاعرين رضا وسعيد طعان صعب. نعمل لإعداد نبذة تعريفية عنه.

4 الرفيق فريد أبو الخير: مراجعة النبذة المعمّمة عنه عبر الدخول إلى الموقع المشار إليه آنفاً.

5 سلمى رفقة: من كفرون رفقة التي منها عدد من الرفقاء، من بينهم: منيف، ميشال، د. صفا والرفيقة سوسن رفقة عقيلة الأمين الياس جرجي.

6 النادي الحمصي: من أقدم نوادي الجالية في سان باولو وأهمّها. يحتلّ موقعاً ممتازاً في أحد أهمّ شوارع سان باولو، «باوليستا»، وكنّا نقيم فيه الكثير من المناسبات الحزبية.

7 مجلة «الرابطة»: كانت قد صدرت عن الرابطة السورية التي عهدت رئاسة تحريرها إلى الدكتور خليل سعاده. أعيد إصدارها في الفترة 1973 1974. صدر العدد الاول في آب 1973. صاحب الامتياز السيد فواز عيد ورئيس تحريرها الأمين نواف حردان. الجدير ذكره أنّ الأمين نواف كان يصدر جريدة أسبوعية بِاسم «الأنباء» وكانت بحقّ جريدة الجالية في البرازيل.

8 الرفيق بولس كريدي: لم ألتقِ به، إذ رحل قبل وصولي إلى سان باولو عام 1976. حدّثني عنه كثيراً الرفيق المؤمن المتفاني نقولا صليبا وكان قد عرفه جيداً، وأطرى على سلوكيته ومواقفه ومناقبه.

9 الرفيق حسن أبو صالحة: تحدّث عنه الأمين نوّاف حردان في كتابه «على دروب النهضة» عندما زاره والأمين عجاج المهتار في منزله في خلوات الكفير، بعد أن انتمى إلى الحزب.

التقيتُ به كثيراً عندما كنت أزور مدينة غويانيا التي استقرّ فيها. حقّق نجاحاً مالياً واستمرّ ناشطاً حزبياً، متولّياً مسؤولية مدير المديرية بعدما تقدّم المدير السابق الأمين ابرهيم حنا خوري بالعمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى