غسان الأشقر لـ «البناء»: لا يمكن فصل تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي عن منطقة المتن الشمالي الخراط: اللبنانيون أمام استحقاق مفصلي وكلّ مواطن يحدّد بصوته معالم المرحلة المقبلة
عبير حمدان
إذا سعينا إلى قراءة التاريخ اللبناني المتصل بمرحلة التقاتل والموت المتنقل بين المناطق، نجد الكثير من الصور المروعة التي يبدو صعباً محوها من الذاكرة، مهما تبدّلت لغة التخاطب بين أبناء هذا الوطن الصغير بمساحته والكبير بمن يمتلك الوعي فيه لحقيقة الجغرافيا، ولعلّ أهل المتن الشمالي من الذين يحفظون في ذاكرتهم هول مجزرة عينطورة وكيف يمكن أن يحاول شريكهم في الوطن مواجهة الفكر بالرصاص والنهضة بالتقوقع.
ولعلّ كتابة التاريخ بحروف قومية يشكل تغييراً فعلياً يرجوه أهالي المتن خاصة واللبنانيون عامة، من هنا اختار الحزب السوري القومي الاجتماعي خوض المعركة الانتخابية في منطقة المتن الشمالي حيث أنه لم يكن يوماً من الطارئين على هذه المنطقة، والعرزال يشهد، كما غابات الصنوبر وكلّ المناضلين ودماء الشهداء.
تنشط ماكينة الحزب السوري القومي الاجتماعي في دائرة المتن الشمالي على قاعدة نبذ الطائفية والمذهبية والتركيز على هموم الناس بالدرجة الأولى، خاصة أنّ «القومي» يعتبر نفسه صمام الأمان، ليس على مستوى لبنان فحسب، إنما على مستوى الأمة. ويتحالف الحزب مع التيار الوطني الحر في دائرة المتن الشمالي.
يتحدث المنفذ العام سمعان الخراط عن عمل الماكينة الانتخابية في هذه الدائرة، مشيراً إلى تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي في منطقة المتن، فيقول: «أحب أن أؤكد بالدرجة الأولى، وقبل الدخول في تفاصيل عمل الماكينة الانتخابية في دائرة المتن، أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي ليس طارئاً على هذه المنطقة، بل هو عريق ومتأصّل ومتداخل بين عائلاتها وفئاتها الشعبية، وهو متجذّر فيها كما في كلّ منطقة لبنانية. والحزب هو صمام الأمان على مستوى الأمة وليس ضمن دائرة انتخابية واحدة، فنحن حزب جامع وحاضن، وضدّ الاقتتال المذهبي والطائفي، وضدّ الإقطاع، ولطالما كان خطابنا، نحن القوميون، كفيل بجمع أبناء هذا الوطن في ظلّ خطابات بعيدة عن الوحدة والعيش الواحد».
أما عن ما نحتاجه للنهوض بهذا البلد، يقول خراط: «هذا البلد يحتاج إلى الوحدة، وحدة المجتمع في ظلّ نظام سياسي مختلف بعيد عن الطائفية والمذهبية، والمطلوب قانون للأحزاب وللجمعيات على قاعدة أن نجمع لا أن نفرّق، وهذا هو جوّ القومية الاجتماعية، وبرأيي يجب على الناس أن تتلقف هذا الخطاب وتترجمه، ونحن من ضمن نسيج الناس وندرك همومهم، ومعاناتهم هي همّنا الأول. لذلك نحن نتوجه إلى الناس نخاطبهم ونسمعهم وننقل مشاكلهم لنعمل على معالجتها سواء كنا ضمن الندوة البرلمانية أو لم نكن».
ويضيف الخراط: «الناس متعطشة للتغيير فقد أنهكها الجو الطائفي والمحاصصة، وتشويه التاريخ، لذا نحن مع ترسيخ قواعد التربية ومواجهة من يروّج لمفهوم أنّ الخيانة وجهة نظر وننادي بتوحيد كتاب التاريخ شرط أن نكتبه ضمن إطاره الفعلي والحقيقي ونحدّد العدو الواضح والمعروف، ومن خلالكم نتوجه إلى الناس بثوابت محدّدة تقول لا للطائفية ولا للمذهبية ونعم للانصهار ضمن مجتمع يدرك معنى الانتماء إلى القضية القومية، مجتمع يحترم الإنسان، والبيئة، مجتمع ينبذ التفرقة.
من هنا وعبر «البناء» أشدّد على أهمية الخيار وأقول للجميع: إنكم أمام استحقاق مفصلي ويجب أن يعمل كلّ مواطن على تحديد موقفه بوضوح ووعي حيث أنّ هذه الانتخابات سترسم معالم مرحلة جديدة لأربع سنوات مقبلة ولا نريد للناس أن يندموا لاحقاً، نحن لا نجزم أننا سنصنع المعجزات لكننا سنكون جرس إنذار ينبّه إلى كلّ الشوائب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكلّ ما يحيط بالأمة من مخاطر، وكما قال الزعيم أنطون سعاده إننا نكلم أجيالاً لم تولد بعد، والأهمية في نشر الفكر والنهضة بالمجتمع ويبقى ذلك مقترناً بالأفعال وليس بالأقوال».
الأشقر: الحدّ من أعطاب النظام السياسي الفاسد
من جهته، يرى مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي غسان الأشقر أنّ قانون الانتخاب الحالي غير واضح المعالم بالنسبة إلى الناس ويربكهم، ويتحدّث عن الفوضى التي رافقت بداية المشهد العام في تشكيل اللوائح والتحالفات. ويقول في حديث لـ «البناء»: «إذا أردت أن أصف لك الصورة العامة لهذا الاستحقاق سأقول وبكلّ صراحة إننا كنا أمام فوضى واضحة حيث لم نكن نعرف من مع من، وحيث لم نشهد حالة استقرار في كيفية تشكيل اللوائح. وفي المقابل، جاء هذا القانون غير الواضح بالنسبة إلى الناس والذي يخدم أصحاب روؤس الأموال ويحصر الترشيحات ضمن هذا الإطار، بل إنه وللأسف يرسّخ المذهبية والطائفية وقد يرجّح الغلبة لمن يملك المال، حيث هناك من يعمل على توزيع هذا المال بشكل ملحوظ…
باختصار هذا القانون هو مفسدة حيث يعاني المواطن من حالة اقتصادية مزرية والبعض يستغلّ ضعفه من خلال الدفع غير المسبوق للمال. لكن رغم ذلك، نحن اخترنا أن نخوض التجربة، خاصة أننا نشكل الجانب المشرق في منطقة المتن الشمالي، فالحزب السوري القومي الاجتماعي متجذر في المتن وبالتالي خوضنا للمعركة الانتخابية في هذه الدائرة هو تأكيد لحضورنا وإعادة تثبيت لوجودنا على هذه الساحة التي أسّسها الزعيم أنطون سعادة وعمل عليها الحزب منذ 80 عاماً ولا يزال يعمل».
وفي الإطار نفسه يضيف الأشقر: «في لبنان لكلّ طائفة ساحتها ما عدا اللاطائفي الذي لا يجد مكاناً يقف فيه، والحزب السوري القومي الاجتماعي سعى، ومنذ سنوات طويلة، إلى توسيع الساحة التي وقف عليها مؤسّسه ألا وهي ساحة المتن الشمالي، ويحميها بنشر الفكر والتمسُّك بالنهضة، وحين ننظر إلى كلّ الحراك المدني البعيد عن التبعية والمال السياسي اليوم نرى أنه نتاج للعمل الجبّار الذي قام به الزعيم».
لماذا في المتن وفي هذه المرحلة المفصلية؟ يجيب الأشقر: «تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يمكن فصله عن منطقة المتن الشمالي، أبناء المتن عانوا وصارعوا وناضلوا، وهم في غالبيتهم متعلمون ويحفظون الجميل وليس من السهل أن ينجح أيّ نظام فاسد في إلغاء حضورهم، ولأننا ندرك حجم معاناتهم والتعب الذي يتملّكهم كان لا بدّ لنا من تمثيلهم وخوض المعركة الانتخابية باسمهم بحيث سنعمل على مكافحة النظام السياسي العصيّ على التغيير، ومن خلال هذا المنبر أعد المتنيين خصوصاً واللبنانيين عموماً بأنني سأحاول وهم عليهم مساعدتي في ذلك، وتاريخي في المجلس النيابي يشهد على مواقفي، فقد كنت دوماً من المهاجمين والمشرّحين لبنية النظام السياسي الفاسد وسأستمرّ كما بدأت مع رفقائي القوميين وكلّ الزملاء النواب المقرّبين من الحزب القومي، إنها ورشة فعلية للحدّ من أعطاب هذا النظام، هذا البلد بات فقيراً وحتى الفقير لم يعد يجد له مكاناً فيه. للأسف نحن في دولة الـ30 أو الـ 40 مليونيراً، اللبنانيون عامة، والمتنيون خاصة، عليهم أن يحاولوا وقف هذا التدهور الذي نسير به ولم نزل، وأكرّر مقولتي بأننا إذا كنا في حفرة ونسعى إلى الخروج منها يجب أولاً أن نوقف الحفر ونجهد للصعود إلى مجتمع مدني فاعل يحترم الإنسان وقواعد التربية والبيئة وينبذ المذهبية والمحاصصة والفساد».