المساكن العشوائية تغزو محافظة البصرة

يتوافد الى البصرة، أغنى محافظات العراق بالنفط، عشرات آلاف الأشخاص القادمين من مناطق متفرقة في البلاد، سعياً وراء سراب الذهب الأسود وباتوا يتكدّسون في أحياء أقيمت فيها مساكن عشوائية.

رغم النشاط التجاري الواسع في محافظة البصرة المجاورة للكويت وإيران، حيث اعتقد هؤلاء أن بإمكانهم العثور على فرصة عمل، لكن انتهى بهم المطاف دون عمل وسط معاناة وعيش داخل مجمّعات مكتظة في هذه المحافظة التي تعاني نقصاً في البنى التحتية.

تنتشر تلك المنازل التي بُني أغلبها من أحجار بأحجام مختلفة وعلب معدنية وتغطّى سقوفها أحياناً بألواح معدنية، لتشكل أحياء عشوائية لا تقترن بأيّ شكل من أشكال العمارة ولا تتوفّر فيها أي خدمات عامة.

يقول أحد الشبان الضحايا، الذي ما زال يعتمد على والديه في المصروف اليومي، كما هو حال أخوته الأربعة، إن «كل ما نحصل عليه من النفط هو التلوّث».

على مسافة قريبة من منزل هذا الشاب، يمكن رؤية أبقار وأغنام ترعى في منطقة خضراء لا يفصلها عن حقل تتصاعد منه ألسنة لهب وأعمدة دخان سوداء، سوى حائط من الحجر.

يؤكد أغلب الشباب الذين كانوا يأملون بالحصول على فرصة عمل في الشركات النفطية العراقية او الأجنبية، أن الثروة النفطية في محافظة البصرة التي تشكل المنفذ البحري الوحيد للبلاد، هي «المورد الأول لثروة البلاد».

ويذكر بأسف واضح بأن «أغلب الشركات النفطية تجلب موظفيها من الخارج» للعمل في هذا البلد الذي تشكل نسبة البطالة فيه 18 في المئة بين الشباب أغلبهم من متخرجي الجامعات.

وفقاً للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لا تشكل وظائف العاملين في قطاع النفط العراقي سوى 1 من القوى الوطنية، رغم أنه يمثل 65 في المئة من الإنتاج الإجمالي للبلاد.

ويمثل شراء المنزل حلماً حتى بالنسبة للذين وجدوا عملاً، مثل أم أحمد التي تعمل خياطة وإضافة الى عملها في صالون حلاقة نسائي عائد لها، إذ تقول بحسرة، «زوجي موظف حكومي لكن لا يمكننا أن نشتري سنتمتراً مربعاً على الأرض من الراتب الذي يتقاضاه».

وتابعت وهي تنظر باتجاه ماكينة خياطتها الحديدية «حتى لو كنا ضد فكرة الاستحواذ، فقد سكنّا» هنا على أرض للحكومة.

واشارت أم أحمد 48 عاماً وهي تضع حجاباً اسود حول وجهها، الى ان البلدية دمّرت منزلها بحجة التجاوز على المال العام، الأمر الذي «تطلّب إعادة بنائه مجدداً كاملاً».

وتؤكد السلطات المحلية أن هذه الارض التي تنتشر فيها ظاهرة المنازل العشوائية، ملك للدولة.

10 في المئة من العراقيين

تذكر آخر دراسة حول المجمّعات السكنية غير الرسمية في البصرة، العام 2014، وفق مسؤولة التخطيط العمراني في مجلس المحافظة زهرة الجابري، مشيرة الى تحديد «48 الفاً و 520 منزلاً» عشوائياً آنذاك.

وأكدت أن الآن «هناك أكثر بكثير لكن ليس لدينا أي أرقام» دقيقة.

وأشارت الجابري الى انه في ما يتعلق على سبيل المثال بالضرائب ورسوم المياه والكهرباء «فإنهم لا يدفعون» في المساكن العشوائية، مؤكدة أن ذلك يؤثر على «الموازنة الخاصة بالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات».

وأدى هجوم تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 حين سيطر على ثلث مساحة البلاد الى فرار أعداد هائلة الى مناطق متفرقة بينها محافظة البصرة التي كانت في منأى عن المعارك، ولم يجد كثيرون منهم غير مجمّعات عشوائية للسكن.

وحسب وزارة التخطيط، يسكن 3,2 مليون نسمة من نساء وأطفال ورجال في حوالى أربعة آلاف مجمع سكني عشوائي موزعة في عموم العراق، ما يعني وجود حوالى عشرة في المئة تقريباً من سكان البلاد في هذه المجمعات.

وفي محافظة البصرة وحدها واحد من كل خمسة من هذه المجمعات العشوائية، لتأتي في المرتبة الثانية بعد محافظة بغداد.

وكالات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى