الأحمد: محطّة مهمّة من دعم الحكومة للكفاءات الشابة شاهين: يستقطب أكبر عدد من الطاقات الشابة المثقّفة زيدان: الثقافة هي الجبهة الأخرى التي يجب أن ننتصر بها
دمشق ـ آمنة ملحم
أطلقت «المؤسسة العامة السورية للسينما» للسنة الخامسة على التوالي «مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة» بحفل فنّي في «دار الأوبرا» في دمشق، بعد جهد وعمل متواصل دام خمسة أشهر، أعد خلالها 29 فيلماً قصيراً للمشاركة في المهرجان نسجها شبان يحملون شغفاً سينمائياً وأحلاماً في عالم الفنّ السابع تأليفاً وإخراجاً وإبداعات، كان المهرجان محطّة لاحتضانها والانطلاق منها إلى الحلم الأكبر.
الحفل المرافق للافتتاح للمرّة الأولى لم يحمل روح السينما، بل جاء كلوحات استعراضية راقصة عاكسة ثقافات وحضارات مختلفة تنقّلوا عبرها بين الصين وروسيا والهند وجنوب أفريقيا وإسبانيا، لتكون للحضارة السورية الحصّة الأقلّ منه. ورغم أنه حمل التجديد في الهوية البصرية عموماً، إلّا أنه غيّب هذه المرة الاحتفاء بالسينما والسينمائيين كمهرجان مخصّص، ويعدّ البديل الوحيد لمهرجان دمشق السينمائي الذي غاب بسبب الظروف العصيبة التي تحيط بالبلاد، فكانت البوابة مفتوحة لتمرير ذكر أحد كبار دعائم السينما السورية والمشتغلين بالنقد السينمائي والحركة السينمائية السورية والعربية، السينمائي صلاح دهني الذي رحل عنا أواخر 2017 وهو المؤسّس والناشط والناقد والمخرج والروائي والقاص، رجل تربت على كتاباته وأحلامه أجيال كثيرة من محبّي السينما وكتّابها، إلّا أن ذكره غاب.
المهرجان عموما يقدّم فرصاً للشباب لم تكن متاحة لهم قبل ظهوره ودعمه لكل شاب يحمل الموهبة والعشق للسينما بقلبه وفكره ويعكسها شريطاً سينمائياً يحسب للسينما السورية ويقدّم المتعة للجمهور السوري، ويحمل المهرجان هذه السنة إلى جانب مسابقة الهواة مشروع دعم سينما الشباب ، مسابقة احترافية عربية بمشاركات عربية متعددة، عدا عن تظاهرة الأفلام العالمية الطويلة والتي ستعرض أهم الأفلام التي نالت جوائز سينمائية عالمية في الألفية الثالثة.
وفي كلمة له خلال الافتتاح، أكّد وزير الثقافة السوري محمد الأحمد أنّ «مهرجان سينما الشباب» أصبح محطّة من المحطات المهمّة لدعم الحكومة السورية للكفاءات الشابة.
وتابع: نحن هنا للسنة الخامسة على التوالي للاحتفاء بهذه المواهب الفتية وهي تشقّ طريقاً صعبة من أجل إثبات الذات والتعبير، إنّ تطور التقنيّات سهل الكثير على المبدعين الشباب حيث أصبح بإمكان الواحد منهم تصوير فيلم كامل بكاميرا هاتفه المحمول ولكن التطور التقنّي هذا خلق صعوبات جديدة حيث صارت المنافسة أكثر قسوة وضراوة.
ولفت الوزير الأحمد في تصريح صحافي إلى أننا نمشي على الطريق الصحيح وسيكون لدينا في الغد القادم مجموعة من السينمائيين الذين سيرفدون الأجيال الحالية بكل ما هو متجدّد وأصيل في السينما السورية.
وأضاف: نحن بدأنا في المهرجان بمسابقة الأفلام السورية ورأينا أنه من الضروري أن نقدّم أيضاً تجارب عربية نتلمس عبرها أين وصل جيراننا وهذا لقياس تطورنا بما هو محيط بنا ولذلك استقدمنا أفلاماً من لبنان والعراق وعمان وتونس ومصر وغيرها كي يغتني شبابنا المخرجون بهذه التجارب لأن سوق الفيلم القصير ليس متوفراً إلّا ضمن المهرجانات.
وحول إعادة إقامة مهرجان دمشق السينمائي نوّه الأحمد بأنّ دمشق أصبحت اليوم مأهلة لاستضافة هذا الحدث السينمائي الكبير.
بدوره، أشار مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين في كلمته إلى أن هذا المشروع انصبّ اهتمامه على الدوام لاستقطاب أكبر عدد من طاقات الشباب السوري المثقف، المهتم بالشأن السينمائي الباحث عن فرصة لإثبات نفسه وإثبات موهبته وقدرته على أن يكون فاعلاً ومعطاء في واحد من أهم أشكال الفنون وأكثرها انتشاراً على صعيد العالم.
فكانت بداية المشروع بعشر مِنح، ثم في السنة التالية كان العدد أكبر، وفي السنة التي تلتها وصل العدد إلى ثلاثين منحة، ومن ثم تمّ التمسك بهذا العدد من المنح السنوية، وعندما ارتأت المؤسسة العامة للسينما أنه أصبح من المهم في مكان ما تمكين أؤلئك الشبان من امتلاك أدواتهم ليكونوا قادرين على التعبير عن أفكارهم بشكل أكثر احترافية أعلنت عن دبلوم العلوم السينمائية ومنحت المتقدّمين لهذا الدبلوم الأفضلية في الحصول على الفرص فتم اقتسامها بين طلاب الدبلوم والمتقدّمين بشكل حرّ للمشروع بنسبة عشرين فرصة لطلاب الدبلوم إلى عشرة فرص للمتقدمين الأحرار، وكلّ ذلك كان إيماناً من المؤسسة بإفساح المجال لأكبر عدد من الشباب كي يعبّروا عمّا يجول في مخيلتهم وما يستفز الإبداع في أعمالهم .
وتمّ خلال الافتتاح تكريم كل من الفنانة أمل عرفة والفنانة سوزان نجم الدين والمونيتيرة أنطوانيت عازرية والمخرج نجدة إسماعيل أنزور والكاتب محمود عبد الواحد من سورية ومدير التصوير سمير فرج من مصر .
وتضمّ لجنة مسابقة الهواة لهذه السنة كل من الفنان أيمن زيدان رئيساً لها وعضوية كل من الفنانة أمل عرفة، والصحافي المصري مصطفى الكيلاني، والمخرجة التونسية نورس الرويسي، حيث تتوزّع جوائز المسابقة بين جائزة ذهبية وفضية وبرونزية، بالإضافة إلى جائزة افضل سيناريو، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، وتنويه لجنة التحكيم.
بينما يتنافس في مسابقة الأفلام العربية القصيرة الاحترافية، 23 فيلماً من ستّ دول عربية وستكون لجنة تحكيمها برئاسة أمير أباظة من مصر، وعضوية كلّ من: نهلة كامل من سورية، والمخرجة ورئيسة مهرجان «زيورخ للأفلام العربية» عايدة شيلفر من العراق. وسيوزّعون ثلاث جوائز هي: جائزة أحسن فيلم، جائزة أحسن إخراج، وجائزة أحسن سيناريو.
وفي استجابة من المؤسسة العامة للسينما لمطالب المشاركين في المهرجان وبقصد إتاحة الفرصة للجميع للاطّلاع على ما نسجه الشباب السوري أقرّت المؤسسة مجانية بطاقات الدخول أفلام المهرجان كافّة في خطوة تحسب لها هذه السنة دعماً لهذه التظاهرة والمشاركين فيه.
وعلى خلفية الافتتاح لفت الفنان أيمن زيدان إلى أنه مع أي فعالية ثقافية تقام في البلد لأن الثقافة الجبهة الأخرى التي يجب ننتصر بها لإعادة بناء مجتمع حيويّ جديد، وأثبتت التجارب أن كلّ ما واجهناها كان سببه شيوع فكر ظلامي لا بدّ من مواجعته بفكر تنويري والتي تعتبر السينما والمسرح أحد مرجعيّاته.
ونوّه زيدان بأن هذا المهرجان يكتسب قيمته بالنتائج التي يحقّقها وليس فقط من إقامته، فهو لا يعتبر هذه التجربة ناجحة كلّياً إلى الآن. داعياً إلى إعادة توصيف شروطها ومنطلقاتها لتصبح قادرة على رفد الحركة السينمائية بوجوه شابة ومخرجين جدد. فبعد خمس دورات لا يعتقد زيدان أن المهرجان قدّم حتى الآن ما هو متوخّى منه، فلم نرَ وجوهاً جديدة رفدت الحركة السينمائية السورية الاحترافية بشكل واضح على مستوى السيناريو والإخراج، فالمهرجان يكتسب شرعيته بإنجازاته وليس فقط إقامته.
ويؤكد زيدان أن هذا المهرجان يجب أن يكون بوابة تحمل الموهبة التي يقدّمها الشباب ويحملون مقترحات ومشاريع حقيقية ليكونوا مخرجين شباب محترفين يضيفون طعماً وايقاعات جديدة للسينما السورية.
وفي تصريح صحافي، أشار المخرج نجدة أنزور إلى أن الشباب هم دعائم المستقبل، منوّهاً بأن المهرجان هو خطوة جبارة تشكر عليها المؤسسة العامة للسينما التي هي الملاذ الوحيد للشباب واحتضان طموحاتهم. مؤكداً دعمه وتشجيعه الدائم للشباب في أعماله على الدوام.
وعن تكريمه في المهرجان أعرب أنزور عن سعادته بكلّ تكريم يقدّم له، لافتاً إلى أن التكريم الحقيقي هو محبة جمهور ومتابعته لما يقدّم من أعمال، متمنياً أن يبقى قادراً على تقديم كلّ ما يخدم ويدعم سورية.
وحول رأيه بإضافة مسابقة الأفلام القصيرة العربية لهذه السنة للمهرجان أكّد أنزور أهميتها لأن سورية هي البيت العربي الأصيل للعرب، ويجب أن يعودوا وينطلقوا من دمشق، فكثير من المواهب العربية انطلقت وتألقت من دمشق، متمنياً نجاح الفكرة واستمرارها.
بدورها، اعتبرت النجمة أمل عرفة عضويّتها في لجنة التحكيم أمانة ستقدّم صوتها عبرها بكلّ أمانة وصدق، وأن رؤيتها للأفلام ستكون بعين محبة لا بعين المحترف فقط، فهي تعتبرها مسؤولية كبيرة تجاه شبان يقدّمون تجاربهم للمرّة الأولى، لذا تتابع الأفلام بمحبة واهتمام وحرص، من دون الاستهانة بجهد الشباب الذين سيستلمون الراية في المستقبل.
وعن تكريمها تؤكد عرفة أن التكريم في البلد يحمل مذاقاً مختلفاً عن أيّ تكريم آخر، فهي على أرضها وتكرّم فوق تراب بلدها وبين أهلها.
من جانبها أشارت الفنانة سوزان نجم الدين في حديث إلى «البناء»، إلى أنّ كلّ تكريم لها هو إضافة إلى مسيرتها الفنية، وشكر ودليل نجاح وتقدّم، موجهة شكرها إلى كل من يقدر جهدها ويكرمها في أي بلد عربي. لافتة إلى ان كل تكريم لها تهديه لسورية وتعمل جاهدة لتكون سفيرة للبلد، وأكثر ما يعني لها في التكريمات أنها سورية تقول في كل مرّة بأن الحرب لم تجعلنا ننزوي ونبتعد فكل منا من مكانه يجب أن يشتغل وينجح فكل نجاح هو نجاح للبلد وأهدت هذا التكريم لكلّ أمّ شهيد في سورية.
ومن بين الحضور الفنانة رنا شميس التي أكدت لـ«البناء» أهمية المهرجان والفرص التي يقدّمها للشباب من جهة رسمية تدعمهم وترعاهم، مؤكدة أنهم محظوظون بهذه الفرص التي تفتح لهم الأبواب ودعمها لهؤلاء الشباب، معربة عن فخرها بما يقدّمونه على الدوام.
حضر الافتتاح وزير الإعلام عماد سارة وعدد من السفراء ووجوه فنّية وثقافية وإعلامية، والمهرجان يستمرّ لغاية 3 أيار بعروض سينمائية تقدّم في قاعتَي الدراما والقاعة متعدّدة الاستعمال في دار الأوبرا، بينما تقدّم الأفلام الطويلة في سينما «الكندي» ـ دمشق.