الرفيق حنان.. و»نوروزه» المُدمّى!

نظام مارديني

عشية احتفالات جزء من شعبنا «السوراقي» في يوم «نوروز»، فاجأنا رحيل الرفيق كمال عبد الحنان المعروف باسم الرفيق حنان ، مختتماً سنواته الـ 90 من حياته بالشهادة بعد قصف جيش الاحتلال التركي منزله في مدينة عفرين السورية.

لا يمكن نسيان هذا الرفيق «الكردي» السوري النبيل بالنسبة لأجيال متعدّدة من أشبال وزهرات الحزب السوري القومي الاجتماعي حيث كان يشرف على مخيماتهم في بولونيا بالمتن الشمالي في لبنان.

لم يتوقف عمله الحزبي على ذلك، وهو الذي أشرف على تهيئة الرفقاء الذين خاضوا معركة صنين الشهيرة بدعم من الجيش السوري، وسط عاصفة ثلجية كبيرة، واسترجعوا فيها غرفة صنين، بعد معارك مع القوات اللبنانية المدعومة من قبل «إسرائيل» ذلك الوقت. ولا زالت صورة الرفيق حنان ماثلة أمامي وهو يتأكد من ثياب الرفقاء الخاصة التي ستحميهم من الطقس المثلج.

في مرافعته أمام المحكمة العسكرية في لبنان خاطب رئيس المحكمة: أنا الرفيق كمال عبد الحنان «كردي»، وأصلي من جبل الأكراد. في جبل الأكراد خمس طوائف: سنيون، ويزيديون، وعباد الشيطان وعباد النار وعباد الأصنام.

الطوائف الخمس على خلاف مستمر. ولما ظهرت حركة القومية العربية في جبل الأكراد أسرع الأكراد بالمطالبة بدولة كردية مستقلة، برغم علمهم أن هذه الدويلة ضرر بالغ عليهم ومن ثمّ على غيرهم.

فلما تعرفتُ أنا على العقيدة القومية الاجتماعية خفّت شوفينيتي الكردية وعنصريتي الجامحة وتصالحتُ مع المجتمع السوري الذي يحضن الجميع في إطار القومية الاجتماعية.

أنا مدينٌ للنهضة التي علّمتني حبّ بلادي وشعبي كله من مطلق طائفة ومذهب ومنطقة ينتمون إليها. النهضة صالحتني مع «العروبة الحقيقية» بغير أوهام دينية أم عرقية أم لغوية، بل بسبب الرابط الاجتماعي والشراكة في الأرض والإنتاج والقيم. فلماذا لا أحبّ عقيدتي ونهضتي والحزب وكل عضو فيه؟

كانت رغبة الرفيق حنان أن يختتم حياته في عفرين وأن يحتفل بعيد «نوروز» مع أهله ومتحده «العفريني» وكان يتمنى أن تكون المناسبة حافزاً للجميع، للتأكد من أنها تنتمي إلى أمة عظيمة قال عنها المؤرخ أرنولد توينبي: كل إنسان متمدّن في العالم له وطنان، سورية ومسقط رأسه.

ولكن أبى «نوروز» إلا أن يكون مُدمّى هذا العام بعد العدوان التركي البربري على أهلنا وأرضنا في منطقة عفرين، لا سيما أن «نوروز» هو يوم يتساوى فيه الليل مع النهار، وهو مهرجان شعبي «تموزي» بامتياز تحتفل فيه شرائح كثيرة من شعبنا في سورية والعراق ولبنان والمهجر. وفي حين ترجع قصة هذه الاحتفالية إلى ما هو خيالي وأسطوري عند البعض، إلا أن البعض الآخر يرى فيها ما يجسّد ذكرى الثورة على الظلم، يوم قاد «كاوه» الحداد ثـورة على الملك «ضحاك» مع مجموعة من الشبان الثائرين. وكلمة «نوروز» كلمة مركبة تتألف من كلمة «نو» بمعنى جديد بالعربية وكلمة «روز» بمعنى يوم.. أي اليوم الجديد.

يقول لكم الشهيد حنان:

لم يعطنا كاوه الحدّاد جناحَيْن خرافيين

بل كلمة السر

وفي كل ربيع

تنثر الريحُ

صدى صوت مطرقته

عالياً

انتصاراً على قوى الشر

ودخولاً إلى عالم الفرح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى