حزب الله: 4 ملفات لا تنازل عنها

محمد حمية

باكراً بدأت معركة تشكيل الحكومة الجديدة، وقد سارع رؤساء الكتل النيابية الى تظهير مواقفهم المبدئية من مساري التكليف والتأليف وتنفيذ إعادة تموضع سياسي تفاوضي يمكّن كل كتلة من تحصيل مكاسب أكثر في التركيبة الحكومية المنتظرة، غير أن الخريطة النيابية الجديدة التي أفرزتها الانتخابات ستُلقي بثقلها على توزيع المغانم وتحديد التوازنات التي لن تكون نفسها في الحكومة الحالية. فالحكومة العتيدة هي حكومة العهد الأولى وقد يمتدّ عمرها كامل ولاية المجلس النيابي، أي أربع سنوات إلا في حالات اعتبارها مستقيلة كما تنصّ المادة 69 من الدستور. وهذه الحالات مستبعدة في المرحلة الراهنة لأن مكونات الحكومة تشكل الأغلبية المطلقة للمجلس النيابي.

لهذه الأسباب وغيرها ينتظر مخاض التأليف قتالاً شرساً بين القوى السياسية على نيل حصص حكومية وازنة وحجز مواقع هامة في المعادلة الحكومية، لكن عملية التشكيل محكومة باعتبارات وقواعد عدة داخلية وخارجية ودونها عقبات قد تجعل ولادتها متأخرة وأشبه بولادة قيصرية:

– تعدّد الكتل النيابية في المجلس الجديد بعد ولادة كتل صغيرة وفرط تكتلات كبرى ما يخلق إشكالية في تمثيلها إذ كانت القاعدة هي حكومة جامعة ووطنية، اضافة الى ظهور شخصيات سنية وازنة في البرلمان ما يستوجب تمثيلها بوزير أو أكثر من خارج التيار الأزرق ما قد يكون محل اعتراض من الحريري الذي يفضل الاحتفاظ بحصرية التمثيل الوزاري السني في الحكومة من دون مشاركة أخصامه في «البيت السني».

– تمسك رئيس المجلس النيابي نبيه بري مدعوماً من حزب الله بوزارة المال وللوزير علي حسن خليل تحديداً الأمر الذي رفضه الحريري، والاعتراض لم يقتصر على الحريري فحسب، بل على التيار الوطني الحر وإن لم يعلن موقفاً رسمياً بعد، لكن مصادره أكدت لـ «البناء» رفض «التيار» حصرية وزارات لطوائف وأحزاب خارج الرئاسات الثلاث، كما ينص الدستور. وفي هذا السياق يدور الهمس والغمز في الأروقة السياسية بأن الحريري والوزير جبران باسيل يريدان وزارة المال لأسباب تتعلّق بتنفيذ مشاريع الاستثمار في إطار مؤتمرات الدعم الدولي للبنان، إذ يعتبر الحريري أن تنفيذ السياسة المالية والاقتصادية تحتاج الى أن يكون وزير المال من فريقه. وبالتالي يتحرّر من «زعل» رئيس المجلس النيابي واسترضائه عند كل خلاف حول أمر ما. وقد يبادر الحريري الى مفاوضة بري لمقايضته بوزارة سيادية وأخرى خدمية مقابل التنازل عن المالية أو اعتماد مبدأ المداورة، غير أن مصادر حركة أمل ترفض هذه المقايضة وتشير لـ «البناء» الى أن «هذا الأمر ميثاقي وليس خاضعاً للمساومة السياسية».

– حجم الحصة الوزارية «القواتية» ونوع الحقائب السيادية والخدمية ستشكل عقبة أساسية أمام مسار التأليف، ورفع رئيس «القوات» سمير جعجع أمس الأول، في مقابلته التلفزيونية الأولى بعد الانتخابات، سقف مطالبه متسلحاً بارتفاع كتلته النيابية الى 16 وزيراً واعتباره أن «القوات» شريك التمثيل المسيحي للتيار الوطني الحر ويريد حصة توازي حصة «التيار العوني» الامر الذي سيرفضه باسيل والرئيس ميشال عون كما أن إيلاء «القوات» حقيبة سيادية كوزارة الدفاع أو ما يوازيها خط أحمر لدى فريق 8 آذار.

– سعي المستقبل والقوات و14 آذار الى نيل الثلث المعطل لإسقاط أي قرار يتعلق بالقضايا الكبرى ويسعى فريق رئيس الجمهورية و8 آذار الى تمريره كملف النازحين السوريين أو العلاقة مع سورية وسلاح المقاومة والعلاقات مع دول الخليج. في المقابل يريد رئيس الجمهورية الإمساك بناصية القرار في مجلس الوزراء لتنفيذ الوعود التي قطعها منذ خطاب القَسَم على المستويات الاقتصادية والإنمائية والإصلاحات السياسية ومكافحة الفساد وبناء الدولة وإلغاء الطائفية السياسية، وبالتالي لن يوقع تشكيلة لن يضمن فيها أغلبية تقارب ثلثي المجلس تصوّت لصالح سياساته، علماً أن الحكومة المقبلة بمثابة الفرصة الاخيرة للعهد الرئاسي، إذ ربما يكون عمرها عمر ما تبقى من سنوات العهد.

وبعيداً عن الخلاف حول الحصص والتوازنات، ثمة سؤال يطرح: هل يمكن أن تُبصر الحكومة النور استناداً الى مرتكزات التسوية الرئاسية التي أوصلت عون إلى بعبدا والحريري الى السرايا في ظل التحولات في المنطقة التي صبّت في مصلحة محور المقاومة وبعد الأحداث التي شهدها لبنان خلال العام ونصف العام الماضي؟ أم أن تعديل شروط التسوية بات البوابة الرئيسية لولادة الحكومة وحاجة ملحّة لتثبيت الاستقرار السياسي والأمني من جهة وتعزيز السيادة الداخلية وإنجاز الإصلاحات المطلوبة من جهة ثانية؟

لن يكون مسار التأليف شاقاً فقط، بل ستشهد عملية التكليف مخاضاً لن يكون سهلاً أيضاً رغم أرجحية عودة الحريري الذي يملك أغلبية التمثيل النيابي السني الى السرايا الحكومي، لكنه ليس الممثل الأوحد. وعلى الرغم من حسم تكتل لبنان القوي وتالياً الرئيس بري مسألة تسمية رئيس المستقبل غير أن حزب الله والقوات والنائب وليد جنبلاط لم يحسموا أمرهم ولكل منهم شروطه قبيل منح أصواته في استشارات بعبدا.

وتحدّثت مصادر مطلعة في فريق 8 آذار لـ «البناء» عن أن «نيل الحريري أغلبية نيابية لتكليفه لا يعني أن الحكومة ستبصر النور في وقت قريب، إذ إن المرحلة تحتاج الى تثبيت دعائم التسوية الرئاسية مع ربط نزاع في الملفات الخلافية حول سلاح المقاومة وقتال حزب الله في سورية»، وتجزم المصادر بأن «4 ملفات لن يتنازل عنها حزب الله وحلفاؤه وإلا سيبقى الرئيس مكلفاً حتى إشعار آخر، فحزب الله سيعود الى المعادلة الداخلية مفوضاً بأغلبية شعبية ووطنية واسعة، وسيصرف هذه الشعبية في طرح ملفات جوهرية في استمرار وجود الدولة، أما الأولويات لدى الحزب، فهي:

– البيان الوزاري وتثبيت ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

– تمثيل عادل في الحكومة، لكل المكوّنات وفق نسب تمثيلها النيابي.

– الملفات المعيشية والاقتصادية متل أزمة النفايات والكهرباء ومكافحة الفساد.

– إيجاد حل لأزمة النازحين السوريين وتصحيح العلاقة مع سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى