أميركا تدفع باتجاه تمديد الصراع جغرافياً وزمانياً وموضوعات وتشكيلات في المنطقة العربية ومحيطها

محمد شريف الجيوسي

هل المنطقة العربية ومحيطها مقبلة على استقرار أو تفجّر؟

هل قرار الولايات المتحدة الأميركية بات رهينة لدى الدولة العميقة غير المعنية بتهدئة واستقرار العالم، بل تريد افتعال المزيد من الحروب والهيمنة؟

هل الغرب الأوروبي، وضمنه بريطانيا، على هذا القدر من التبعية للولايات المتحدة الأميركية في ملفات ساخنة كملف الاتفاق النووي مع إيران والحرب على سورية واليمن وتحديات كوريا الديمقراطية.. وغيرها؟

وهل «إسرائيل» هي صاحبة القرار في ما يتعلق بتحديد علاقة الغرب الأوروبي والأميركي مع إيران وحجم وصيغة العلاقة مع الأنظمة العربية؟

وهل تقلّص المساحات الواقعة تحت سيطرة العصابات الإرهابية في سورية وفي العراق باستمرار، رهن بتقدّم محور المقاومة وحلفائه على الأرض، أو أنّ ثمة خيارات أخرى باتت هذه العصابات ومن يدعمها مضطرة للقبول بها وفق مواصفات صعبة؟

وهل الخروق الحربية الإسرائيلية والأميركية للأراضي السورية والأجواء اللبنانية ستتواصل من دون ردود كافية، أو الى متى ستتأجل هذه الردود؟

وفي حال حصلت ردود إيرانية وسورية ومقاوِمة، هل ستكون قريبة زمنياً، وما الحجم الذي ستكون عليه، وهل ستصيب «إسرائيل» وأهدافاً أميركية في المنطقة أو أراضي انطلقت منها تلك الخروق، في مقتل؟

وفي حال تكرّرت خروق إسرائيلية وأميركية وغربية، بما فيها فرنسية، ونالت أهدافاً روسية، أو لم تنلها بأضرار كبيرة، ما هو الموقف التالي، هل ستتسع رقعة الحرب؟

هل إعلان أميركا أنّ الحرب على داعش في العراق انتهت، وإعاقتها مساعي الحشد الشعبي لاجتثاث داعش؟ فيما تقوم على تدريب إرهابيين في الركبان والتنف، بحسب ما أعلنه وزير خارجية روسيا في مؤتمر صحافي يوم الخميس 3 أيار 2018، وانضمام قوات فرنسية للأميركية في منطقة الحسكة، وتبريدها جبهة كوريا، مقدّمة لتكريس الحرب على سورية برأس حربة قوات تسمّى عربية.

هل يمكن أن تتخلى روسيا عن حلفائها، كما يُروّج أو يُظنّ، تحت وطأة التحشيد الأميركي الغربي الإسرائيلي الإقليمي الرجعي، فتتحوّل التكتيكات الذكية التي تمارسها إلى استراتيجية؟

إلى أيّ مدى يمكن أن تذهب الصين في دعم حليفتها الرئيسة روسيا والمحور السوري، وتحدّي الضغوط الأميركية الغربية الاقتصادية المتغطرسة؟

إلى أيّ مدى يمكن أن تنجح المصالحة بين شطري كوريا، بما ينزع الابتزاز الأميركي لهما؟

إلى أيّ مدى تستطيع السلطة الفلسطينية تحدّي صفقة القرن وصنّاعها، وتحقيق الثقة بموقفها فلسطينياً، وتلقّي الدعم على أساس ذلك، وإحداث استدارة سياسية في الداخل والخارج؟

إلى أي حدّ يمكن للأردن التنسيق مع روسيا في ما يتعلق بجنوب سورية، ويحول دون استخدام أراضيه.. ورفض صفقة القرن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتأكيد وصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ورفض نقل الوصاية إلى أية جهة أخرى، بكلّ ما يتوجّب ذلك من أكلاف.

إلى متى ستظلّ تركيا تناور بين حافر ترامب وسندان روسيا وإلى أيّ مدى ستظلّ موسكو وطهران حريصتين على عدم تفجير التفاهمات معها، وبإقناعها للوفاء بتعهّداتها التي تنفذها منقوصة دائماً، إلى متى ستبقى روسيا وإيران تقبلان بذلك، هل سيحلّ يوم لا ريب فيه .

إلى أيّ حدّ تبدو الأزمة حادة بين السودان من جهة وبين السعودية ومصر من جهة أخرى، حيث تدرس السودان سحب قواتها من اليمن، ومتابعة الدعوى التي رفعتها ضدّ مصر والسعودية في ما يتعلق بخلافها التاريخي مع مصر حول حلايب المتنازع عليها؟

إلى أيّ مدى ستنعكس سلباً تفاهمات الخرطوم مع أديس أبابا حول سدّ النهضة على علاقاتها مع مصر التي تعتبر الاتفاق يضرّ بمصالحها وخذلاناً من السودان لها؟

هل اتفاق السودان وإثيوبيا حول السدّ يحقق مصالح الأولى على صعيد المياه والكهرباء، أو أنّ الخرطوم قبلت به نكاية بمصر على خلفية عقائدية، او نتيجة ضغوط غربية أو كلا الأمرين؟

هل سيولد خروج السودان من التحالف السعودي، اقتراباً قطرياً سودانياً تركياً بمواجهة السعودية والإمارات ومصر والبحرين والمغرب؟.. أين سيكون موقع الأردن من هذين المحورين؟

هل ستخلق عودة من تبقى من العمالة السودانية إلى بلادها، في ظلّ أزمة اقتصادية متفاقمة في السعودية والسودان معاً، قطيعة بينهما؟ مَن سيعوّض الخسائر المالية السودانية؟

هل يمكن أن تعود الخرطوم ثانية لتتفاهم مع طهران، التي دعمتها وتخلّت الخرطوم عنها لأجل عيون الرياض؟

هل سيجعل خروج السودان من التحالف السعودي بقاء مصر فيه محرجاً، حيث ستوجد قوات سودانية على الحدود مع مصر، ما يستوجب خروج مصر منه؟

هل سيكون موقف مصر والسودان المجاورتين لليبيا واحداً من الانتخابات الوشيكة فيها، والتي يبدو أنّ سيف الإسلام القذافي هو الأوفر حظاً فيهاً، ويحظى بدعم داخلي واسع قبلياً وجهوياً وأغلب ما تبقى من مؤسسات ليبية، كما يحظى بما يبدو بدعم دولي وإقليمي؟

هل ستعارض السودان انتخاب سيف الإسلام القذافي، رئيساً لليبيا الجديدة، حتى لو جاء وفق انتخابات حرة وبشبه إجماع داخلي وخارجي؟

هل سيفتح مجيء القذافي الثاني رئيساً لليبيا صفحة صراع جديدة ليبية سودانية، أو ستطوى الصفحة السابقة وتفتتح صفحة تعاون جديدة؟

هل تمهّد عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا إلى إعادة بناء، ليبيا جديدة من رحم ليبيا ما قبل المؤامرة الدولية عليها وعلى العرب عامة؟

هل ستستعيد روسيا مكانتها هناك، بعد أن خدعها الغرب والأميركان وأخرجوها عنوة، كما العراق، وهل ستنعكس العودة إيجابياً على مصر والسودان وتونس والجزائر؟

هل التحالف السعودي بشأن اليمن مرشح للانكفاء في ضوء الاختلاف الإماراتي مع حكومة هادي بشأن محاولات أبو ظبي بسط سيطرتها العسكرية على جزيرة سوقطرى؟

هل اتهام المغرب لإيران بدعم جبهة البوليساريو، هو أكثر من مجرد اتهام، فيما تدعم البوليسارو دول غربية عديدة، لا يقطع المغرب علاقاته معها؟ أليس هذا الاتهام هو مقدمة لمشاركة المغرب في القوات المسماة عربية للقتال في سورية؟

هل تقدّم لوائح حزب الله وحلفائه في الانتخابات النيابية اللبنانية، وتقدّم تحالف القوميين واليساريين والليبراليين والمستقلين في انتخابات نقابة المهندسين الأردنيين لأول مرة منذ ربع قرن ونيّف، يُعتبر بداية تبدّل في المزاج الشعبي في المنطقة، نتاج أحداث أكثر من 7 سنوات؟

أليس انتقاد الجزائر للموقف المغربي، يعني أننا أمام وضوح وخلط جديد للصراع في المنطقة، وأننا أمام تمدّد إقليمي وزماني له، وتعدّدٍ لغايات صراع، القضية الفلسطينية وسورية وإيران من غاياته المتقدمة، وقد تتسع رقعة الحرب جراء تمادي أميركا و«إسرائيل» وصبر محور المقاومة ما يُغريهما بالتمادي أكثر وتوجيه ضربات لإيران، فتردّ إيران في جبهة حرب واسعة بالتنسيق، وستضطر روسيا لتوسيع قاعدة تعاونها الإقليمي في الحرب فتساعد لوجستياً؟..

سيكون وادي النيل مصر والسودان ساحة صراع جديدة. وهذا قد يتزامن مع تخفيفه على الجبهة اليمنية أو التوصل إلى تسوية سياسية.

وفي حال استمرّت تركيا في اللعب على الحبال، واستمرار احتلالها أراضي سورية وعراقية، وتغليب البعد العقيدي الإخواني، على السياسي، ستكون عامل تفجير لصراعات طائفية ومذهبية وإثنية، وسيجد الأكراد فرصتهم لتوسيع حربهم ضدّها بمساندة أطراف أخرى، وستتحلل إيران وروسيا من تفاهماتهما معها.

باختصار، تريد أميركا ومَن معها، استثمار الظروف والبدائل لمدّ أمد الصراع في المنطقة العربية ومحيطها وتوسيعه جغرافياً وتنويع مشكلاته، وإعادة تشكيل أطرافه لضمان ديمومته تحتياً، حتى لو توقف عسكرياً حربياً، بحيث يبقى على شكل شروخ اجتماعية ودينية وعرقية وثقافية ولغوية واقتصادية ومعيشية حد التنافر والتناقض، كلّ ذلك لأجل عيون «إسرائيل»، وما أنشئت لأجله، لكن رغائب أميركا ليست قدراً، ولا يعني أنها ستنجح في تحقيقها.

m.sh.jayousi hotmail.co.uk

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى