دعونا منهم…

يقول الأميركي مالكوم إكس: «إن تكن فطناً فإنّ الإعلام سيجعلك تكره المظلومين وتحب من يمارس الظلم». الإعلام المسموع والمرئي والمقروء يستخدم تأثيره لاجتذاب الناس، محطّات، برامج، لقاءات وغيرها، تلقي المستمع في شباكها بغير استئذان تستخدم لأغراض سياسية وودينية وغيرها، وما سأعرّج عليه في مقال اليوم هوكيف يستخدمونها للتأثير الديني.

على إحدى المحطّات الفضائية داعية ديني كما يسمونه يفتي للناس ويشرّع كما يشاء. جاءه اتصال من إحداهنّ تسأل: هل تقبيل زوجها لها في شهر رمضان يفسد صومها؟ فكان جواب الداعي : إذا كان التقبيل من أجل الوداع فهو يجوز ولا يؤثّر على صحة الصيام، ولكن إذا أدّى إلى لذّة فهو حرام شرعاً ويفسد الصوم.

والأكثر طرافة من هذا البرنامج، مقطع فيديو عرضته الكثير من القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي لزواج فتاة من السويداء بعمر التسع سنوات من شاب أو لنقل صبي بعمر الأربع عشرة سنة. نتّهم الغرب بالفسق والا مبالاة ونتاسى بلادنا وغيرها من الدول العربية التي لم تصدر حتى الآن قانوناً يحيل منع زواج القاصرات. بلاد الغرب أو الكفر كما يسميها معظمنا احترمت حقّ الإنسان الذي تكفله الذات الإلهية وأعطوا المرأة حق الاختيار بعد سنّ 18. وهناك صراع مع الأعراف والتقاليد ومحاولات جديدة من قبل البرلمان في العراق لتمرير مقترح يجيز زواج القاصرات من سنّ التاسعة! هذه الطفلة كيف ستقرّر، وهل بإمكانها أن تدير منزل وتنجب أطفال وتعمل على تربيتهم وهي ما زالت بحاجة من يحتضنها ويرعاها وجلّ ما تفكر به متى ستخرج للعب وتشتري الشوكولا!!

يعتقد الكثير من الدعاة أنّ الخطأ في المجتمع أمر حادث، بينما هو في الحقيقة أمر متجذّر، الخطأ في المجتمعات ليس ناراً شبّت فجأة، يكفي المصلح أو الداعي أن يلقي عليها دلاء ماء لتنطفئ ويعود الأمر كما كان! الأمر أعتى من هذا وذاك، إنّه يشبه محاولة فصل الملح عن الماء بعد أن شبع ذوباناً فيه، نسي الماء عذوبته السابقة، والملح لن يخرج منه بسهولة! وكلّ الدعاة الذين وهنوا يئسوا فانكفؤوا في بيوتهم. لم يعرفوا أنّه لحم قد اختلط بعظم.

فالأسباب تجري على الناس ولا تجري على الله، يزرع معظمهم عقائد زائفة في نفوس الأكثرية تصبح على طول المراس والمعايشة قوّة حقيقة، يدافع عنها أهلها دفاع الحقّ عن حقّهم بل أشدّ!

أرى مصداق ذلك قول الجدّة في مثلها: لم يجدوا في الورد عيباً، فقالوا له، يا أحمر الخدّين. لذا فعلى الذين يسعون لتشريع الفتاوى والأحكام أن يكفّوا عن فعلهم الشنيع فنحن بغنى عنهم وعن فتاويهم التي يصكونها على من شاؤوا، كما كانت الكنيسة في القرون الوسطى تبيع الجنّة عبر صكوك الغفران.

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى