يوم الصحافة: سيفنا هو القلم ودماؤنا أمانة وصدورنا قرطاس نكتبُ عليه وقفة العزّ

إياد موصللي

السادس من أيار اعتُبر يوماً للشهداء وعيداً لهم وهو عيد شهداء الصحافة أيضاً كما أقرّه اتحاد الصحافيين العرب. فالصحافة أعطت الروح والدم، حيث كانت تكتب كلمتها وسيفها هو قلمها وحبرها هو دمها.

فالصحافة أخذت دور الجيوش تقتحم وتلتحم وتدمّر وتسحق كلّ باطل وكلّ عدوان على الحرية في جميع مراميها.

والصحافة أخذت دور الرسل والدعاة في اعتمادها كلمة العقل مصدرها والضمير ضابطها، فهي سيف الحقيقة يقتل الباطل ولا ينثلم.

الصحافي شهيد حي، كما هو شهيد روح، فرسالة الصحافي كرسالة الجندي… لا لعب فيها ولا بهلوانية، قلم الصحافي لا يهدم، بندقيتُه قلمه يسعى لأن يسدّد نحو الهدف ولا يخطئ لأنه إنْ أخطأ أساء أو قتل وارتكب جريمة وأسقط ضحية. لذلك هو دائماً حريص على أن يُحسِن التصويب وأن يكون حاجز حماية لمن يمثّلهم وينطق باسمهم ويحمل رايتهم. وداعية محبة وخير وسلام لمن يخاطبهم ويتوجّه إليهم.

هو فارس يمتطي صهوة الكلمة ويبشر برسالة الحق… فارس لا يطعن في الظهر.. وكلّ مَن يوجه قلمه سيفه بندقيته لغير هدف خدمة الحقيقة هو ليس فارساً وإنْ امتطى الجواد بل منتحل صفة الفارس.

فالصحافة ثروة وطنية مادية معنوية حمت الحرية ودافعت عنها.. وقدّمت في سبيل ذلك الشهداء بسخاء في التضحية والعطاء. فالصحافة مرآة البلد وصوته الداوي ونغمته الجميلة، فإنْ أحسن الصحافيون فقد أحسنوا لوطنهم وجعلوه قبلة للناس وطلاب المعرفة..

الصحافي رسول أمته يعكس صورتها حسب ريشته فهو فنان بارع.. يرسم ولوحته العقول وصحائف القلوب.

الصحافي الأب والأمّ والمهد في كنفه نشأ وترعرع وطن الحرية وشعب الإباء.

الصحافي فارس يمتطي صهوة الكلمة يُشهر سيفها يرفع رايتها ويبشّر برسالة الحق ن والقلم وما يسطرون .

وهو لا يطعن بالظهر ولا يقشر بسيفه البصل.. فقلم الصحافي هو سيف النخوة والنجدة والمروءة ساطر كلمة الحق والحقيقة.

فالصحافة والشهادة والعطاء أسماء مترافقة مرادفة.. الصحافي لا ينطبق عليه المثل «يا قاتل يا مقتول».. الصحافي دائماً مقتول، تقتله يد الغدر والبطش والعداء للحرية وهو سيفها وترسها..

السادس من أيار يوم الصحافة والشهادة.. طرقنا بابه بأيدينا المضرجة بالدماء، وقلنا هذا هو طريق الحرية فاعبروا يا أحرار..

لا تندبيه فاليوم بدء حياته

إنّ الشهيد يعيش يوم مماته

إنّ أمة يُخنق فيها الصوت الحرّ ويُكسَر القلم وتُقيَّد الكلمة الشريفة هي أمة مصيرها الزوال والفشل ويبقى دائماً شعار كلّ صحافي مؤمن برسالته: إنّ الدماء التي تجري في عروقنا هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها..

منذ العام 1915 بدأت أولى قوافل الشهداء ترسم خطاها على أرض الوطن واستمرّت بتواصل وسخاء حتى أيامنا هذه..

مشانق السفاح جمال باشا.. لم تستطع أن تزيل أمجاد ما قدّمه شهداؤنا.. ولا رصاص جيوش الاحتلال قضى على شعلة الحرية ورايتها.. ولا الغدر والاغتيال..

فللحرية الحمراء باب

بكلّ يد مضرجة يُدقّ..

6 أيار عيد القلم والفارس الذي يحمله والتراب الذي يحضنه والدموع التي تسقيه والزغاريد التي تودّعه.. والرؤوس التي تنحني أمام موكبه.. سيظلّ نموذجاً نستلهمه ونستوحيه هو المعلم وهو القبس الهادي إنه الشهيد.. إنه الصحافي..

وهو عنفوان ومضاء ونقاء وطنية وعفة يد وسلامة مسلك وشموخ هامة ما خنع يوماً ولا هان ولا نكّس رأساً.

نريد تكريم الصحافي ليس بوسام أو درع أو شهادة تقدير نريد تكريمه بنصب تذكاري يخلّد سيرة هذا الجندي المجهول، نصب يشهد لأمتنا أنّ بلادنا منبر للفكر وشعاع للعلم والمعرفة وبوابة الحضارة.. نريد نصباً يكون رمزاً لوقفة العز. الصحافة محراب وهيكل عبادة لكهنة الحرية، لهذا تريد على باب الهيكل نصباً يتصدّره وينحني أمامه الداخلون خشوعاً لرمز السمو والسخاء وفيض العطاء والتضحية بالدماء إيماناً بالكلمة وروحانيتها.

إنه نداء في عيد شهيد الصحافة… فاسمعوا…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى