بوتين: يمكن صناعة المادة السامة التي استخدمت في تسميم سكريبال في 20 دولة

طالبت موسكو من لندن بالاعتذار عقب تأكيد مدير مختبر الأبحاث البريطاني السرّي بورتون داون أنّ «خبراءه فشلوا في تحديد مصدر منشأ المادة الشالة للأعصاب»، وكانت بريطانيا قد اتهمت روسيا باستعمالها في تسميم سيرغي سكريبال وابنته.

بوتين

في هذا الصّدد، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «أنّ المادة السامة التي استخدمت في تسميم العميل السابق سيرغي سكريبال يمكن صناعتها في 20 دولة».

تصريح بوتين جاء خلال مؤتمر صحافي، حيث قال إنه «وفقاً للخبراء الدوليين، في ما يقرب من 20 بلداً حول العالم، يمكن إنتاج مواد مماثلة تشلّ الأعصاب».

وبحسب بوتين فإنّ «اللجنة التنفيذية للمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية ستعقد اليوم دورة لها من أجل تحليل هذا الوضع بأكثر الطرق تفصيلاً»، مضيفاً «وضعنا على الأقل 20 سؤالاً للمناقشة، ونأمل أنه خلال هذه المناقشة، ستوضع النقطة الأخيرة في ما حدث».

كما نوّه الرئيس الروسي إلى أنه «تطرّق إلى حادثة سكريبال مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش مؤتمر القمة الثلاثية التي عقدت أمس في تركيا».

وتأتي تصريحات بوتين عقب تأكيد مدير مختبر الأبحاث البريطاني السرّي بورتون داون في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز»، أنّ «خبراءه فشلوا في تحديد مصدر منشأ المادة الشالة للأعصاب التي، وفقاً للمزاعم البريطانية، استعملت في تسميم سيرغي سكريبال وابنته».

وأحدثت تصريحات داون ضجة في الإعلام البريطاني وقالت وسائل إعلام محلية «إنّ هذا الأمر يُحرج وزير الخارجية بوريس جونسون».

وعلى خلفية مقتل سكريبال، تشهد العلاقات الدبلوماسية الروسية البريطانية توتراً كبيراً وقد طالبت روسيا بريطانيا بسحب أكثر من 50 فرداً من دبلوماسييها في موسكو.

ويأتي طلب الأخيرة، بعدما قامت بطرد 23 دبلوماسياً بريطانياً وأغلقت القنصلية البريطانية في سان بطرسبورغ وأوقفت نشاطات المجلس الثقافي البريطاني، رداً على طرد لندن 23 دبلوماسياً روسياً من أراضيها.

ناريشكين

من جهته، قال رئيس المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين أمس، «إنّ تصرفات واشنطن تجاه روسيا تشير إلى أنه من الممكن الحديث عن عودة الحرب الباردة».

وقال ناريشكين في مؤتمر موسكو للأمن الدولي «أصبحت واشنطن تركّز اهتمامها على محاربة شيء غير موجود يسمى التهديد الروسي. وصل الأمر إلى مستوى وأصبحت له خصائص سخيفة، بحيث من الممكن الحديث عن العودة إلى الأوقات المظلمة للحرب الباردة».

وأضاف أن تسميم العميل الروسي المزدوج في بريطانيا «عمل استفزازي من جانب المخابرات الأميركية والبريطانية».

وتابع «حتى قضية سكريبال استفزاز أعدّته بفجاجة أجهزة الأمن الأميركية والبريطانية.. بعض الحكومات الأوروبية لا تتبع لندن وواشنطن بشكل أعمى وبدلاً من ذلك تختار أن تقيّم ما حدث بإمعان».

بيسكوف

بدوره، صرّح المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بأنه «يجب على رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ووزير خارجيتها، بوريس جونسون، الاعتذار من روسيا بسبب الاتهامات في قضية سكريبال».

وجاء ذلك في معرض تعليق بيسكوف، على النتائج التي توصل إليها خبراء المختبر العسكري السري في بورتون داون البريطاني، إذ لم يتمكنوا من تحديد بلد المنشأ للمادة التي سمم بها الضابط السابق في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال.

وقال بيسكوف: «نظريتهما ماي وجونسون لن تثبت في أي حال، لأنه يستحيل تأكيدها.. الجانب الروسي قال منذ البداية إنه لا علاقة له بالقضية .. أما وزير خارجية بريطانيا، الذي اتهم الرئيس بوتين، ورئيسة الوزراء البريطانية، التي أبلغت شركاءها في الاتحاد الأوروبي بشيء عن القضية ، سيكون عليهما النظر إلى أعين أولئك»، متابعاً «من الضروري على جونسون وماي، بطريقة أو بأخرى الاعتذار للجانب الروسي»، مضيفاً أن «هذه القصة لا تزال طويلة، لقد وصل الجنون لمرحلة بعيدة جداً».

ريابكوف

فيما أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف «أنّ بريطانيا حدّدت المذنبين في قضية تسميم عميل الاستخبارات البريطانية السابق سيرغي سكريبال مسبقاً، ولن تتراجع عن موقفها مهما كانت الوقائع».

وقال ريابكوف، تعليقاً على تصريح رئيس المختبر العسكري البريطاني في بورتون داون، حول أنه عجز عن تحديد مصدر المادة السامة: «بناء على ما قالوه قبل هذا الإعلان، وما يقوله وينشره مسؤولون بريطانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنني الاستنتاج أنه لم تكن لديهم أي أوهام، وأنهم حدّدوا المذنبين منذ البداية، ولن يتراجعوا عن هذا الموقف».

وتابع: «سنرى في الوقت القريب تصعيداً لهذه القصة على الرغم من المنطق والوقائع والتفكير السليم، لأنّ هناك أهدافاً مختلفة تماماً، وتجري إثارة هذه القضية ليس من أجل تحديد ما حدث لسيرغي سكريبال وابنته في الحقيقة، بل لإيجاد ذريعة لشيطنة روسيا على الصعيد الجيوسياسي بصورة شاملة وعزلها».

وأشار ريابكوف إلى أنه «تستمر في الوقت الراهن في لاهاي الدورة الخاصة للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي عقدت بمبادرة روسيا»، معرباً عن «أمله في تحقيق نتائج تكسر الجمود في هذه العملية».

وفي هذا السياق، وصف الوفد البريطاني إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المقترح الروسي لإجراء تحقيق مشترك في قضية سكريبال بـ»الخبيث».

وجاء في تغريدة على الحساب الرسمي للوفد البريطاني على «تويتر» أنّ المقترح الروسي «يهدف لتشتيت الانتباه، والتضليل والتهرب من الأسئلة التي يتعين على السلطات الروسية الإجابة عنها».

زاخاروفا

من جهتها، علقت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على نتائج المختبر العسكري البريطاني في بورتون داون، في قضية تسميم الضابط السابق في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال.

وفي هذا الصّدد، كتبت زاخاروفا في تغريدة على صفحتها في موقع تويتر: «لن أكون مندهشة إذا ما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وجميع هذا الفريق اللامع معها ، أن جميع هذه الخطابات أمام البرلمان وتشكيل هذه التحالفات العالمية، كانت نتيجة قرصنة نفذها الهاكر الروسي في إستوديوهات ديزني للرسوم المتحركة، وأنهم في الواقع لم يتلفظوا بكل هذا الهراء».

وتابعت زاخاروفا: «عن ماذا أتحدث؟ أتحدث عن أن رئيس مختبر بورتون داون، قال للتو إن الخبراء لا يستطيعون تحديد ما إذا كانت روسيا بلد منشأ مادة الأعصاب نوفيتشوك المستخدمة في تسميم سيرغي سكريبال وابنته يوليا».

وأضافت: «أتحدث أيضاً، عن أنّ وزارة الخارجية البريطانية أعلنت لتوها أنها اتخذت قراراً بشأن إدانة روسيا بناء على شكوك.. أتحدث أيضاً عن أن مختبر بورتون داون، يرفض تأكيد ما إذا كان قد أنتج المادة التي تصنف غربياً تحت مسمى نوفيتشوك ».

وأنهت زاخاروفا تغريدتها، متسائلة: «ماذا سيقولون جميعهم بعد ذلك؟ هل سيستمرون في الكذب؟ المناورة؟ رمي المسؤولية على بعضهم البعض؟.. هم لا يفعلون ذلك للمرة الأولى.. سأخبركم غداً في إحاطتي الصحافية بأنه في واحدة من……. غداً سأكمل لكم.. قصة فريدة من نوعها».

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس، «طردها دبلوماسياً هنغارياً وآخر بلجيكياً رداً على خطوة مماثلة اتخذها البلدان تضامناً مع لندن في قضية سكريبال.

وقالت الخارجية في بيان بشأن الدبلوماسي الهنغاري: «في الرابع من نيسان، تم استدعاء السفير فوق العادة المفوض لهنغاريا لدى روسيا ينوش بالا، إلى مقر وزارة الخارجية الروسية».

وأضافت: «سلمت له مذكرة احتجاج رداً على خطوة مماثلة اتخذتها هنغاريا بطرد دبلوماسيين روسيين، على أساس ادعاءات غير مثبتة من قبل لندن في قضية سكريبال، وأبلغته أن أحد الدبلوماسيين الهنغاريين، شخصية غير مرغوب فيها».

فيما قال ممثل الدائرة الدبلوماسية في بلجيكا «إنّ السلطات الروسية أبلغت سفارتنا في موسكو أنّ دبلوماسياً بسفارتنا شخصية غير مرغوب فيها، رداً على قرار اتخذته بروكسل الأسبوع الماضي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى