قالت له

قالت له: أتراني جميلة كما أراك؟ وشابّة كلّما تقدّم بي العمر رغم العراك؟ ولطيفة بعيداً عن كلّ مناقشة يتغيّر فيها لون الكلام ويشتدّ الاشتباك؟

فقال لها: لو لم يكن في عينيك جمال يحجب عن العين كلّ مصدر للالتباس مهما كان اللباس، ولو لم يكن في شبابك نبض لا يغيّره العمر ولا كلام الناس، وفي كلمة حبّ صادق أقوى من لحظة غضب في التعبير عن الإحساس، لما كنّا معاً الآن بالأساس.

فقالت: لكنّني أشعر أنّك تغيّرت ولم أعد ألمس الشغف الذي كان ولا الشوق يطلق العنان. فهل هو التعوّد أم هو التعب؟ أم هي طبيعة الإنسان يأكل فيه العمر كلّ حماسة ويرميه على حافة النسيان؟

فقال: كلّ عاصفة مهما اشتدّت لا بدّ لها من سكون كي تشتعل من جديد. وإلّا فإنّ الأعلى الذي يجب أن يأتي إن كان بعد علوّها، فكم من علوّ على علوّ على علوّ، هذا يعني بلوغ الجنون. بينما أن يأتي بعد سكونها فهو الاشتعال الأكيد. أما الشغف والشوق والتعب والتعود فَلِم لا نقول إنّ الكثير من التعوّد إدمان، وإنّ كتلة الشوق والشغف بصمت لا تشبه النسيان؟

فقالت له: يقلقني أن يكون كلامك فقط لإرضائي، وأن يكون من القلب فذلك رجائي.

فقال لها: ألا ترين أنّنا كما الليل والنهار متعانقان بلا فكاك، وأنّ التنصّل بين أشعّة النور وبقايا العتمة ليس إلا فكّ اشتباك، وأنّ التكامل قدر وعناق لا يعرفان الفراق، ولا الطلاق، وأنّ انتظار الليل من النهار استراحة محارب كما انتظار طلوع الصبح من الليل إعلان الساعة لتقاطع العقارب؟

قالت: يكفيني جمال الكلام لأغفو وأنام. فهل تمدّ زندك لي وسادة كما كانت العادة؟

فقال: لعلّ لك فضل الافتتاح كما كان على آدم وحواء فضل التفّاح.

وضمّها وغفت!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى