غزة تفرض معادلات الردع بصواريخ عسقلان… و«إسرائيل» تطلب التهدئة بوساطة مصرية الحريري إلى السعودية للاستعانة على تصعيد «القوات»… بعد التفاهم مع عون على سائر العقد
كتب المحرّر السياسي
ملامح هزال وارتباك وتراجع من سورية إلى فلسطين وصولاً إلى اليمن يعيشها حلفاء واشنطن، التي لا تخفي مأزقها في فرض معادلاتها على كلّ من كوريا الشمالية وإيران وتعثر مسارات ترويض وتطويع طهران وبيونغ يانغ، بينما في العراق محاولات يائسة لترتيب تحالفات تعزل قوى المقاومة، وفي لبنان تصعيد قواتي لا ينجح في فرض معادلاته على تشكيل الحكومة.
أوروبا تتفاهم مع روسيا على تصوّر موحّد عنوانه حماية تطبيق التفاهم النووي مع إيران كطريق وحيد لمنع بلوغها عتبة تصنيع أول قنبلة نووية. وحماية التفاهم لها ثمن هو منع العقوبات الأميركية من منح إيران فرصة القول بسقوط التفاهم وتحرّرها من أحكامه. هذا هو مضمون ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حصيلة لقاءاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والصين وروسيا تتمسّكان بمطالبة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضمانات أمنية واقتصادية ودبلوماسية واضحة لكوريا الشمالية كي يكون لقمة سنغافورة مفعول يتعدّى الصور التذكارية، وسط تشكيك داخل الكواليس الأميركية في قدرة الرئيس ترامب على تحقيق اختراق ما لم يتقبّل تقديم التنازلات بدلاً من البحث عن صورة الخضوع الكوري الذي يبدو مستحيلاً، كما نشرت صحيفة «واشنطن بوست».
كيان الاحتلال والكيان السعودي المنخرطان في الحرب على سورية، وفي جبهتها الجنوبية خصوصاً، يخليان الساحة لتفاهمات تقودها واشنطن وعمّان مع موسكو يتوّجها اجتماع مشترك اليوم لوضع الترتيبات اللازمة لانسحاب آلاف المسلحين الذين ترعاهم السعودية و«إسرائيل» وأميركا في جنوب سورية، وتسليم مواقعهم وصولاً للحدود مع الأردن للجيش السوري، بعدما بدت الساعة الصفر لعملية عسكرية واسعة يخوضها الجيش السوري مع حلفائه الذين يتقدّمهم الإيرانيون وحزب الله، بدعم ناري روسي، سيترتب عليها بلوغ الحلفاء مع الجيش السوري أهدافهم كما في كلّ مرة، وحيث يدخلون لا يمكن التفاوض على سحبهم، بينما التسليم الطوعي للجيش السوري قد يضمن انتشاره وحده قرب المناطق الحدودية.
في اليمن نجحت وحدات الجيش واللجان الشعبية باستيعاب توسّع القوات السعودية والإماراتية على الساحل الغربي وأوقعت خسائر فادحة بآلياته وتجمّعاته، واستهدفت مواقع سعودية وإماراتية بصواريخ بالستية، تساقط عدد منها على مواقع عسكرية سعودية في عسير، وقالت بيانات للإعلام الحربي التابع لأنصار الله إنّ أكثر من ثماني دبابات إماراتية تمّ تدميرها وعرض الإعلام الحربي أفلاماً للمواجهات التي شهدها الساحل الغربي وتضمّنت صوراً لاستهداف المدرّعات والمواقع.
الحدث الأبرز كان في غزة التي أظهرت تماسك وقوة جبهتها الداخلية رغم التضحيات التي حملتها مسيرات العودة، فقامت اللجنة المشرفة على المسيرات بتنظيم مسيرة بحرية لفكّ الحصار خرجت خلالها زوارق الصيد ترافق سفينة الحرية إلى آخر المياه الإقليمية لقطاع غزة، حيث ضاق الإسرائيليون ذرعاً بالحيوية التي يظهرها الفلسطينيون في قدرتهم على مواصلة ابتكار وسائل المواجهة، فصعّد العمليات الحربية بعد صواريخ ليلية لحركة الجهاد الإسلامي على مستوطنات غلاف غزة، لتردّ قوى المقاومة بتصعيد صاروخي، وصل رداً على غارات ما بعد الإفطار، إلى استهداف عسقلان بصواريخ ثقيلة، ليسارع قادة جيش الاحتلال لطلب الوساطة المصرية للعودة إلى اتفاقيات التهدئة المعتمدة إطاراً لوقف التصعيد منذ العام 2014، ومع منتصف الليل كانت لا تزال بعض الصواريخ تستهدف مواقع الاحتلال وغارات جوية تستهدف مواقع المقاومة، وهو ما وصفته مصادر متابعة بالصليات الأخيرة قبل بدء سريان التهدئة، ما لم تكشف الاستهدافات عن نيات خداع، قالت قوى المقاومة في غزة إنها ستتفحّصها لتقرّر الالتزام بالتهدئة أو الردّ على الغارات بما يتناسب.
لبنانياً، توضع السعودية تحت المجهر اللبناني وما إذا كانت تريد عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة أم المساعدة في حلحلة العقد التي تعترض ولادتها، مع زيارة الرئيس سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة للرياض بعد جلسة تقييمية لجوجلة الأجواء المحيطة بتشكيل الحكومة جمعته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قالت مصادر مطلعة إنها توحي بالتفاهم بين الرئيسين على حكومة ثلاثينية، تشكل الحكومة الحالية مسودّتها الرئيسية حيث تتناسب حصة القوات اللبنانية مع حجمها النيابي الجديد، ولا مانع من مناقشة بقاء منصب نائب رئيس الحكومة من ضمن حصتها إذا تمّ التفاهم على حجم التمثيل والحقائب، بينما لا مانع لدى رئيس الجمهورية من استيعاب مطالب تمثيل اللون الثاني المقابل للقوّتين الكبيرتين في السنة والدروز من ضمن حصته، ما يسهل حلّ قضيتي حفظ المقعد الوزاري للوزير طلال أرسلان، وتوزير أحد النواب الفائزين عن مقاعد الطائفة السنية من خارج تيار المستقبل بدلاً من الوزير طارق الخطيب، يرجّح أن يكون الوزير السابق فيصل كرامي، كما أن لا مشكلة ببقاء وزارة المالية من حصة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بما يجعل أغلب العقد تحت السيطرة، ليتمّ البحث بالتفاصيل إذا نجح الرئيس الحريري بالحصول على مساعدة «صديق» في السعودية، ومن ضمن التفاصيل عندها توزيع الحقائب وتداول الأسماء المقترحة لها من قبل الأطراف المعنية.
الحريري: خمسة وزراء سنّة لي والسادس لعون
توجّه الرئيس المكلف سعد الحريري إلى المملكة العربية السعودية في زيارة تستمر بضعة أيام لنيل «بركة تشكيل الحكومة» وقبيل زيارته السعودية حطّ الرئيس المكلّف في بعبدا لاطلاع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على حصيلة مشاوراته غير الملزمة مع الكتل النيابية في المجلس النيابي. وقد أكد الحريري في تصريح عقب لقائه عون «إيجابية الأجواء الموجودة بين جميع الجهات السياسية، وتمنّى أن يكون هناك تشكيل الحكومة سريعاً، وأنا متفائل». وأوضح «أنّنا تكلّمنا بالتفاصيل، وفضّلنا جوجلة الأفكار للتوصّل إلى أفضل طريقة للتشكيل»، مبيّناً أنّ «الفكرة الأساسية هي كيفيّة إنجاز الحكومة بسرعة، وما هو حجمها. اليوم عرضنا الأفكار فقط، وأنا حريص على الوفاق في هذه الحكومة».
أما اللافت فهو ردّ الحريري على سؤال حول تمثيل الوزراء السنة العشرة خارج تيار المستقبل بحقيبتين على الأقل بالقول: «يقولوا ما يريدون، تيار المستقبل هو تيار المستقبل. وكذلك هناك رئيس الحكومة وله حصة ايضاً»، ما يعني أن «الحريري فصل بين حصته وبين حصة تياره ويطمح للحصول على 4 وزراء سنة لتيار المستقبل ووزير من حصته كي لا يسجل سابقة منح وزيرين لفريق 8 آذار». ومن المرجّح بحسب مصادر أن يوافق الرئيس المكلف على منح الوزير السني السادس والأرجح أن يكون النائب فيصل كرامي من حصة رئيس الجمهورية وليس من حصة ما يُعرَف بـ «سنة 8 آذار»، إذ يعتبر بأن كرامي هو «أهون الشرور» من الآخرين الذين يعتبرهم الحريري حلفاء سورية كالنواب عبد الرحيم مراد وأسامة سعد وجهاد الصمد والوليد سكرية وقاسم هاشم، لكن مصادر 8 آذار تؤكد لـ «البناء» بأن «فريق 8 آذار يحقّ له وزيرين من الطائفة السنية بما يتناسب وحجمه النيابي بغض النظر مِن حصة مَن». وأشارت معلومات «البناء» الى أن الرئيس عون يعمل لحل العقدة السنية وعدم إحراج الحريري من خلال ضمّ الوزير السني إلى حصته».
ونقل زوار بعبدا لـ «البناء» «ارتياح الرئيس عون للمسار الديمقراطي والدستوري الذي بدأ بإجراء الانتخابات النيابية ثم انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة المكتب الى الاستشارات النيابية الملزمة الى مداولات المجلس النيابي»، وأمل أن تنسحب الأجواء الإيجابية على تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن للانطلاق الى معالجة الأزمات الاقتصادية والحياتية التي يعاني منها لبنان». كما أشار الزوار الى أن «الرئيس عون يفضّل أن تكون الحكومة من ثلاثين وزيراً يتمثل فيها الجميع دونما استثناء بحسب أحجامهم النيابية». وشدّد الزوار على أن «رئيس الجمهورية لا يريد عزل أحد أو تقليص حجم لا القوات ولا غيرها، بل هو مع أن تنال حصة بحسب حجمها النيابي»، ولفتوا الى أن «الرئيس عون من الطبيعي أن ينال حصة وزارية منفصلة عن حصة تكتل لبنان القوي، أما عدد الوزارات ونوعية الحقائب وأسماء الشخصيات، فالرئيس عون وحدَهُ يختارها، لكن بالتأكيد ستكون حصته من مختلف الطوائف بما فيها الدروز». وفي سياق ذلك، نقلت مصادر سياسية لـ»البناء» عن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عدم ممانعته على «توزير النائب طلال أرسلان. وهذا الأمر لن يكون عقدة، لكن النقاش يدور من حصة مَن سيكون أرسلان».
وفي ردّه على «القوات اللبنانية» اعتبر النائب إبراهيم كنعان أن «حصة رئيس الجمهورية في الحكومة مسألة غير قابلة للنقاش ومبتوتة دستورياً وميثاقياً وممارسة»، وذكر كنعان بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل «لبنان القوي»، بأن «تأليف الحكومة من صلاحية رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ونقطة على السطر. وذلك يعني أن الانتخابات النيابية ستكون الأساس لتحديد الأحجام».
في المقابل تذكّر مصادر القوات بموقف الرئيس عون عندما كان رئيساً لتكتل «التغيير والإصلاح» عندما رفض إعطاء حصّة وزارية للرئيس السابق ميشال سليمان خلال مشاورات تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، مشدّدة في حديث لـ «البناء» على أننا حريصون كل الحرص على العهد. وأشارت المصادر إلى أن ما نطالب به يأتي من منطلق صحة التمثيل والشراكة الحقيقية ونحن متمسّكون بموقع نائب رئيس مجلس الوزراء.
برّي: حقيبة أساسية مع المالية
وجدّدت مصادر كتلة التنمية والتحرير تمسكها بوزارة المال، وأشارت لـ «البناء» إلى أن «مطالبة بعض القوى كالتيار الوطني الحر بهذه الحقيبة هو من باب المناورة ورفع السقوف»، ولفتت إلى أن «الرئيس نبيه بري سيختار اسم الوزير في الوقت المناسب وربما قبل توقيع مراسيم الحكومة بدقيقة والوزير علي حسن خليل أحد الأسماء المطروحة وربما يعود الى المالية ولا شيء يمنع ذلك». وأشارت الى أن «حصة كتلة التنمية والتحرير قد تكون أكثر من 3 وزراء وتحدّد بحسب القاعدة التي ستعتمد لتمثيل أحجام الكتل الأخرى، فإذا اعتمدت قاعدة وزير لكل 4 نواب فإن كتلة التنمية والتحرير 17 نائباً يحق لها بأن تتمثل بـ 4 وزراء من ضمنها حقيبة أساسية الى جانب المالية وربما استعادة وزارة الأشغال، إذ إن الرئيس بري لن يمنح أحداً من كيسه هذه المرة، فتيار المردة لديه كتلة نيابية ويحق له بحصة وزارية».
ووفق مصادر «البناء» فإن قاعدة «القديم على قدمه» هي القاعدة التي ستُعتمد بشأن توزيع الحقائب السيادية، كالمالية لحركة أمل يسمّيه الرئيس نبيه بري والخارجية للتيار الوطني الحر. والمرجّح أن يتولاها الوزير جبران باسيل والدفاع لرئيس الجمهورية والداخلية والبلديات لتيار المستقبل ويتم التداول باسم الوزير جمال الجراح والمدير العام لقوى الأمن الداخلي السابق اللواء إبراهيم بصبوص». كما أن حزب الله مصرّ على نيل حقيبة أساسية كالأشغال أو الطاقة والمياه أو الصحة أو العدل.
ماكرون يلتقي الراعي
وكانت الهموم اللبنانية لا سيما الاقتصادية منها، وهمّ النازحين، حضرت في لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبطريرك الماروني بشارة الراعي في قصر الإليزيه بعد سلسلة لقاءات عقدها في زيارته الفرنسيّة. ولفت الراعي إلى أن الحديث تطرّق إلى مؤتمر روما ومؤتمر سيدر ومؤتمر بروكسيل آملاً أن يتمّ تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن ليتمكّن لبنان من الاستفادة من المساعدات. وشدّد على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى وطنهم ويجب علينا وعلى المجموعة الدولية تشجيعهم على العودة. فالحرب ليست في كلّ سورية وهناك آماكن آمنة.
وقال الراعي في لقاء مع الإعلاميين من مقر إقامته في «البريستول»: «إن ماكرون رجل المسؤولية وهو يتساءل ما إذا كان السوري يريد العودة إلى بلاده. وهو استمع لنا بمحبة وبدقة وأبدى اهتماماً كبيراً بما قلناه ونتخوّف من التوطين وعامل الوقت ليس لصالحنا».
إلى ذلك شهدت العلاقات الفرنسية السعودية توتراً على خلفية موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الأول الذي أكد بأن السعودية احتجزت الحريري في 4 تشرين الثاني الماضي، فردت السعودية أمس بأن كلام ماكرون غير صحيح ونقلت وكالة «واس» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية «أن ما ذكره الرئيس الفرنسي كلام غير صحيح». وذكّر المصدر بأن المملكة، كانت ولا تزال تدعم استقرار وأمن لبنان وتدعم دولة الرئيس الحريري بالوسائل كافة».
وحذرت مصادر نيابية من أن تفرض السعودية شروطاً سياسية على الحريري كالرضوخ لمطالب «القوات» أو بما يتعلق بحصة حزب الله والبيان الوزاري، لكنها أكدت بأن «لا مصلحة للحريري بأن يعطل مسيرته ومسيرة البلد مقابل الالتزام بما تطلبه السعودية».
المرحلة الأولى لاستكشاف النفط تبدأ اليوم
على صعيد آخر، تبدأ اليوم المرحلة الأولى من الاستكشاف في بلوك رقم 4 ورقم 9 التي ستمتد على فترة 3 سنوات. ولفت وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال سيزار أبي خليل في مؤتمر صحافي حول آخر المستجدات في قطاع النفط، الى أن الجدول الزمني الذي يفضي إلى حفر أول الآبار في 2019 يتطلّب إنجاز كل الخطوات بدون تأخير مع الوزارات الأخرى، موضحاً أن مواقع الحفر تمّ اختيارها بهيكليات بحسب أعلى نسبة وأكبر احتمال للاكتشاف التجاري. وأكد أن إطلاق دورة التراخيص الثانية ستتطلب نحو 12 شهراً وسنلزّم عدداً آخر من البلوكات، لافتاً الى أنه سيتمّ التحضير لدورة التراخيص الثانية خلال الأشهر الستة المقبلة لإطلاقها في أواخر العام 2018 وبداية العام 2019.
إخلاء سبيل الحاج
وعاد ملف عيتاني الحاج الى الضوء، فقد وافق قاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا على تخلية سبيل المقدّم سوزان الحاج التي كانت أوقفت في آذار الماضي على خلفية فبركة ملف زياد عيتاني الذي اتهم بالتعامل مع الموساد الإسرائيلي. وقد وصلت المقدم الحاج الى منزلها في أدما برفقة وكيلها المحامي مارك حبقة. وكانت قد غادرت مبنى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، برفقة وكيلها حبقة بعد انتهاء اجراءات تخلية سبيلها اثر موافقة قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا الذي أبقى على المقرصن ايلي غبش موقوفاً.