التراكمات الكمية والتغييرات الكيفية.. المعارك الفاصلة من الكرامة إلى الغوطة

ديانا فاخوري

خمسون عاماً بين معركة الكرامة في آذار 1968 ومعركة الغوطة في آذار 2018.

في المعركة الأولى تلقت «إسرائيل» هزيمة مدوية، قياساً على الأهداف التي وضعتها، وأول هدف أراد العدو الصهيوني تحقيقه هو القضاء على المقاومة الفلسطينية في منطقة الكرامة، بما تمثل هذه المنطقة من موقع استراتيجي ومنه تنطلق العمليات الفدائية. حينذاك ورغم التفوّق الجوي «الإسرائيلي» استطاعت المقاومة وبعض تشكيلات الجيش الأردني من إفشال الهجوم الصهيوني، فاندحرت القوات المهاجمة مخلفة وراءها القتلى والأعتدة.

وفي المعركة الثانية، تلقى الإرهاب ورعاته هزيمة كبرى، فمنطقة الغوطة الشرقية تتاخم العاصمة دمشق، وهي ذات موقع استراتيجي مهمّ، وحين جرى احتلالها من قبل المجموعات الإرهابية، حوّلتها الولايات المتحدة والدول الغربية و«إسرائيل» والدول الإقليمية والخليجية الراعية للإرهاب إلى قاعدة أمامية ممتلئة بالإرهابيين وبالسلاح المتطوّر وبالمواد الكيميائية، ولذلك فإنّ هزيمة الإرهاب في هذه المنطقة شكّل هزيمة لكلّ محور رعاة الإرهاب، وهذا ما دفع الدول الكبرى أميركا وبريطانيا وفرنسا لشنّ عدوان ثلاثي ضدّ سورية.

وبين المعركتين الفاصلتين، وعلى مرّ كلّ هذه السنين، خاض شعبنا معارك كبرى عديدة، أثبت من خلالها قدرته على صنع المعجزات، وعلى صحة خيار مقاومة الاحتلال والعدوان.

وإذا كانت حرب تشرين التحريرية 1973 تتصدّر قائمة المعارك الكبرى والمصيرية، حيث سجل الجيش السوري انتصاراً باهراً على العدو، فإنّ هناك تواريخ في الذاكرة لا تنسى، منها، الانتفاضة الفلسطينية الأولى انتفاضة الحجارة 1987. تحرير معظم الأراضي اللبنانية من الاحتلال الصهيوني عام 2000، الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2001. تحرير غزة عام 2005، حرب تموز عام 2006، وغيرها الكثير من المحطات.

ما سبق ذكره، يمكننا من المعنى التاريخي للمعارك والحروب والانتفاضات بوصفها تراكمات كمية تؤدّي الى تغيير كيفي ينطوي على إزالة العدوان برمّته، لا مجرّد إزالة آثاره. وهذه حقيقة بات يدركها المحور المعادي الذي تقوده أميركا و«إسرائيل» وتنضوي فيه دول غربية وإقليمية وعربية وإرهاب متعدّد الجنسيات.

المحور المعادي بات يدرك انّ هزائمه المتتالية ليست سوء تخطيط منه وحسب، بل هي نتيجة مسار سيبلغ الذروة مع بدء مفاعيل عملية التطوّر النوعي لمقاومة شعبنا، والتي تؤدّي حكماً إلى زوال «إسرائيل»، لتعود فلسطين من البحر الى النهر، ومن الناقورة إلى أم الرشراش، تعود محرّرة ومنتصرة إلى بيئتها القومية.

عاشت المقاومة المنتصرة في حروب التحرير.. عاشت القدس كلها عاصمة لكلّ فلسطين، ولتحي سورية الدولة وسورية الأمة، «سورية لك السلام»…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى