انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران… والعلاقات مع أوروبا إلى أتون الغموض

هيمن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الثلاثاء الماضي، على الصحافة الأميركية التي لفتت إبى أنه يدفع العلاقات بين واشنطن وأوروبا نحو مرحلة من الغموض.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أنّ قرار ترامب الذي كان متوقعاً منذ فترة طويلة، يعرقل علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء الأوروبيين، ويدفعها إلى حالة عدم اليقين، على حدّ تعبيرها. وتابعت أنّ حلفاء الولايات المتحدة التزموا بالاستمرار في الاتفاق، ما يثير احتمال حدوث صدام دبلوماسي اقتصادي في وقت تعيد فيه واشنطن فرض عقوبات صارمة على إيران.

وأعلن ترامب، مساء الثلاثاء، انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، كما وقّع على مذكّرة تتضمّن عقوبات جديدة على طهران. وذكرت الصحيفة ذاتها أن هذا القرار يثير أيضاً احتمال زيادة التوتر مع روسيا والصين، اللتين وقّعتا أيضاً على الاتفاق.

في الاتجاه ذاته، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن دبلوماسي أوروبي رفيع، قوله إن الأوروبيين يخطّطون لمجموعة من الإجراءات التي يأملون من خلالها أن تبقى إيران في الاتفاق حتى لو أعاد ترامب فرض العقوبات.

ومن بين هذه الإجراءات بحسب الدبلوماسي الأوروبي الذي رفض ذكر أسمه للصحيفة، السماح لبنك الاستثمار الأوروبي بزيادة استثماراته في إيران.

وقال الدبلوماسي ذاته: نجري محادثات واضحة ونحن نعمل على عدد من المقترحات التي يمكن أن تحمي الشركات والمشغلين الأوروبيين، على حد تعبيره.

لكن في مقابل ذلك، أوردت «واشنطن بوست» أن عقوبات واشنطن قد تخيف أيّ شركة أوروبية، كما أنه ينبغي أيضاً التفكير في احتمال غضب الولايات المتحدة إذا عملت الشركات الأوروبية جاهدة على توجيه الاستثمار إلى إيران في مواجهة رفض لواشنطن.

أما شبكة «فوكس نيوز» المدافعة عن سياسات ترامب، فقد ذكرت أن الأخير أمضى أشهراً في المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني، فيما أشارت إلى أن قراره الأخير بفرض عقوبات جديدة على إيران هزّ أصداء أوروبا وليس واضحاً كيف ستجيب إيران. وذكرت أن ترامب لم يقتنع بجهود الحلفاء من أجل الاستمرار في الاتفاق النووي مع إيران.

من جانبه، أشار موقع «بوليتيكو» إلى أنّ خطوة الانسحاب أزعجت الحلفاء الأوروبيين الرئيسيين الذين أمضوا شهوراً لحث ترامب على عدم التخلي عن الاتفاق، كما جاءت أيضاً معارضة الصين وروسيا، واللتين كانتا أيضاً طرفين فيه.

وأضاف المصدر ذاته، أن المسؤولين الأوروبيين يصرّون على إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران حتى لو تخلت الولايات المتحدة عن التزاماتها.

وفي 2015، وقّعت إيران، مع الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين وبريطانيا وألمانيا، اتفاقاً حول برنامجها النووي. وينصّ الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن عشر سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.

وفي ما يلي، جولة على أهم الصحف الأميركية والأوروبية والروسية والعبرية:

واشنطن بوست

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء الماضي موقفه النهائي من صفقة النووي مع إيران، ما فتح السجال مجدّداً حول الخيارات التي قد يلجأ إليها في التعامل مع الصفقة التي وصفها بأنها أسوأ صفقة وقّعتها أميركا، وكثيراً ما تعهّد بإلغائها.

وكان من المقرّر أن يعلن ترامب موقفه من الصفقة في 12 أيار الحالي، إلا أنه كتب، ليلة الاثنين، تغريدة عبر حسابه على «تويتر» قال فيها إنه سيعلن موقفه من الصفقة بعد ظهر الثلاثاء بتوقيت العاصمة الأميركية واشنطن.

وتقول صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن الرئيس ترامب تعامل ببطء كبير مع الاتفاق النووي، رغم تحامله عليه، بخاصة أنه إلى الآن لم يفرض إعادة العقوبات على إيران، والذي كان ممكناً قبل عدة أشهر.

ويتوقّع الخبراء، بحسب الصحيفة، أن يفرض ترامب عقوبات جديدة ومشدّدة على البنك المركزي الإيراني، وهي إعادة للعقوبات التي كانت موجودة قبل صفقة النووي عام 2015، وأيضاً قد يشمل هذا الأمر العشرات من الشخصيات الإيرانية ورجال الأعمال.

أربعة خيارات أمام ترامب للتعامل مع ملف إيران النووي، بحسب «واشنطن بوست» قد تُعتمَد وهي:

ـ لجوء ترامب إلى الإبقاء على الصفقة مع إيران، ومواصلة أميركا احترام اتفاقية العام 2015 إلى أجل غير مسمّى، وهو خيار من الناحية النظرية ممكن، فليس هناك ما يدعو لإلغائها فجميع الهيئات الدولية الرئيسية، ومن ضمن ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تقول إن طهران تفي بالتزاماتها حيال الصفقة، إلا أن الرئيس الأميركي بقي غير مقتنع بذلك، رغم الضغوط من قبل القادة الأوروبيين.

ـ قد يلجأ ترامب إلى خيار منح إيران مهلة للقبول بشروط جديدة يتضمّنها الاتفاق النووي، وإذا ما لجأ لهذا الخيار فإنه سيمنح شركاءه الأوروبيين مرونة للتعامل مع الاتفاق، بخاصة أن لدى أوروبا تحفّظات كبيرة حيال أنشطة طهران في مجال الصواريخ الباليسيتة العابرة للقارات، وأيضاً دعمها المليشيات في سورية وحزب الله في لبنان.

يقول القادة الأوروبيون إنه يمكن معالجة بعض النواقص في الاتفاق النووي، لكن من الصعب تخيّل كيف، فإيران قالت إنها لن تعيد التفاوض على الصفقة، وترامب يرى أهمية أن تتراجع طهران عن دعمها للمليشيات في الخارج، وهو أمر لا يبدو أن إيران يمكن أن تقبل به، على حدّ قول الخبير الإيراني علي فايز، الذي رأى أن على الأوروبيين الاحتفاظ بصفقة النووي من دون أميركا.

ـ الخيار الثالث الذي قد يلجأ إليه ترامب يتمثل بإعادة فرض العقوبات، ولكن بعد حين، وهو أمر قد يعطي أيضاً الحلفاء في أوروبا الفرصة من أجل إقناع إيران بإجراء تغييرات كبيرة على الاتفاق.

ـ يبقى الخيار الأخير هو إلغاء صفقة النووي، والبدء بفرض عقوبات جديدة، وإعادة العقوبات التي ألغاها الاتفاق.

إذا قرّر ترامب ذلك فإنه سيلجأ إلى فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني، وسيكون أمام الشركات والدول 180 يوماً للتوقّف عن شراء النفط من إيران.

إلى الآن لا يبدو واضحاً تماماً ما قد يحدث، فالمتفائلون يقولون إن هذا النهج المتمدّد تجاه إيران قد يدفعها من جديد إلى طاولة المفاوضات، ولكن لا يبدو ذلك مرجّحاً، كما أنه ليس من الواضح إلى الآن إن كانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستبقى على موقفها تجاه الصفقة أم لا.

نيويورك تايمز

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أبلغ نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بأن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي مع إيران.

وأجرى الرئيسان الأميركي والفرنسي، أمس الثلاثاء، اتصالاً هاتفياً بحثا فيه، بحسب بيان رسمي صدر عن قصر الإليزيه، قضايا متعلقة بضمان الاستقرار والسلم في الشرق الأوسط.

لكن مصدراً مطلعاً على فحوى المكالمة قال لـ«نيويورك تايمز» إن ترامب أبلغ ماكرون بأنه يخطط للإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية مع إيران.

وأوضح مصدر الصحيفة في هذا السياق أن الولايات المتحدة تستعد لإعادة فرض كل العقوبات، التي تخلت عنها بموجب الاتفاق النووي، وكذاك لتطبيق عقوبات اقتصادية جديدة على إيران.

إلا أن باريس نفت لاحقاً أن الرئيس الأميركي ذكر لنظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال الاتصال، أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاق النووي.

وقال قصر الإليزيه، في بيان أصدره تعليقاً على المكالمة: إن الرئيس ترامب لم يقدم أي إشارة إلى قراره حول الاتفاق النووي.

وأجريت المحادثات قبيل ساعات من إعلان الرئيس الأميركي قراره حول مستقبل دور الولايات المتحدة في الاتفاق النووي مع إيران، وسط توتر كبير ناجم عن توقعات بانسحاب الإدارة الأميركية من الصفقة، التي أبرمت في تشرين الثاني 2015 بين إيران من جهة وكل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى.

وذكر مسؤول من البيت الأبيض في وقت سابق من يوم أمس أن ترامب يعتزم مناقشة هذه القضية مع ماكرون في اتصال هاتفي.

وحذّر الرئيس الفرنسي مرارا نظيره الأميركي من التداعيات الخطيرة لانسحاب الولايات المتحدة من الصفقة مع إيران، قائلاً إن هذه الخطوة قد تفتح صندوق باندورا وتؤدي إلى نشوب حرب.

يديعوت أحرونوت

قال وزير الاستخبارات «الإسرائيلي» يسرائيل كاتس، أمس الأربعاء، إن حكومته تعمل على إجبار إيران على الانسحاب من سورية.

وذكر كاتس، في مقابلة مع الموقع الالكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، بعد ساعات من هجوم استهدف قوات إيرانية في سورية: الإيرانيون لا يفهمون غير هذا اللغة.

وأضاف: النقطة التي انغلقت فيها إيران على نفسها بين 2003 و2015 بسبب التهديدات الأميركية باجتياحها، وبسبب ضغط العقوبات هي النقطة التي يجب أن نعود إليها وأن نكون جزءاً أساسياً فيها من أجل دفع إيران للخروج من هذه المنطقة.

وأضاف: «إسرائيل» لا تريد احتلال سورية، لكنها تريد أن تتخذ إيران قراراً استراتيجياً بالانسحاب منها.

وتعرضت قاعدة سورية عسكرية لهجوم ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، بعد إعلان «إسرائيل» عن حالة تأهب في منطقة الحدود مع سورية في الشمال، «بسبب تحركات ملحوظة تم رصدها في سورية»، حسبما زعمت الصحيفة.

ووقع الهجوم أيضاً بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وفرضه أقصى درجات العقوبات على إيران.

ولم تعلن «إسرائيل» مسؤوليتها عن الهجوم بشكل صريح، رغم تلميح وسائل إعلام «إسرائيلية» إلى ذلك.

وقال كاتس: إيران تهدد بشكل علني أنها ستهاجم «إسرائيل»، ونحن نتعامل مع ذلك بجدية تامة. وتابع: نحن ندافع عن جنودنا ومواطنينا، بطرق استخبارية وكذلك بكافة السبل لتحديد التهديدات والقضاء عليها مسبقاً.

وقال الوزير «الإسرائيلي» إن استراتيجية حكومته تهدف إلى منع اندلاع حرب.

وأضاف كاتس إن نتنياهو توجّه إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل الدفع نحو إخراج إيران من سورية لتجنب وقوع احتكاكات تؤدي إلى حرب.

وأكد وجود تعاون مع الولايات المتحدة، «وبخاصة من ناحية قوتنا وتأهبنا، وقدرتنا الاستخبارية في تحديد تحركات عسكرية وإحباطها بشكل استباقي، وكذلك لدينا قوة الردع، والقدرة على العمل، والوقاية، والدفاع عن أنفسنا بشكل فعال .

وشهدت الأسابيع الأخيرة عدة هجمات استهدفت قواعد تابعة لإيران في سورية، ووجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل بتنفيذها.

ودمرت إحدى الهجمات منظومة الطائرات دون طيار الإيرانية في سورية، وقتل في الغارة سبعة ضباط إيرانيين بينهم المسؤول عن المنظومة.

وهددت إيران بالرد على هذه الهجمات.

إيزفستيا

تحت عنوان «ورقة لعب كاذبة في سوق النفط»، كتب آلكسندر فرولوف، في صحيفة «إيزفستيا» الروسية، حول ارتفاع أسعار النفط بسبب المخاوف من انعكاس تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران على العرض.

وجاء في مقال فرولوف، نائب المدير العام لمعهد الطاقة الوطنية: كسر سعر النفط سقف 75 دولاراً للبرميل. السبب، مخاوف السوق من العلاقات المعقدة بين الولايات المتحدة وإيران. على هذه الخلفية، تتزايد الأسعار. ولكن إلى متى سيستمر هذا النمو، والأهم من ذلك، ما مقدار ما توافر العوامل الموضوعية لذلك؟

لقد أصبحت إمكانية إعادة العقوبات التي سبق أن رفعت عن إيران بمثابة ورقة لعب آس ، يمكن بمساعدتها تحقيق نمو سريع في عروض الأسعار. ويبقى السؤال مفتوحاً عن استعداد الولايات المتحدة لاستخدام هذه الورقة الآن، حيث زاد الحجم اليومي للإنتاج المحلي بمقدار مليون برميل عما قبل الأزمة، ووصل إلى 10.62 مليون برميل. إذا لجأت الولايات المتحدة إلى هذه الخطوة، فإن الأسعار، بالطبع، يمكن أن تقفز لفترة قصيرة إلى 85 دولاراً للبرميل.

لكن عودة العقوبات وحدها لن يكون لها تأثير دائم. فالآس المخبأ في الكم، هو أصلا وهمي. ذلك أن الكميات الصغيرة نسبياً، التي في هذه الحالة سوف تخسرها السوق، يمكن تعويضها بسرعة من قبل لاعبين آخرين. ومن قبل الولايات المتحدة نفسها.

في مجتمع الخبراء، هناك وجهتا نظر متعارضتان بشأن إمكانية ارتفاع أسعار النفط على المدى الطويل. ففيما ترى مجموعة من الخبراء أن الانخفاض الذي حدث في فترة 2014/2016، سيستمر لوقت طويل، هناك رأي آخر يقول إن أسعار النفط سوف ترتفع، ذلك أن سعر 30/40 دولاراً وحتى 60 دولاراً غير كاف لضمان استقرار النمو ليس فقط في قطاع النفط إنما وللاقتصاد العالمي إجمالاً.

ويتابع كاتب المقال: لا أحد بحاجة إلى انخفاض الأسعار. وكذلك إلى أسعار مرتفعة جداً تؤدّي إلى تدفق براميل زائدة في السوق. ووفقاً لتقديرات مختلفة، فإن المستوى الأمثل اليوم هو ممر يتراوح بين 70 و75 دولاراً أو 80/85 دولاراً للبرميل. في الواقع، الأسعار اليوم تقارب الوضع الأمثل. وعند هذه المستويات سوف تثبت.

الأكثر أهمية بالنسبة إلى السوق هو الصراع المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين. فللصين حصة كبيرة من نمو الطلب على الطاقة. وأي ضربة للطلب ستؤدي إلى زيادة قلق المستثمرين وحدوث تغير سريع في ميزان العرض والطلب، فضلاً عن إعادة توزيع تدفقات الطاقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى