«أزمة داعش» و«تقدّم الدولة السورية»: إشكالية تحالف أوباما
عامر نعيم الياس
برز في الصحافة الغربية خلال الأسبوع المنصرم ملفّان متناقضان في الشكل، متكاملان في المضمون، أحدهما قديم جديد، والآخر جديد لم نشهده خلال الأسابيع الماضية، ويتمثل في أزمة ما يسمى «الدولة الإسلامية في العراق والشام ـ داعش»، على الجبهتين السورية والعراقية، من جرّاء «ضربات التحالف الدولي الجوّية»، و«التغيّر الجوهري» في استراتيجية أوباما إزاء الأكراد، وهو ما أدّى إلى ما وصّفته صحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية بـ«مأزق الدولة الإسلامية… فمقاتلو التنظيم في حالة فرار، إذ لم يعد بمقدروهم الاستيلاء على أراضٍ جديدة بعدما كانوا في شهر أيلول الماضي على وشك دخول العاصمة العراقية بغداد».
«لوفيغارو» الفرنسية لاقت نظيرتها الأميركية في الحديث عن عين العرب السورية، إذ نقلت عن مسؤول في البنتاغون، لم يكشف عن اسمه، قوله إن «الأكراد يستطيعون الحفاظ على عين العرب، فالجبهة هناك مستقرة منذ حوالى أسبوع بعد التعزيزات التي حصلوا عليها». من حيث الشكل العام، الواضح أن الحديث للمرّة الأولى عن تراجع ميداني لـ«داعش» وصل إلى حدّ توصيف ما يجري معه على الأرض بأنه «مأزق» ناتج عن رغبة لدى بعض النخب في دعم استراتيجية أوباما الحالية في حربه على ما «داعش»، فضلاً عن توجيه رسالة إيجابية واستمالة الرأي العام الأميركي مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، بهدف تأطير ملامح إنجاز ما لإدارة الرئيس أوباما حتى لو كان على المستوى الخارجي.
في المقابل، استمر ملف استفادة الدولة السورية من الحرب التي يشنّها الرئيس الأميركي على الإرهاب في سورية بالتفاعل على صفحات الصحف الغربية، فيما بدا على أنّه حملة منسّقة هدفها الضغط على الإدارة الأميركية لتغيير استراتيجيتها السورية، في ضوء التقدم الميداني الذي يحرزه الجيش السوري على الأرض، مستغلاً بحسب إجماع الصحافة الغربية، الضربات الجويّة لتحالف أوباما في الداخل السوري. وهنا عنونت «واشنطن بوست» الأميركية أحد تقاريرها «في الوقت الذي تهاجم فيه الولايات المتحدة الدولة الإسلامية، سورية تصعّد من هجماتها على المتمرّدين المعتدلين»، فيما أبرزت «تايمز» البريطانية «الحرب الكيماوية للنظام السوري على جوبر مستغلاً الاهتمام الدولي بضربات التحالف في سورية». أما صحيفة «لوموند» الفرنسية فأشارت إلى ما أسمته «الحربان المتعايشتان في سماء سورية، الأولى ضد الدولة الإسلامية يقودها التحالف، والثانية ضد المتمردين السوريين يقودها الأسد. وهذه الأخيرة تختلف من حيث شدّتها عن الأولى، ففي الوقت الذي قامت به طائرات النظام بمئة طلعة جويّة خلال اليومين الأولين من الأسبوع الماضي، قامت طائرات التحالف بسبع فقط».
إن الاختلاف الجوهري في إبراز الملفين السابقين أمرٌ لا يمكن إنكاره، لكن الارتباك في التعاطي مع الملف السوري، أو ما يمكن تسميته العقدة السورية، تطرح تساؤلاً حول الغاية من تزامن طرحهما في الصحف الغربية، وسط غياب أي بديل ناجع عن الاستراتيجية الحالية للرئيس الأميركي باراك أوباما في سورية والعراق؟ كما تطرح تساؤلاً حول جدوى الرهان الأميركي على عامل الوقت في ما يخص الحرب على «داعش»، فالاستنزاف هنا لم يعد محصوراً فقط بالدولة السورية، بل يتعداه إلى القوى التي تراهن واشنطن عليها لملء الفراغ الذي سيخلّفه «داعش» في سورية؟
كاتب سوري