ترامب: سنخرج من سورية… وبن سلمان يعيد صياغة وعد بلفوز بتعابير نتنياهو شارع لسلمان في بيروت… و«نيويوركر»: الحريري تعرّض للضرب في الرياض

كتب المحرّر السياسي

بينما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع مع الرئيس التركي رجب أردوغان حجر الأساس للمحطة الكهروذرية مؤكداً تسليم شبكة صواريخ أس أس 400 للدفاع الجوي لتركيا، كان الجيش التركي يحجز مسلّحي جيش الإسلام لساعات قبل السماح لقافلتهم التي غادرت الغوطة بالتوجه لمدينة جرابلس، في رسالة لما سيكون عليه الحال في السجن التركي الكبير، حيث كل خطوة بإذن مسبق، فيما كان الرئيس بوتين يتوجه لأردوغان بالحديث عن سورية مشيداً بدور إيران مستبقاً وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني للمشاركة في القمة الثلاثية التي ستضم الرؤساء بوتين وروحاني وأردوغان، ويتصدّر جدول أعمالها الوضع في سورية، الذي رسم بوتين إطاره بمعادلة أولوية وحدة وسيادة سورية.

بالتزامن كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يجدّد تأكيد قراره بالانسحاب من سورية، قائلاً: سيعود جنودنا قريباً إلى بلادهم، بينما كانت صحيفة أتلانتيك الأميركية تنشر حديثاً مطولاً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كان أبرز ما فيه اللغة التي تحدث بها إبن سلمان عن حق إقامة دولة يهودية في فلسطين مستعيداً تعابير وعد بلفور، لجهة الحق التاريخي لليهود بأرض أجدادهم، لافتاً النظر للاهتمام بالفلسطينيين بلغة وعد بلفور ذاتها، مضيفاً لوعد بلفوز نكهة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالحديث عن تطابق مصالح إسرائيلي سعودي أبعد من حدود التعاون بوجه إيران.

اللافت كان تزامن آخر، وهو أن يكرم لبنان الملك السعودي في ظل هذا التجرؤ السعودي على القضية الفلسطينية، فيطلق اسم الملك سلمان بن عبد العزيز على أحد شوارع العاصمة بيروت، برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري، فيما كانت صحيفة النيويوركر الأميركية المعروفة باحترافيتها في الصحافة التحقيقية، تنشر نصاً لأحد أبرز كتابها، دكستر فيلكنس، لتحقيق استغرق أشهراً حول تفاصيل التغييرات التي تشهدها السعودية منذ صعود نجم ولي العهد محمد بن سلمان، وعلاقته المميزة بصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر، وتأثير ذلك على العلاقة السعودية الإسرائيلية، والنظرة السعودية للبنان وحزب الله، وبالتالي التعامل مع رئيس الحكومة سعد الحريري، وفي ما يلي مقتطفات من التقرير:

«استدعى محمد بن سلمان سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، إلى الرياض. وقد تلقى الحريري هذه المكالمة بينما كان يستعدّ لتناول طعام الغداء مع فرانسواز نيسن، وزيرة الثقافة الفرنسية، لكنه لم يكن في وضع يمكنه من تجاهل إبن سلمان فقد كان الحريري مواطناً سعودياً، وكانت شركته للبناء، سعودي أوجيه، التي كانت مملوءة بالديون، قد نفّذت مشاريع بقيمة ملايين الدولارات لصالح الدولة السعودية.»

«لكن بالمقابل كان السعوديون يأملون أن يتمكن الحريري من مواجهة حزب الله. كان سنيًا، وسياسيًا محنكًا، شغل منصب رئيس الوزراء في الفترة من 2009 إلى 2011، عندما هرب إلى باريس، بسبب الخوف من أن حزب الله يستعدّ لقتله. لم تكن مخاوفه قائمة على أساس من الصحة . في عام 2016، بعد عامين من الجمود البرلماني، الذي تعمل فيه البلاد من دون رئيس دولة، عاد وأخذ منصبه.»

«عندما استدعي الحريري للقاء محمد بن سلمان، توقع استقبالاً حاراً من العائلة المالكة. «سعد كان يفكر في أن كل مشاكله مع محمد بن سلمان ستحلّ كما قال لي أحد مساعدي الحريري، لكن بدلاً من ذلك، في الرياض، واجهته الشرطة، التي احتجزته. ووفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين نشطين في المنطقة، فقد احتُجز لمدة 11 ساعة. وقال لي أحد المسؤولين: «وضعه السعوديون على كرسي، وصفعوه مراراً وتكراراً». أنكر المتحدّث باسم الحريري ذلك . في النهاية، في فيديو سريالي تم بثه على التلفزيون السعودي، ألقى الحريري، الذي بدا منهكاً ومتجذراً، خطاباً استقالياً، مدعياً أنه هرب من لبنان للتهرّب من مؤامرة إيرانية لقتله. وقد أعلن الحريري، الذي يتحدث عادة بهدوء، أن «أيدي إيران في المنطقة ستقطع» – وهو تصريح أقنع العديد من اللبنانيين بأن الخطاب قد كتبه شخص آخر.»

«أخبرني مسؤول أميركي كبير في الشرق الأوسط أن المؤامرة هي «أغبى شيء رأيته في حياتي». لكن كانت هناك مؤشرات على أن محمد بن سلمان قد شارك في تحرّكاته مع إدارة ترامب، ربما في قمة الرياض، فقد أخبرني مسؤول استخباري سابق رفيع المستوى قريب من البيت الأبيض أن بن سلمان حصل على «الضوء الأخضر» لإزالة الحريري. نفى مسؤول كبير في الإدارة ذلك . »

«في نهاية المطاف، انهارت الخطة عندما احتجّت معظم المؤسسات السياسية اللبنانية على أسر الحريري. بعد أسبوعين من وصوله، كان سعد الحريري على متن طائرة، وكان أول من التقى بمسؤولين في باريس والقاهرة، ثم إلى بيروت، حيث تنعّم بالتعاطف. قال لي أحد كبار قادة حزب الله: «البلد كله موحّد حوله».»

«بعد أيام عدة من عودته، ذهبت لرؤية الحريري في بيروت. يعيش في حي بيت الوسط، داخل مجمع عالي الجدران من الفيلات المستعادة بشكل رائع مع إطلالة على البحر الأبيض المتوسط. على بعد بضعة أبواب يجلس كنيس ماغهام أبراهام، الذي دُمّر أثناء الحرب الأهلية وأُعيد بناؤه بمساعدة أسرة الحريري. على الرغم من الأجواء المحيطة، إلا أنه بدا محاولاً الجمع بين صورة بطل عائد والسجين السابق المنهك. «لا أريد أن أتحدث عما حدث للتو»، قال وقد سقط خلف مكتب، «إن محمد بن سلمان كان على حق، O.K.؟ ما يحاول القيام به هو الصحيح. «»

«المملكة المتهالكة»: سنواجه إيران من لبنان

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في 6 أيار تتسع دائرة الحراك السعودي في لبنان والتدخل المباشر في الشأن الانتخابي، فبعد زيارات القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري الى بعلبك والى دارة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في كليمنصو، أجرت المملكة أمس، إعادة انتشار في العاصمة بيروت عبر تدشين جادة باسم الملك سلمان بن عبد العزيز في ميناء الحصن، في احتفال رسمي أقيم بالمناسبة اتسم بحضور سياسي رسمي لافت، ما يُخفي أهدافاً سياسية وانتخابية واضحة ويؤشر الى أن سياسة جديدة تتبعها المملكة في لبنان ومع حلفائها في فريق 14 آذار لحشد جبهة داخلية لمواجهة حزب الله وإيران.

منذ تعيين «المملكة» سفيراً جديداً لها في بيروت، وهي تحاول جاهدة تصحيح علاقتها مع لبنان ومحو آثار وتداعيات الخطأ الذي ارتكبته باحتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في المملكة وإرغامه على تقديم استقالته، بحسب مصادر مطلعة على السياسة السعودية في لبنان والمنطقة، التي أشارت لـ «البناء» الى أن «المملكة وضعت إيران الحاضر الأكبر في معاركها وتعمل على استعادة لبنان كساحة من ساحات المواجهة والاشتباك مع طهران من خلال الدعم السياسي والمالي لحلفائها إلى جانب العراق وسورية واليمن».

وتعتبر السعودية، بحسب المصادر، أن «لبنان إحدى الساحات التي استثمرت عليه منذ علاقتها مع الرئيس رفيق الحريري وتحاول استعادة هذه العلاقة مع الرئيس سعد الحريري بعدما وجدت أنها خسرت جراء الأخطاء الذي ارتكبها ولي العهد محمد بن سلمان بإرغام الحريري على الاستقالة وردود الفعل التي رافقتها والتي أظهرت وحدة وطنية بين المكوّنات اللبنانية». وأشارت المصادر الى أن «السعودية تعود الى لبنان من البوابة المذهبية. وهذا ما يفسّر ارتفاع وتيرة الخطاب المذهبي خلال الأسبوعين الأخيرين».

وتضيف المصادر بأنه «رغم الضغط السعودي لتوحيد فريق 14 آذار غير أنه لا يزال هشاً في ظل الخلافات التي تعصف بأركانه لا سيما بين الحريري وكل من جنبلاط ورئيس القوات سمير جعجع، كما أنها تحاول استدراج الحلفاء القدامى كجنبلاط الى معسكرها لتكوين حلف كبير لمواجهة حزب الله. لكن جنبلاط بحسب المصادر، «لا يزال على تموضعه الجديد ولديه وضعية استثنائية ولا يميل إلى التماهي مع السياسات السعودية في لبنان والمنطقة ولا حتى مع السياسات في المملكة نفسها ويفضل الحفاظ على مسافة احترازية بين المحاور حتى مع الحلفاء القدامى».

ولفتت المصادر الى أن «المملكة لن تتورّع على دفع المال الانتخابي والسياسي للتأثير في المعادلة الانتخابية للحؤول دون حصد فريق حزب الله وحلفائه أغلبية كاسحة في المجلس النيابي المقبل والتحكم بالمعادلة الحكومية وتحديد رئيس الجمهورية المقبل لا سيما في ظل التحوّلات الميدانية والسياسية المتسارعة في سورية، فتحاول المملكة المتهالكة والمأزومة في ساحات المنطقة إعادة التموضع في لبنان وتركيب حلف سياسي لمواجهة أي تأثير يمكن أن تمارسه سورية على لبنان بعد استعادة عافيتها وانتهاء الحرب حيث لا يبقى للسعودية ساحة تمارس نفوذها وتصدّيها لإيران مع فشل الحرب في اليمن وسورية وتقلص نفوذها في العراق».

خلوة ثلاثيّة برعاية سعودية

وبعد فشلها في جمع قادة 14 آذار في حلف انتخابي واحد، استعاضت المملكة عن ذلك بـ «خلوة ثلاثية» جمعت الحريري جعجع جنبلاط على هامش العشاء الذي أقامته السفارة السعودية في فندق «فينيسيا»، مساء أمس برعاية البخاري وحضور المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا الذي وصل إلى بيروت أمس.

ويأتي هذا اللقاء بعد تردّي العلاقة الانتخابية والسياسية بين الحريري وكل من جعجع وجنبلاط، وقد أشار الحريري من بكركي إلى أن «علاقتي مع جنبلاط «بتطلع وبتنزل» لذلك أتطلع لعلاقة استراتيجيّة بعيداً من اليوميّات التي تُعتبر جزءاً من الحياة السياسيّة»، مؤكداً أن «لا مشكلة لديّ في لقائه وهو يعرف مكانته عندي». ورداً على سؤال، قال إن «علاقتي مع الدكتور سمير جعجع ممتازة وعايدته أمس وسنلتقي قريباً»، لافتاً الى «انني لم أترك حلفائي في 14 آذار».

وكان رئيس الحكومة قد أكد في كلمته في احتفال تدشين جادة الملك سلمان الى أنه «بين لبنان والسعودية تاريخ لن ينكسر مهما سعوا الى ذلك سبيلاً، وهذه الأمسية البيروتية تؤكد أن عروبة لبنان تتقدم على كل المعادلات»، فيما دعا جنبلاط الى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع السعودية.

بدوره أكد البخاري أن «السعودية كانت ولا تزال وستبقى ضنينة على سلامة لبنان واستقراره والمحافظة على وحدته ووحدة أبنائه. وفي هذا الاطار نثني على جهود الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري في مواجهة التحديات».

أين المليارات السعودية؟

وقالت مصادر سياسية بيروتية لـ «البناء» إن «تشييد جادة محاولة سعودية لتعزيز الحضور والنفوذ السعودي في لبنان، ولو شكلاً، للدخول مجدداً الى القرار اللبناني لاستدراجه الى خيارات خارجية تخدم المشروع الأميركي الصهيوني للتطبيع مع «اسرائيل» وتعمل على توفير أغلبية نيابية لفريق 14 آذار وضم جنبلاط اليه للسير قدماً في تنفيذ هذا المشروع. وما الاستعراض السعودي في العاصمة إلا محاولة لتغيير هوية بيروت ونقلها من محور المقاومة الى ضفة التطبيع مع اسرائيل»، غير أن المصادر أكدت أن «بيروت لن تُشرى ولن تُباع ولن يستطيع أحد التأثير في قرارها المستقلّ المقاوم»، وتساءلت «أين المليارات السعودية التي وُعِد لبنان بها من مملكة الخير؟ وما الذي قدمته السعودية كي يقام لها هذا التقدير وتشييد جادة باسم ملكها؟».

واتهمت المصادر رئيس الحكومة ووزير الداخلية، خصوصاً بتسخير الخدمات الحكومية وإمكانات وزارة الداخلية للتأثير على قرار الناخبين واستمالتهم مقابل خدمات متنوّعة، فضلاً عن التحريض الطائفي والمذهبي والعنصري ضد اللوائح الأخرى ما يعكس اختلالاً في فرص المرشحين، وتساءلت كيف أن الحكومة تشرف على إجراء الانتخابات وأغلب أعضائها مرشحون؟ داعية هيئة الإشراف على الانتخابات إلى التدخل لضبط هذه الممارسات التي تعرّض نتائج الانتخابات الى الطعن.

ولاحظت الهيئة في بيان لها «تصاعد حدّة الخطاب السياسي والإعلامي بين القوى السياسية والأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة التي تعبر عن وجهات نظر القوى السياسية التابعة لها متجاوزة الموجبات التي فرضها قانون الانتخاب لا سيما المادة 74 منه». ودعت الهيئة إلى «الامتناع عن التشهير او القدح او الذم وعن التجريح بأي من اللوائح أو من المرشحين، كما والامتناع عن بثّ أو نشر كل ما يتضمن إثارة للنعرات الطائفية او المذهبية او العرقية او تحريضاً على ارتكاب اعمال العنف او الشغب او تأييداً للإرهاب او الجريمة او الاعمال التخريبية».

على صعيد آخر، وقبيل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر باريس 4، أشار الحريري الى أن «الاصلاحات ضرورية لمصلحة لبنان لا للذهاب الى مؤتمر «سادر» فقط، موضحاً أن «علينا العمل على انفسنا والنظر الى القوانين القديمة التي لم تطبق بعد والعمل على إصلاحات تتماشى مع التطورات».

وبعد تأكيد الحريري على إعادة انتخاب الرئيس بري رئيساً للمجلس النيابي، قال المشنوق أمس، «إنّنا مع الرئيس نبيه بري، وكما سمعت من الرئيس الحريري، على خلاف ما تردّد عن أنّ تيار المستقبل لن يجدّد انتخابه بعد الانتخابات النيابية، لأنّه يؤكّد دائماً على وطنيته وعلى عروبته، وهذه مسألة غير خاضعة للنقاش».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى