أيمن زيدان لـ«البناء»: إذا لم نكن جريئين فلا معنى للمسرح

لورا محمود

المسرح يتميز عن باقي الفنون بأنه يخوض تحدّياً مع كلّ ولادة جديدة. ولأن المسرح رئة الشعوب تتنفس به وتحيا، حرصت وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقى على أن يعود المسرح إلى ألقه من خلال التعدّد والتنوّع في النصوص المسرحيّة المقدّمة، والتي تجعل المشهد المسرحيّ كلوحة فسيفسائية. فالمسرح يمتلك سحراً خاصاً يضيء الروح وينعش الذاكرة ويصنع مستقبل الأمة، وبخاصة الشباب.

وبرعاية وزير الثقافة السوري محمد الأحمد ممثلاً بالمهندس علي المبيّض معاون الوزير، أطلق الفنان أيمن زيدان عروض مسرحيته «فابريكا» من إنتاج مديرية المسارح والموسيقى ـ المسرح القومي، والمقتبسة عن نصّ «ممثل الشعب» للكاتب الصربي برانيسلاف نوشيتش، على خشبة «مسرح الحمراء» في دمشق.

وفي تصريح أدلى به إلى الصحافيين، قال معاون وزير الثقافة علي المبيض: العرض شيّق وممتع، هو جميل جداً، وشخصياً استمتعت به كثيراً، واستفدت منه، فهو يحوي إسقاطات ومميزات قريبة من الواقع بالرغم من أن المسرحية مقتبسة من الأدب اليوغسلافي، ولكن ألبسها المخرج أيمن زيدان لباساً محلياً ببراعة وإتقان، وتفاعل معه الجمهور منذ الدقيقة الأولى حتى الدقيقة الأخيرة، واستطاع الممثلون على خشبة المسرح أن يشدّوا انتباه الجمهور ولم نشعر كيف مضى الوقت.

ورأى المبيّض أن المسرحيّة هي تجربة أكّد فيها الممثلون على الخشبة أنهم نجوم، كما أكّدوا مع المخرج أنّ المسرح اليوم هو نتيجة تراكم خبرة طويلة وعميقة في التاريخ السوري.

وشدّد على أنّ المسرحيّة تكرّس الحقيقة في سورية، بأن المسرح ما زال بخير، وهو من صنوف الثقافة التي تسعى الوزارة إلى تعزيزها ودعمها وخصوصاً في هذه المرحلة.

وتحدث الفنان أيمن زيدان قائلاً: إن ّالمسرحيّة فسحة لفرجة شعبية كوميدية، وأعرف أن الطريق إليها وعرٌ لكنها تستحق المحاولة، فالعرض مغامرة مسرحية جديدة نصوغها بالحبّ والتفاني لنحاول أن نسرق بعض البهجة من رحم الوجع السوري. وقد تم تغيير اسمها من «برلمان» إلى «فابريكا» منذ أيام قليلة لأن فريق العرض وجده أكثر طرافة.

وتابع زيدان: تزداد رغبتنا في تقديم اقتراح ملفت لفرجة شعبية تستقطب شرائح متنوعة من الجمهور ،ولا سيّما أن المسرحيّة تتوجّه إلى أولئك البسطاء الذين يزيّن وجودهم مسرحنا.

وردّاً على سؤال طرحته «البناء» عن الجرأة التي بدت واضحة في موضوع المسرحيّة أجاب زيدان: إذا لم نكن جريئين فلا معنى للمسرح. المسرح هو لحظة مكاشفة لحدود فهمنا لدورنا كناس وطنيين، فلا بدّ أن نشير إلى عيوب أيّ شيء يدور حولنا. هذه مهمتنا ومسؤوليتنا لإعادة بناء مجتمعنا بعد الحرب.

بدوره، تحدث إلى «البناء» الموسيقيّ سمير كويفاتي الذي قال: أتأمل أن يكون الموضوع مناسباً لهذا الوقت. فقبل عرض مسرحية «فابريكا» بحوالى شهر كان عند الفنان أيمن زيدان تخوّف من عرضها. لكنني أرى أننا اليوم نتحدّث بكلّ شيء وبصراحة، وإذا أخذنا المسرحية من باب الكوميديا لا التهكّم، فنرى أن معظم المواضيع الجدّية التي تهمنا جميعاً عندما نأخذها بطريقة كوميدية شفّافة مثل التي عرضت في المسرحية. فإنها تمرّ علينا مثل النسمة، وأنا عندما قرأت النصّ قلت للفنان أيمن زيدان إن من يريد أن يمتعض من موضوع المسرحية فهو مجحف جداً بحقّ البلد، لأن ما نراه اليوم في الواقع مرير أكثر من ذلك، والناس أظن أنهم شاهدوا المسرحيّة بهذه الشفافية.

وعن الموسيقى التي وضعها للمسرحية قال كويفاتي: أنا اليوم في هذه المسرحيّة كما المسرحيات السابقة: «راجعين»، «اختطاف»، «سيدي الجنرال» مع الفنان أيمن زيدان، حاولت أن تكون الموسيقى عبارة عن مقاطع مرافقة للعمل وتكون بمثابة جسور مساعدة للتربط مشاهد العمل ببعضها.

وفي لقاء مع «البناء»، قال الممثل والمساعد مخرج في المسرحية خوشناف ظاظا: العرض المسرحي «فابريكا» هو مشاركتي الرابعة مع الفنان أيمن زيدان بعد مسرحية «اختطاف»، «راجعين»، «دائرة الطباشير»، ولقد بدأنا العمل على المسرحيّة قبل شهر تقريباً بين بروفات وتحضيرات واستطعنا من خلال جهود الممثلين والمخرج والتقنيين أن ننجز هذه المسرحيّة.

أمّا عن موضوع المسرحيّة فقال ظاظا إن المسرحية تتحدّث عن مجموعة مرشحين للانتخابات البرلمانية والصراع بينهم على الفوز بمقعد بالبرلمان. وعن دوره في المسرحيّة أضاف: أنا ألعب دور «بشير عديل» أحد المرشحين للبرلمان، وهو «أبو ليلى»، أدخل اللعبة والصراع بين المرشحين ويكون لي دور كطرف ينتخب مرشّح ما ثم يغيّر رأيه لينتخب مرشحاً آخراً، وأتحيز إلى طرف سنراه خلال سير العمل المسرحيّ، إضافةً إلى مجموعة أدوار صغيرة ألعبها كلّفني بها المخرج.

وتحدّث ظاظا عن عمله كمساعد مخرج فقال: العمل كان صعباً لأنه أُنجِز في أقل من شهر، ولأن هناك تعدّداً في نوع العرض الموجود على المسرح، فسنرى مسرح الدمى ومسرح خيال الظلّ إضافةً إلى المواد البصرية الأخرى.

وأشار ظاظا إلى تقنية جديدة موجودة في المسرحية وهي أن الممثل يظهر واضعاً قناعاً خلف رأسه، وهذه مهمة صعبة على الممثل وتبرز مدى قدرته على إتقان هذه التقنية. فهو يظهر ممثلاً ذا وجهين. إضافةً إلى أنها مهمة صعبة أيضاً بالنسبة إلى الفنّيين والمصمّمين.

ورأى ظاظا أن في عام 2017 ـ 2018 كان هناك زخم مسرحيّ، وإقبال على المسرح وهناك جمهور متشوّق لحضور المسرح والعروض المسرحية كلّها، وكان فيها حضور لافت.

والتقت «البناء» مع عدد من الممثليين الذين تحدّثوا عن أدوارهم في المسرحية.

الممثل وبطل المسرحيّة محمد حداقي تحدّث قائلاً: هذا العرض كان تجربة وأنا سعيد بها كونها تستقطب جمهوراً متعدّد الفئات العمرية والثقافات. وأكّد حداقي أن للمسرح دوراً مهماً خصوصاً أنّه قريب من الناس وهو صاحب التأثير الأكبر بهم لما له من دور فعّال وحقيقي.

وأضاف: في النهاية نحن شرطنا فنّي وفي الوقت عينه نسعى إلى أنّ نقدّم ما يلامسنا ويلامس الجمهور، وأن يكون حقيقياً بالدرجة الأولى. وبالنسبة إلى النصّ، فسقف الحرّية يكون ضمن الحدود الممكنة بحيث نقدّم ما هو مؤثّر ولا يخدش أيّ جهة.

أما لوريس قزق، فقالت: شخصيتي «أمّ ليلى» شخصية بسيطة وشعبية تقول ما يجول في خاطرها، وهي شخصية مقموعة من قبل زوجها «أبو ليلى». لقد حاولنا أن نقدّم العرض بطريقة مبسّطة مع استخدام الأقنعة، وهذا الأمر حمّلنا أعباء إضافية وصعبة، لأن الممثل لا ظهر لديه، بل لديه وجهان، وجه ممثل ووجه قناع يتكلّم عن الشخصية.

وتابعت قزق: هذه الشخصية حمّلتني مسؤولية لأنني أعمل مع أجيال متنوّعة منهم أيمن زيدان ومحمد حداقي، وهذه مشاركتي الثالثة مع الفنان أيمن زيدان، وهذا أمر أراحني وساعدني على العمل، فهو بات أصبح مكوّنات شخصية لوريس، وماذا لديها لتقدّمه من نقاط فنّية مهمة.

وأضافت قزق: لقد أدهشني تفاعل الجمهور اليوم ولم أكن أتوقّع، فالناس يحبّون هذا النوع من العروض وأتمنى ألا ينقطع الناس عن حضور المسرح مهما كانت نوعية العرض، سواء كان شعبياً أو كلاسيكياً، فالمهم أن يأتوا ليشاهدوا المسرح.

يذكر أنّ مسرحية «فابريكا» التي أعدّها الفنان أيمن زيدان والكاتب محمود الجعفوري تتناول بشكلٍ كوميدي الانتخابات البرلمانية ومن يمثّل الشعب، وقد شارك في المسرحية مجموعة من النجوم هم : محمد حداقي، لجين إسماعيل، لوريس قزق، حازم زيدان، فادي الحموي، لمى بدور، خوشناف ظاظا، ونجاح مختار.

يضمّ فريق عمل «فابريكا» الفنّي الموسيقى والأغاني سمير كويفاتي، تصميم الديكور هاني جبور، تصميم الأزياء ريم شمالي، تصميم الإضاءة مجد ديب، المكياج خولة الونوس، التصميم الإعلاني والمواد البصرية هاني جبّور، الأقنعة ليندا جاموس، التعاون الإخراج أنطوان شهيد ومساعد إخراج خوشناف ظاظا.