موسكو ترفض بشدّة محاولات تدمير وتقسيم سورية.. وحذّرنا واشنطن من تجاوز «خطوطنا الحمراء»

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من وجود محاولات تهدف إلى تدمير سورية وتقسيمها وإبقاء قوات أجنبية في أراضيها إلى الأبد، وشدّد على رفض موسكو ذلك.

وذكر لافروف، أثناء مؤتمر صحافي عقده أمس، في موسكو مع نظيرته النمساوية كارين كنايسل، أن هذه المحاولات التي تأتي في إطار «الهندسة الجيوسياسية» تخالف الاتفاقات الدولية بخصوص تسوية الأزمة السورية، وأكد ضرورة حل الأزمة على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي وضمن إطار العملية السياسية التي يقودها السوريون.

وطالب عميد الدبلوماسية الروسية الولايات المتحدة، رداً على اتهاماتها الموجّهة إلى موسكو ودمشق بإعاقة وصول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى موقع الهجوم الكيميائي المزعوم في مدينة دوما، بتقديم الأدلة التي تتحدّث عنها، مشيراً إلى أن واشنطن وباريس لم ترسلا خبراءهما إلى دوما رغم موافقة موسكو على ذلك.

وقال: «من الواضح للجميع مَن يحاول منع دخول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى مدينة دوما، ولا يجب تشويه الحقيقة».

وذكر الوزير أنه لم يسمع عن مبادرة نمساوية للتوسط بين روسيا والغرب في الملف السوري، مضيفاً أن الوساطة الوحيدة التي تحتاج إليها سورية هي بين جميع أطراف الأزمة لإقناعها بالجلوس حول طاولة المفاوضات على أساس المبادئ المنسقة وإطلاق حوار مباشر، كما ينصّ عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

في الوقت نفسه، أعرب لافروف عن تقييم موسكو العالي لانخراط فيينا في الجهود المبذولة تحت الرعاية الأممية بغية تهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص سورية، مؤكداً أن فيينا التي اكتسبت سمعة طيبة فضلاً عن موقفها الحيادي تستطيع الإسهام في هذه المساعي في وقت يشهد فيه الملف السوري نقصاً في الوسطاء النزهاء.

من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية النمساوية أن فيينا قلقة من إمكانية تصعيد التوتر حول سورية وفي المنطقة عموماً على خلفية المزاعم عن استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما، مشدّدة على ضرورة متابعة هذا الموضوع بعناية.

ودعت كنايسل جميع الأطراف المعنية إلى التفاوض، مشيرة إلى أنها بحثت هذا الموضوع في موسكو مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا.

وقالت عميدة الدبلوماسية النمساوية إنه لا حلّ عسكرياً في سورية بل عبر المفاوضات حصراً، معربة عن تمسك بلادها بالمضي قدماً في هذا الاتجاه قدر الإمكان.

تواصل بين بوتين وترامب

وكان وزير الخارجية الروسي قال، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي لزيارة البيت الأبيض، وإن الأخير مستعد للقائه، مؤكّداً أن بوتين وترامب لن يسمحا بمواجهة عسكرية بين البلدين.

وحول العدوان الثلاثي الأخير على سورية، أشار لافروف في حديث لوكالة «سبوتنيك» إلى أن الجيش الروسي سيقدّم أدلّة على إسقاط الدفاع الجوي السوري لبعض صواريخ الدول الغربية، معتبراً أن على الولايات المتحدة أن تعلم أن «هجماتها على بعض المناطق السورية هي تجاوز للخطوط الحمراء».

لافروف أكد أن هناك محاولات لتدمير سورية وتقسيمها، مؤكداً أن «الحديث عن أي تنازلات من قبل روسيا في الملف السوري مرفوض».

كما أكد أيضاً أنه لم يعُد لدى روسيا التزامات أخلاقية بعدم تزويد دمشق بمنظومة «إس- 300» بعد الهجوم الأخير على سورية.

وزير الخارجية الروسي أعلن أن بلاده تسعى لأن يتمّ استكمال زيارة بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى مدينة دوما السورية، وتأمل بأن تسود المهنية أثناء التحقيق. كما أشار إلى أن «موسكو كانت مستعدّة منذ البداية لإجراء حوار مهني مع المنظمة، ومع كل زملائنا الغربيين».

وقال لافروف إن «موسكو تملك أدلة على تورّط لندن في فبركة الهجوم الكيميائي في مدينة دوما السورية»، وذلك بعد يومين من دخول خبراء المنظمة إلى دوما بالغوطة الشرقية.

بدوره، قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية إن «موسكو لا تعلم كيف سيتطوّر الوضع في سورية، في ما يتعلق بالحفاظ على وحدة أراضيها».

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن ريابكوف، في حديث له لتلفزيون دويتشه فيله الألماني «لا نعرف كيف سيتطوّر الوضع في ما يتعلق بمسألة إن كان من الممكن أن تبقى سورية دولة واحدة»، بحسب تعبيره.

الجدير ذكره أن الولايات المتحدة تزعم أن الحكومة السورية تنفذ هجمات كيميائية ضدّ المدنيين في دوما، بينما تنفي دمشق ذلك.

وزارة الدفاع الروسية كانت قد أعلنت في هذا الصدد أن الأجهزة الخاصة البريطانية تقف وراء الاستفزازات بخصوص استخدام الكيماوي في سورية.

وكانت كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا قد أطلقت خلال هجومها الأخير على سورية حوالى 110 صواريخ باتجاه أهداف معينة أسقطت الدفاعات الجوية السورية معظمها، في هجوم صارخ على دولة عربية ذات سيادة.

مهمة بعثة مفتشي حظر «الكيميائي»

وفي سياق متصل، أفاد مصدر أمني لوكالة «سبوتنيك» بدخول بعثة الاستطلاع الأمني المرافقة لبعثة مفتشي حظر الأسلحة الكيميائية إلى دوما.

وكان الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أفاد بأن محادثات لا تزال تجري بين بعثة تقصي الحقائق حول استخدام الكيميائي وبين دمشق بشأن دخول البعثة إلى مناطق دوما، حيث الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي.

وزير الخارجية الروسي أعلن أن موسكو قلقة من محاولات بعض اللاعبين عرقلة عمل بعثة منظمة حظر الكيميائي في دوما.

وأكّد لافروف أن المسلحين الذين أطلقوا النار على بعثة الأمم المتحدة في دوما السورية كانوا على علم بوصولها، لافتاً إلى أن المنطقة التي أطلق منها النار كان فيها عشرات المتطرفين وكانوا على علم بوصول وفد المفتشين.

الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة كان قد أوضح أن «فريق التحقيق تعرّض لإطلاق نار وانفجار عبوة متفجرة فابتعد عن المكان الذي لا يزال محفوفاً بالخطر، وهو سيعود لدخول المنطقة فور خلوها من الخطر».

من جهتها، كشفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن عثور القوات الحكومية السورية في الأراضي المحررة من الغوطة الشرقية على حاويات كلور، وهو النوع الأكثر فظاعة بين الأسلحة الكيميائية، من ألمانيا، بالإضافة إلى قنابل الغاز، المصنوعة في مدينة سالزبوري البريطانية.

وكانت زاخاروفا قد أكدت في 12 أبريل/ نيسان أن «المشاهد التي تمّ تصويرها حول استخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية كلها ملفّقة».

وقالت زاخاروفا في مؤتمر صحافي إن «روسيا تؤيد إجراء تحقيق فوري وموضوعي في الاتهامات المعادية لسورية والتي لا أساس لها من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ونحن نؤيد بشدة هذا الموقف في مجلس الأمن الدولي». الخارجية الأميركية اتهمت بدروها روسيا والحكومة السورية «بتطهير المواقع المشتبه في تعرضها لهجوم كيميائي في دوما»، وفق الخارجية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى