ماذا يريد دينيس روس؟

حميدي العبدالله

ليس من باب معاداة السامية التذكير بأنّ دينيس روس المسؤول الأميركي الكبير في عدد من الإدارات الأميركية، ولا سيما الديمقراطية، هو يهودي ملتزم، ملتزم دينياً وملتزم بـ«إسرائيل». معاداة السامية هي معاداة اليهود كأتباع ديانة، ولكن هذا غير مطروح بالنسبة للكثيرين بما في ذلك إيران التي أتاحت لمواطنيها اليهود حق انتخاب ممثليهم إلى مجلس الشورى البرلمان على الرغم من أنّ الدولة الإيرانية تلتزم الشريعة الإسلامية.

عودة إلى دينيس روس الذي نشر مؤخراً مقالاً في دورية «نيويورك ديلي نيوز» الأميركية كرّسه وصمّمه لتحريض الإدارة الأميركية على خوض حرب طاحنة في سورية بذريعة منع إيران من تركيز وجودها فيها، حتى لو أدّت هذه الحرب إلى انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب ستكون كلفتها أعلى من كلفة حروبها في العراق وأفغانستان، وحتى في فيتنام، بسبب الاصطدام مع الدولة السورية وحلفائها. مقال دينيس روس الذي حمل عنوان «الانفجار القادم في الشرق الأوسط» صُمّم لتحريض الولايات المتحدة وتحديداً إدارة ترامب، لشنّ الحرب على الوجود الإيراني في سورية، بذريعة أنّ ذلك هو الطريق الوحيد لقطع الطريق على اندلاع حرب أشمل قد تدفع إلى نشوب صراع مسلّح بين «إسرائيل» وإيران يصل إلى منطقة الخليج، وكأنّ قيام الولايات المتحدة نيابةً عن «إسرائيل» بشنّ عدوان على القوات الإيرانية في سورية لن يقود إلى نشوب الحرب بين إيران وحلفائها في سورية وفي مناطق أخرى منها العراق والخليج، إضافةً إلى سورية.

يُعيب روس على الاستراتيجية الأميركية الحالية أنها «تترك الأمر للإسرائيليين لصدّ الإيرانيين في سورية»، ويضيف إنّ روسيا «منحت للإسرائيليين والإيرانيين حرية التصرف الكاملة» ويستنتج أن هذا الواقع يجعل «التصادم الذي يلوح في الأفق أكثر احتمالاً». ولهذا يستنتج «أنّ الولايات المتحدة كانت تقليدياً ستعمل على إقناع الروس بأنّ أميركا لن تقف مكتوفة اليدين وتسمح باندلاع مثل هذا الصراع، مؤكدةً أنه إذا لم يقم الروس بأيّ إجراء ستقوم هي بذلك»، أيّ الولايات المتحدة، ويضيف «ليس من خلال دعم إسرائيل، بل عن طريق الإشارة بوضوح إلى أنها ستقوم باستخدام قوتها الجوية لوقف توسع الإيرانيين ووكلائهم بدرجة أكبر في سورية».

ألا يعني ذلك أنّ روس كصهيوني يسعى لتوريط الولايات المتحدة في حرب مدّمرة لخدمة «إسرائيل»، بمعزل عن نتائجها وتأثيرها على المصالح الأميركية؟

روس يتصرف كصهيوني وليس كأميركي، ولكن هل ينجح في جرّ الأميركيين إلى كارثة أخرى ستكون عواقبها وخيمة أكثر من حروب الولايات المتحدة السابقة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى