بكين وموسكو اقترحتا «التعليق المزدوج» وسيول وواشنطن تنفذان!

عُقدت القمة الأميركية – الكورية الشمالية، في سنغافورة، مسجلة نصراً للحراك الدبلوماسي والمساعي الدبلوماسية في معالجة الأزمات. ويُنظر إلى بكين وموسكو كمشجعين لكيم على الحوار مع الدركي الأول في العالم.

بيونغ يانغ

أثنت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أمس، على «القمة التي عقدت بين الرئيس كيم جونج أون والرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتبارها نجاحاً مبهراً، وركزت على «تنازلات ترامب واحتمال حلول عصر جديد من السلام والرخاء في شبه الجزيرة الكورية».

وأفاد تقرير لوكالة الأنباء المركزية الكورية بأنّ «ترامب عبر عن اعتزامه وقف المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، ونيّته عرض ضمانات أمنية للشمال ورفع العقوبات عن بيونغ يانغ مع تحسن العلاقات بين الجانبين».

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية «لدى كيم جونغ أون وترامب إدراك مشترك لحقيقة أهمية الالتزام بمبدأ التحرك خطوة بخطوة وبشكل متزامن لتحقيق السلام والاستقرار وإخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي».

ترامب

وقال ترامب في مؤتمر صحافي أمس، إنه «يرغب في رفع العقوبات عن كوريا الشمالية، لكن ذلك لن يحدث على الفور».

وذكرت الوكالة «أنّ كلاً من كيم وترامب دعا الآخر لزيارة بلده وإن كلاً منهما قبل بسرور تلبية دعوة الآخر».

وهذه أول قمة تعقد بين رئيس أميركي في السلطة ورئيس كوري شمالي وتمثل تناقضاً صارخاً مع ما شهده العام الماضي من تجارب نووية وصاروخية لكوريا الشمالية وتبادل حاد للإهانات بين ترامب وكيم مما عزّز المخاوف من اندلاع حرب.

وأكد ترامب أن «الولايات المتحدة لن تجري المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية أثناء التفاوض مع بيونغ يانغ كبادرة حسن نية إزاء نزع السلاح النووي».

وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز في سنغافورة بعد القمة «لن نجري المناورات العسكرية طالما نجري المفاوضات، وذلك من منطلق حسن النية».

وأضاف أن «هذا أمر جيد لعدد من الأسباب، إضافة إلى أننا سنوفر قدراً كبيراً من المال… فكما تعلمون هذه الأشياء مكلفة. أكره أن أبدو رجل أعمال، لكني أواصل التساؤل: كم تتكلّف؟».

بومبيو

في حين، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، «إنّ واشنطن تأمل في تحقيق، نزع سلاح واسع، في كوريا الشمالية خلال عامين ونصف».

وقال بومبيو عقب يوم من لقاء القمة التاريخي الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنغافورة: «أنا على ثقة من أنهم يدركون أنه سيكون هناك تحقق معمق من مدى امتثالهم لالتزامات نزع النووي»، مضيفاً «أنّ الاتفاق المبدئي بين ترامب وكيم لم يشمل كل ما اتفق عليه الجانبان».

وأضاف: «لكن الكثير من النقاط الأخرى، التي تم التوصل إلى تفاهمات فيها لم نتمكن من تحديدها كتابياً، وهذا يعني أنه لا يزال هناك بعض العمل للقيام به، لكن كان هناك قدر كبير من العمل الذي تم إنجازه ويتجاوز ما كان ينظر إليه في الوثيقة النهائية».

وتابع: «لا أعرف بالضبط موعد محادثاتنا القادمة مع الكوريين الشماليين. أتوقع أن يتم ذلك بسرعة بعد عودتنا إلى بلداننا».

وقال: «لا أعرف بالضبط الشكل الذي ستتخذه المحادثات، لكنني واثق جدا بأنه بحلول بعض الوقت خلال الأسبوع المقبل أو نحو ذلك سنبدأ بالاتصالات».

لافروف

فيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على «ضرورة نزع السلاح النووي من كامل شبه الجزيرة الكورية، وليس من كوريا الشمالية فحسب، وتقديم الضمانات الأمنية لشبه الجزيرة».

وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اليوناني في موسكو: «البعض يقولون إنه تم الاتفاق على نزع سلاح كوريا الشمالية النووي لكننا جميعاً، بيونغ يانغ وروسيا والصين والمجتمع الدولي بشكل عام، كنا نتحدث دائماً عن جعل شبه الجزيرة الكورية خالية من السلاح النووي».

وأشار لافروف إلى أنّ «اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون يستحق التأييد»، وأضاف: «لا بدّ من الأخذ بأهمية حل القضايا بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، بما فيها مراحل إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي وتقديم الضمانات الأمنية لها. من الواضح أنه من المستحيل حل هذه القضايا بالكامل في الإطار الثنائي».

وتوقع لافروف أن «تستغرق التسوية في شبه الجزيرة الكورية وقتاً طويلاً وصبر الجانبين»، مشيراً إلى أنّ «الاتفاقية الموقعة في سنغافورة لها طابع إطاري».

وشدّد على أنّ «إعلان ترامب حول عدم ضرورة إجراء مناورات عسكرية جديدة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، من شأنه أن يسهم في تقدم التسوية في شبه الجزيرة الكورية».

الكرملين

من جهته، أبدى الكرملين ترحيبه بـ»عقد القمة الأميركية الكورية الشمالية في سنغافورة»، محذراً في الوقت نفسه من «التعويل على حلول سريعة للقضايا القديمة، كتلك التي تعاني منها شبه الجزيرة الكورية».

وقال الناطق الصحافي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف في تصريحات له أمس: «لا شك في أن مثل هذه اللقاءات مهما كانت نتائجها، تساهم في نزع حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية ، وتبعد الأوضاع عن النقطة الحرجة التي كانت فيها قبل أشهر قليلة فقط. وذلك أيضاً لا يمكن ألا أن يثير الارتياح».

ومع ذلك، اعتبر بيسكوف «أنه يخطئ من يعوّل على حلّ سريع لجملة مشاكل بمثل هذه الخلفية الطويلة والمعقدة»، مضيفاً «أنّ قمة سنغافورة، أكدت صحة موقف موسكو والرئيس فلاديمير بوتين، الذي قال مراراً إنه لا بديل عن الأساليب الدبلوماسية لتسوية المشكلة في شبه الجزيرة الكورية، والسبيل الوحيد إلى الحلّ يمرّ عبر الحوار المباشر».

وأكد بيسكوف «أنّ بوتين سيلتقي اليوم رئيس مجلس الشعب الأعلى في كوريا الشمالية كيم يونغ نام، الذي يصل إلى موسكو في زيارة يحضر خلالها حفل افتتاح مونديال 2018».

غراهام

وقال السناتور الجمهوري لينزي غراهام إن من السخيف أن تكون التكلفة هي السبب الذي دفع ترامب لوقف المناورات».

وأضاف «نشر قوة هجومية في كوريا الجنوبية ليس عبئاً على دافعي الضرائب الأميركيين.. إنه يجلب الاستقرار ويعد إنذاراً للصين، بأنه لا يمكنها السيطرة على المنطقة بأكملها».

التعاون العسكري مع سيول

من جهة لأخرى، يوجد بعض الغموض بشأن ماهية التعاون العسكري مع سيول الذي تعهّد ترامب بوقفه.

وتبلغ المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية الذروة كل عام بتدريبي فول إيجيل وماكس ثاندر اللذين اختتما الشهر الماضي. وهناك تدريب كبير آخر يحل موعده في أغسطس آب

وكان الإعلان مفاجأة حتى لحكومة الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن، في سيول التي عكفت في الشهور الأخيرة على تأمين انعقاد القمة بين ترامب وكيم.

وقال كيم أوي – كيوم المتحدّث الرئاسي الكوري الجنوبي للصحافيين، رداً على سؤال بشأن تصريحات ترامب، إن «من الضروري السعي لإجراءات تساعد على تعزيز التعامل مع كوريا الشمالية، ولكن من الضروري أيضاً التأكد مما يعنيه ترامب تحديداً».

لكن وكالة يونهاب للأنباء نقلت أمس عن المكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية «إنّ وقف المناورات العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة قد يكون ضرورياً لتسهيل المحادثات الخاصة بنزع سلاح كوريا الشمالية النووي».

الصين

أما الصين فقالت أمس «إنّ إعلان ترامب وقف المناورات العسكرية الأميركية، على شبه الجزيرة الكورية، يظهر أنّ اقتراح التعليق المزدوج الذي طرحته بكين كان عملياً».

وكانت بكين اقترحت ما أسمته بـ»التعليق المزدوج»، حيث تعلق بيونغ يانغ تجاربها النووية والصاروخية فيما تعلق واشنطن وسيول المناورات العسكرية، بحيث يمكن للطرفين إجراء محادثات.

وكانت إدارة ترامب استبعدت في السابق تقديم أي تنازلات أو رفع العقوبات دون التزام بيونغ يانغ بخطوات كاملة ونهائية، ويمكن التحقق منها للتخلي عن ترسانتها النووية المتطورة بما يكفي لتمثل تهديداً للولايات المتحدة.

ويقول منتقدون في الداخل «إنّ الرئيس الأميركي تخلى عن أمور كثيرة في اجتماع منح الرئيس الكوري الشمالي مكانة دولية. والرئيس الكوري الشمالي منعزل». وتتهم جماعات حقوقية بلاده بـ»ارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان»، وتخضع البلاد لعقوبات من الأمم المتحدة بسبب برامجها النووية والصاروخية.

اليابان

أما في اليابان، قال وزير الدفاع الياباني إيتسونوري أونوديرا «إنه رغم تعهد كوريا الشمالية بالتخلي عن السلاح النووي، فإنها لم تتخذ خطوات ملموسة وإنّ اليابان لن تتخلى عن الحذر».

وقال أونوديرا للصحافيين «نرى في المناورات المشتركة بين الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية والوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية أمراً جوهرياً بالنسبة للأمن في شرق آسيا».

وأضاف «يعود القرار للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بشأن مناوراتهما المشتركة، لكننا لا ننوي تغيير مناوراتنا المشتركة مع الولايات المتحدة».

وقال يوشيهيدي سوجا كبير أمناء مجلس الوزراء للصحافيين «إنّ من المتوقع أن تتحمّل اليابان والصين، أكثر التكاليف الأولية، لنزع سلاح كوريا الشمالية النووي، لكن ذلك لن يبدأ إلا بعد أن تستأنف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات التفتيش هناك».

ومن المتوقع أن يبحث مسؤولون من كوريا الجنوبية واليابان الأمر عندما يصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى سيول. ومن المقرّر أن يلتقي بومبيو بالرئيس مون جيه-إن، صباح اليوم، ثم يجري اجتماعاً ثلاثياً مع وزيرة الخارجية كانج كيونج-وا ونظيرهما الياباني تارو كونو.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى