غصن: لوضع استراتيجية تنموية عربية في مواجهة التحديات الكبرى
أشار الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن إلى «أنّ معدل البطالة في الوطن العربي 29 في المئة، في حين أنّ المعدلات العالمية 13 في المئة، وهو ما يوضح مدى الأزمة التي تمر بها دولنا العربية»، لافتاً إلى «أنّ هذه النسبة تقرع أجراس الإنذار حيث تتطلب توفير 60 مليون وظيفة بحلول العقد المقبل، بحسب كلّ التقارير الرسمية».
وأشار غصن، في تصريح، إلى «أنّ الإصلاحات الاقتصادية الجذرية تعمل على تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل»، موضحاً «أنّ مفهوم العمل يمرّ بتغيرات كثيرة، وأنّ مهناً كثيرة في طريقها إلى الاختفاء، ما يضع على الدول العربية مسؤولية مواكبة هذه التغيرات»، مطالباً «بإجراء تطوير كبير في نظم التعليم والتشغيل لكي تستوعب المهارات المطلوبة للمنافسة في هذا العصر ولتوفير فرص عمل للشباب، ووضع قوانين وتشريعات من شأنها الدفاع عن حقوق العمال المهاجرين واستبدال العمالة الأجنبية بالعربية، وتسهيل عملية تنقل الأيدي العاملة العربية /العربية».
واعتبر غصن «أنّ توفير فرص العمل للشباب يستدعي إدخال إصلاحات جذرية واسعة على المنظومة الاقتصادية في الدول العربية، لربط التعليم بفرص العمل وتجاوز الفجوة الكبيرة القائمة بين الوظائف من ناحية والمهارات المطلوبة لها من ناحية أخرى»، مشيراً إلى «أهمية الأخذ في الاعتبار أنّ النموذج التنموي العربي لا يزال في معظمه غير قادر على توفير البيئة المناسبة التي تطلق الطاقات المبدعة لدى الشباب».
كما أشار إلى «أنّ الدول العربية موحّدة بقوة التاريخ والحضارة، وهى متواصلة جغرافياً ومنسجمة إنسانياً ومتكاملة طبيعياً بفضل ما تزخر به من موارد بشرية وطبيعية هائلة»، داعياً إلى «وضع استراتيجية تنموية عربية لمجابهة التحديات الكبرى التي تواجه الشباب العربي، على أن تفعِّل دورهم في عملية البناء والتعمير، ورفع معدلات التنمية البشرية في المدن والقرى، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتعزيز القدرات التنافسية على كلّ الأصعدة».
وقال غصن: «إننا نعيش الآن مرحلة من أخطر المراحل، خاصة في ظلّ متغيرات دولية وإقليمية يشهدها الجميع، وتفرض على الجميع تحديات هي من صميم اختصاصات منظمة العمل العربية، ومنظمة العمل الدولية، والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، للحفاظ على الشباب العربي وعدم تركه فريسة سهلة للجماعات الإرهابية المتطرفة»، موضحاً «أنّ ذلك يستلزم تعزيز التعاون العربي المشترك ومدّ مجالاته وآفاقه لمجابهة هذه التحديات والتغلب عليها، في إطار الحوار بين الشركاء الاجتماعيين على مستوى وطننا العربي، وإنّ الوطن العربي بحاجة إلى تفعيل الحوار الاجتماعي، في ظلّ الظروف الراهنة التي تمر بها الدول العربية من تناقص الاستثمارات، وانخفاض معدلات السياحة، الأمر الذي أثر على تحقيق التنمية المستدامة».وطالب «بالاهتمام بالتدريب المهني الذي يعدّ أحد المشاريع الأساسية لدعم التشغيل والحدّ من البطالة، وهو ركيزة أساسية للتنمية، الأمر الذي يقتضي تدريب العنصر البشري تدريباً جيداً، فضلاً عن ضرورة تعزيز دور المرأة ومشاركتها في تحقيق التنمية».
وتابع الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب: «إنّ ما سبق من معلومات ومطالب ذو أهمية كبيرة، خاصة أنّ كل الأرقام تؤكد حقيقة أزمة البطالة التي تتخطى الـ25 مليون عاطل عن العمل، بحسب بيانات منظمة العمل العربية»، موضحاً «أنّ بيانات رسمية حديثة أظهرت أنّ أكثر من ثلثي العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي 69.3 في المئة ، هي عمالة أجنبية وافدة. وبحسب بيانات صادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي، بلغ إجمالي عدد الأيدي العاملة في دول المجلس، 20 مليون عامل، وبلغ عدد العمالة الوافدة في دول الخليج العربي 13.86 مليون عامل وافد حتى نهاية العام الماضي. ولا تشمل أرقام العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي، أرقام دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أنه، وبحسب تصريحات حديثة لسفير الشباب العربي لدول مجلس التعاون الخليجي عضو مجلس إدارة مجلس الشباب العربي محمد بن عايض الهاجري، فإنّ أهم ما يريده الشباب من التنمية هو تحسين البيئة التعليمية وتوفير أحد الوسائل التقنية في المراحل التعليمية كافة، وإشراك الشباب أنفسهم في وضع الاستراتيجيات وخطط العمل التي ستنفذ للشباب والاهتمام بتمليكهم القدرات التي يحتاجونها في عصر العولمة مثل التفكير النقدي وحلّ المشكلات، والعمل ضمن فريق واستخدام التقنية، وإنشاء حاضنات للشباب لدعم افكارهم وإبداعاتهم وتحويلها إلى مشاريع ناجحة»، معرفاً الشباب بأنهم «الذين في المرحلة العمرية من 15- 25»، حسب تقرير هيئة الأمم المتحدة».
وشرح غصن: «وفق التقرير الإقليمي حول حالة السكان الذي أطلق في جامعة الدول العربية عام 2012 عدد سكان الوطن العربي 367 مليون نسمه أغلبهم من الشباب 70 في المئة من مجمل سكان المنطقة هم من الشباب دون سن الـ 25 عاماً ». وتناول غصن مشاكل الشباب في عصر العولمة ومنها الانحراف الفكري لتعرض الشباب للفكر الضال «وهذه المشكلة لا يعاني منها الشباب فقط ولكن يعاني منها المجتمع عندما يقوم الشباب بتنفيذ بعض الأفكار الهدّامة والمؤثرة على زعزعة الأمن والاستقرار في بعض الدول العربية».
واستشهد الأمين العام بأحدث تقرير لمنظمة العمل العربية حيث أفادت بأنّ عدد الأشخاص العاطلين عن العمل في جميع أنحاء العالم قد تخطى 200 مليون شخص، مرتفعاً بمقدار 3.4 مليون شخص منذ العام الماضي، وحذرت فيه المنظمة من ركود الأعمال التجارية الصغيرة. إذ يشير التقرير إلى أنّ أثر ذلك يكون أسوأ على الاقتصادات النامية، حيث يعمل أكثر من نصف العاملين في الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، وتأكيدها أنّ الأزمة تتزايد في المنطقة العربية بسبب عدم وجود خطة حقيقية للمواجهة.
وفي الختام، دعا غصن إلى «خطة عربية مشتركة لمواجهة أزمة البطالة والتشغيل وتوفير العمل اللائق، من خلال تسهيل تنقل الأيدي العاملة بين الدول العربية وحماية العمال المهاجرين وإقامة المشروعات التي توفر فرص العمل والاهتمام بملفات التدريب وربط مناهج التعليم بسوق العمل، وكذلك التنسيق بين أطراف العمل الثلاثة من حكومات وأصحاب أعمال وعمال، في مؤتمر العمل العربي في نيسان /أبريل المقبل في القاهرة، ومؤتمر العمل الدولي في جنيف في حزيران/يونيو، من أجل العمل المشترك والتنسيق لمواجهة تلك المشكلات التي تتزايد أيضاً بسبب الإرهاب الذي كبّد الاقتصاد العربي أكثر من 800 مليار دولار في 5 سنوات فقط، وأيضاً الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وتأثير ذلك على تدمير الاقتصاد وعرقلة الإنتاج، ورفع نسب البطالة والفقر، وفضح المخططات الأميركية الاستعمارية للسطو على ثروات الوطن العربي عبر التهويل ومطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب شراكته بالثروة مقابل تأمين الحماية المزعومة».