عن الحريري وأدواته الإعلامية التحريض للاستئثار بالتمثيل

ميسم حمزة

من حيث الشكل، كلّ إساءة توجّه لأي مرشح تسجل مخالفة لدى هيئة الإشراف على الانتخابات، ومن حيث المضمون فإنّ التحريض على أيّ مرشح، يُحمّل المحرّض تبعات كلّ ما يتعرّض له من أذى على كلّ المستويات. وهذا برسم الأجهزة الأمنية والقضائية.

مناسبة الكلام، هو أنّ تلفزيون «المستقبل» التابع لتيار المستقبل ووسائل إعلامه المختلفة، تبثّ وتنشر أخباراً وتقارير كاذبة وملفقة لخداع الرأي العام، وتشنّ حملات عنيفة على مرشحين من طائفة معينة «السنة»، بهدف إلغاء التنوّع داخل هذه الطائفة والاستئثار بتمثيلها على طريق تهميش دورها التاريخي وطنياً وسياسياً، الدور الجامع والحامي للوحدة والانفتاح. واليوم اعتبرت إحدى هذه الوسائل التابعة للمستقبل وفي مقدّمة نشرتها الصباحية، بأنّ اللوائح الثماني في بيروت، من صنيعة حزب الله، محذرة البيارتة من التصويت لها، بزعم أنها ستغيّر قرار بيروت وهويتها العربية!

والسؤال: هل الشخصيات المتوزّعة على اللوائح الثماني ليست من صلب مدينة بيروت وجزءاً أصيلاً من نسيجها الاجتماعي؟

وهل كلّ من لديه طموح وقدرة لتمثيل أهل بيروت يصبح في خانة أخرى؟

وهل الذين اختارهم سعد الحريري على لوائحه هم فقط أبناء الطائفة؟!

أن يصل التحريض الى هذا الحدّ، معنى ذلك أنّ هناك لوثة جنون تصيب البعض، بعدما بات واضحاً أنّ الناس ستختار شخصيات وقيادات وطنية لتمثلهم في الندوة البرلمانية، وبالتالي تسقط نظرية أنّ الحريري هو ممثل الطائفة الوحيد.

الوسيلة الإعلامية المشار إليها آنفاً، استهجنت لقاءً عقده رئيس إحدى اللوائح في بيروت مع نائب الأمين العام لحزب الله لبحث الشأن الانتخابي في بيروت، لكنها تتعامى عن حقيقة أنّ تيار المستقبل يجلس إلى طاولة مجلس الوزراء مع حزب الله، وهو كان عقد نحو 44 اجتماعاً مع حزب الله في سياق لقاءات دورية، وأنّ التسوية الرئاسية التي يفاخر بها الحريري، حزب الله طرف أساسي فيها.

الوسيلة ذاتها، تصف الرئيس نجيب ميقاتي بأنه من رموز ما تسمّيها «الوصاية السورية»، علماً أنّ أرشيف المحطة ذاتها يثبت بالدليل والبرهان والصورة، مَن هم الذين صعدوا على ظهر الوجود السوري في لبنان.

في قاموس إعلام تيار المستقبل، كلّ من له علاقة بسورية يخوّن! لذلك نسأل لماذا أقدم الرئيس سعد الحريري على ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وهو الشخصية اللبنانية الأكثر قرباً من سورية والرئيس بشار الأسد؟

ولماذا ضمّ الحريري إلى لوائحه مرشحين كان يتهمهم بالعلاقة مع سورية، وأحد هؤلاء بثت المحطة خطاباً له ضمن تقرير إعلامي يشيد بسورية والرئيس بشار الأسد خلال احتفال في العاصمة السورية دمشق؟

وماذا عن تحالفات تيار المستقبل في عدد من الدوائر مع قوى تجاهر بعلاقاتها مع دمشق؟

وماذا عن قول الحريري في العام 2010 حين صرّح لصحيفة «الشرق الأوسط» بأنه قد تسرّع في اتهام سورية باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهو التصريح الذي مهّد زيارته لدمشق؟!

لقد بات واضحاً أنّ عدة الشغل والتحريض لدى تيار المستقبل لم تعد صالحة، فجبل الأكاذيب انهار، والنظرية الميكافيلية «الغاية تبرّر الوسيلة» لم تعد تنطلي على اللبنانيين. فالناخب البيروتي بشكل خاص والسني بشكل عام لم يعد يستسيغ هذه الأساليب، ولن تؤثر على خياراته محطة يديرها موظفون متعدّدو الأهواء والاتجاهات ولا يمتون بصلة إلى نسيج الطائفة ولا الى مصالحها ودورها الوطني الريادي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى