شغف مواطن وإصرار مترشّح أن يكون ابن المؤسّسة العسكرية والأمنية

محمّد مرعي

عند الانطباع الأوّل بعد مشاهدة مثل هذه التّجمّعات يذهب فكرنا جميعاً نحو الاعتصام أو الاحتجاج لمطلب ما، هذا ما تعوّدنا عليه وهذا ما نظنّ به اولاً، لأنّنا في بلد تكثر فيه المطالب ما يؤدّي حتماً، الى الاعتصامات الدائمة .

لكن هذه المرّة الصورة بعيدة عن هذه الظاهرة التي نجدها حولنا في كلّ مكان وزمان في هذا البلد .

الصورة هي تجمّع لطلاب من مختلف المناطق يتقدّمون إلى مباراة في أمن الدولة .

كم هو جميل أن نرى مع كلّ هذه النقمة على الدولة والاستياء منها من قبل مواطنيها ما زال هناك من يحلم أن يكون ابناً لها !

كم هو جميل أن نرى مع كلّ هذا الحجم من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية شباباً يؤمنون بقدرات الدولة وأنّها الضامن الوحيد لهم !

فرغم أنين الوطن وجراحه ما زال الكثير يحلم بوطن جميل، يحاولون جميعاً الانتساب في سلكه ليبنوا وطناً جميلاً.

كم هو جميل أن نرى الأهل يأتون برفقة أبنائهم من كلّ المناطق والمحافظات .

أعداد خياليّة جداً تفوق الألوف تتقدّم اليوم إلى تلك المباراة رغم أنّ العدد المطلوب لا يتجاوز 400 شخصاً .

يأتون من كلّ حدب وصوب، وهذا إنْ دلّ على شيء فإنّه يدلّ على ثقة المواطن بدولته وعلى حبّه لوطنه .

وفي مقابلة أجريناها مع الطّالب نادر قاسم والمترشّح أخيراً إلى مباراتي أمن الدولة، ورتباء درك، يصرّح ويقول في بداية مسيرتي العلميّة درست التمريض، وقد عملت لفترة طويلة في إحدى المستشفيات الخاصة، ورغم أنّها اختصاص إنساني وأخلاقي، لم أشعر بالراحة في عملي، فتركته وغيّرت مساري واتّجهت نحو مهنة التعليم، وتسجّلت في الجامعة اللبنانية في اختصاص الأدب العربي، والآن ما زلت أتابع دراستي فيه.

وعند سؤالنا له عن سبب ترشّحه وعن حلمه أجاب :حلمي أن أكون متطوّعاً في إحدى الأجهزة الأمنية أو العسكرية .

فمنذ أن بلغت سن الثامنة عشرة لم أوفّر دورة تطوّع إلاّ تقدّمت وترشّحت لها .

في عام 2014 تقدّمت إلى مباراة في الدرك، وفي عام 2015 ترشّحت الى جيش مجنّدين. وفي العام 2018 تقدّمت إلى رتباء جيش إختصاص تمريض لكن جميعها باءت بالفشل .

اليوم أتقدّم إلى مباراة أمن الدولة وغداً الى دورة رتباء درك والتي حدّدت في تموز القادم .

أتقدّم الى هذه المباراة بكلّ فخر وثقة تاركاً كلّ الفشل السابق خلفي، وما زال لديّ أمل بالقبول في إحداها يوماً ما، وخاصّة أنّني لم أتجاوز الثالثة والعشرين من عمري بعد، وهذا يعطيني أملاً بأنّ الفرصة ما زالت مفتوحة أمامي .

إنّ إصراري ومثابرتي على الترشّح ما هو إلاّ دليل محبّتي وشغفي أن أكون ابن المؤسسة العسكرية والأمنية.

فوحدها مؤسسات الدولة هي الضامن لحياتنا، ومستقبل أولادنا، ونطمح يوماً ما أن نكون أبناءها .

آملاً أن يكون لي نصيب في هذه المرة، متمنّياً أن تكون النتيجة بعيدة عن الوساطة أو التلاعبات السياسيّة هذا ما ختم به نادر .

من جميع القرى، ومدن جمّة، من مناطق متعدّدة، ومن محافظات مختلفة، وأقضية متنوّعة توافد الأهل والأبناء معاً حالمين بالوصول إلى هدفهم أيّ أن يكون الأبناء أبناء الوطن المعروف بالعدل والمساواة والسعادة بل والحرية.

لكن حقيقة أسئلة جمة تجول في خاطر كلّ منّا، فهل سيحفظ حقّ الطالب الذي جهّز نفسه لتلك المباراة أم سيكون للّعبة السياسية دورها في الاختيار كما في كلّ توظيف في الدّولة؟

وهل سيكون لكلّ حزب حصّته؟ وخصوصاً أنّنا على أبواب تشكيل حكومة وتوزيع حقائبها. أم سيتركون الأمر إلى الكفاءة والجدارة بين الطلاّب؟

أسئلة تراود الجميع، عسى أن نجد من يجيب عنها ليبقى هناك بصيص أمل عند الأهل والطلاب بدولتهم ووطنهم الحبيب لبنان .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى