وجهة الدولة الوطنية السورية المقبلة…؟
محمد شريف الجيوسي
بعد أن أصبح معظم الجغرافيا والديمغرافيا السورية محرّراً العاصمة دمشق وريفاها الشرقي والغربي، ووسط مدن وأرياف سورية كحلب وحماة وحمص، وأجزاء واسعة من البادية الشامية كتدمر ومناطق أخرى ، من دنس الإرهاب وداعميه، بقي تنظيف جنوب سورية مع الأردن والجنوب الغربي مع فلسطين المحتلة والجنوب الشرقي والشرقي مع العراق.. والشمال مع تركيا.
ومن الواضح أنّ الدولة الوطنية السورية اتخذت قرارها وأعدّت العدّة لتحرير ما تبقى من الجنوب من دنس الإرهاب السويداء ودرعا والقنيطرة وأجزاء من البادية الجنوبية الشرقية المتاخمة للأردن والعراق بعد أن استنفدت فرص الحلّ السياسي وبقيت بعض الجيوب الرافضة للعودة إلى حضن الوطن السوري وممارسة عناصرها أعمالهم المعتادة بحياة هادئة، ما يستوجب وضع حالة لهذه الحالة الشاذة منذ حوالي 7 سنوات ونيّف.. وإعادة فتح الطريق البري مع الأردن، باعتباره من شرايين الحياة الاقتصادية بالاتجاهين، ما سينعكس إيجابياً على الصادرات الأردنية إلى سورية ومنها إلى لبنان وتركيا وروسيا وأوروبا.
ومن المؤكد أنّ سورية لن ترهبها التهديدات الأميركية بمنعها من تحرير الجنوب، ولا التدخلات الإسرائيلية مهما استخدمت من وسائل إعاقةٍ للتقدم السوري المتسارع والمستمر. ولن تسمح سورية لأيّ وجود أجنبي بعد التحرير على أراضيها في المديات البعيدة والمتوسطة والقريبة نسبياً، بما ذلك وجود الحلفاء من روس وإيرانيين ومقاومة، وكما تمّ تحرير أرض الغوطتين بسواعد الجيش السوري، سيتمّ تحرير الجنوب، دون مساعدة على الأرض من أحد.
بل إنّ التهديد والوعيد الأميركي والإسرائيلي والوجود العسكري الفرنسي الساذج في الشمال الشرقي لسورية الذي يتعيش على أحلام استعمارية غابرة ستنقلب كلها على أصحابها على التوالي، رغم أنّ روسيا وإيران والمقاومة لن تشارك في معركة تحرير الجنوب، لكنها ستوفر لسورية كلّ أسباب تحرير أرضها ولن تسمح لأيّ قوة غازية بالتقدم على الأرض السورية، ولو حدث مثل ذلك فستتغير قواعد لعبة الحرب . والويل لهم إنّ حاولوا تغييرها، حيث ستكون فرصة للخروج من القواعد الجغرافية للحرب.
وبالتالي، فلن تكون العصابات الإرهابية في متسع من المراهنة على الأميركان أو الصهاينة، بل إنّ هؤلاء الأخيرين لن يتوفروا على البقاء طويلاً في حال تدخلهم المباشر عند أول خسارة كبيرة. وسوف لن تتيح لهم أجواء الحرب إمكانية مثالية لتقديم مساعدات تذكر للعصابات الإرهابية، والأمثلة كثيرة على ذلك أميركياً وإسرائيلياً، عندما تتبدّى نهايات الحرب. فالتخلي عن الشركاء أو العملاء أو التابعين هو الخيار الأقلّ خسارة.
لن تكون معركة تحرير الجنوب رحلة صيد، لكنها لن تكون معقدة مثل معركة تحرير الغوطة الشرقية أو جنوب العاصمة دمشق، رغم محاولات إعاقتهما من قبل أميركا و«إسرائيل»، لكن محاولات إعاقة تحرير جنوب سورية لن تكون يسيرة أو سليمة النتائج لأنّ الإعاقة المجدية في الجنوب تستوجب التدخل على الأرض السورية خارج الجولان السوري المحتل، وربما على الأراضي المحاذية للحدود مع الأردن. وهذا سيؤدّي الى تغيير قواعد الحرب من قبل سورية وحلفائها الذين لن يشاركوا في الحرب وما يلحق ذلك من محاذير الاصطدام على المستوى الإقليمي، لكن الصلف الأميركي الإسرائيلي السعودي، قد يقود المنطقة إلى مواجهة إقليمية واسعة.
لكن الثابت الوحيد والأكيد أنّ الدولة الوطنية السورية عزمت أمرها وقررت تحرير الجنوب وسطاً وغرباً وشرقاً وبادية جنوبية شرقية مهما بلغت الأكلاف. وقرّرت التفرغ من بعد لتحرير جبهات أخرى في الشمال والشمال الشرقي، وصولاً إلى تحرير كلّ شبر من الأرض الوطنية السورية، وكنس كلّ القوى المحتلة وإحباط مشاريع التقسيم والتفتيت.
m.sh.jayousi hotmail.co.uk