لماذا سيطر «أنصار الله» على مناطق واسعة من اليمن؟
حميدي العبدالله
لم تسقط صنعاء وحدها وبسرعة في أيدي حركة أنصار الله، بل إنّ مدناً كبرى يمنية أخرى تقع في وسط اليمن وجنوب شرقه، مثل الحديدة وإب ومأرب، آلت فيها السلطة فعلاً لسيطرة هذه الحركة.
ومعروف أنّ معاقل حركة أنصار الله هي في محافظة صعدة، ويسمّي الإعلام الحركة بالحوثيين، في إشارة إلى مكوّن واحد من مكوّنات الشعب اليمني، أيّ المكوّن الزيدي، وإذا كانت العاصمة صنعاء، شأنها شأن أيّ عاصمة في العالم، تضمّ كلّ أطياف المجتمع، إلا أنّ الأمر لا ينطبق على المدن الأخرى مثل الحديدة وإب ومأرب، وإذا كان سقوط صنعاء في أيدي حركة أنصار الله بهذه السرعة يعود إلى وجود تجمّع شعبي كبير من الزيديين أنصار الحوثيين، فما الذي يفسّر ما جرى في الحديدة وإب ومأرب وغيرها من المناطق الأخرى؟
ثمة احتمالان لا ثالث لهما:
الاحتمال الأول، أن يكون أتباع المذهب الزيدي الذين يؤيدون حركة أنصار الله، هم غالبية سكان هذه المدن الكبرى في اليمن لذلك انحازوا إلى جانب الحركة وسهّلوا سيطرتها، وهذا يعني أنهم يمثلون غالبية أبناء الشعب اليمني، وبالتالي فإنّ من حقهم استعادة موقعهم في الحكم على النحو الذي كان عليه في السابق ولفترة طويلة استمرّت قروناً.
الاحتمال الثاني، أن تكون مكوّنات الشعب اليمني الأخرى تعاطفت مع حركة أنصار الله وسهّلت سيطرتها على هذه المناطق للتخلص من سيطرة الأحزاب والجماعات التي حكمت في هذه المناطق في عهد الرئيس علي عبدالله صالح وفي عهد الرئيس الحالي.
في كلا الاحتمالين واضح أنّ المكاسب التي حققتها حركة أنصار الله على امتداد أكثر من 70 من جغرافية اليمن تنسجم وإرادة الشعب اليمني، أو على الأقلّ الغالبية الكبيرة من أبناء هذا الشعب.
هذه الحقيقة تعني الآتي: أولاً أنّ غالبية الشعب اليمني لا تؤيد المبادرة الخليجية ولا قرارات مجلس الأمن والتدخل الخارجي، لأنّ حركة أنصار الله أعلنت معارضتها بقوة لهذه المبادرة وللتدخل الخارجي في شؤون اليمن الداخلية، وتعني ثانياً أنّ طاقم الحكم الذي تولى مقاليد الأمور في اليمن بعد خلع علي عبدالله صالح استناداً إلى المبادرة الخليجية لا يمثل إرادة غالبية الشعب اليمني، بل يعبّر عن مصالح القوى الخارجية في اليمن السعيد. ويعني ثالثاً، أنّ تنظيم القاعدة الذي يتحرّك بقوة نسبية في مناطق جنوب اليمن، وبعض المناطق الشمالية المحاذية لجنوب اليمن لا يعبّر عن إرادة غالبية اليمنيين في هذه المناطق، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ غالبية الحراك الجنوبي ترفض فكر «القاعدة»، وتتطلع للعودة إلى «جمهورية جنوب اليمن الديمقراطية الشعبية» وترفع أعلام هذه الجمهورية.