أفرام الثاني: محاربة «داعش» خطوة نحو الحلّ وعلى الولايات المتحدة التنسيق مع الحكومة السورية

أمل بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس أفرام الثاني «نجاح كل الجهود التي تبذلها حكوماتنا والتضحيات التي يقدمها أفراد الجيش والقوات المسلحة من أجل محاربة الإرهاب بكافة أنواعه»، داعياً الولايات المتحدة الأميركية «إلى التنسيق مع الحكومة السورية للقضاء على الإرهاب على أراضيها». كما دعا «الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى العمل على الوقف الفوري للجرائم التي ترتكب ضدّ الإنسانية في سورية».

نظمت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس ومؤسسة برناباس مؤتمراً عن «الحضور المسيحي – واقع وآفاق وتطلعات»، في كنيسة مار افرام للسريان الأرثوذكس في حضور البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني، المطران بولس عبد الساتر ممثلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الدكتور محمد السمّاك ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الدكتور ربيع الدبس ممثلاً رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، ونواب وشخصيات سياسية واجتماعية ولفيف من المطارنة والأساقفة.

وألقى البطريرك أفرام الثاني كلمة أشار فيها إلى أنّ حضور المسيحيين في المشرق يعود «إلى فجر المسيحية»، عارضاً واقع المسيحيين في المشرق، حيث تُدمّر الكنائس في العراق ويُطرد المؤمنون المسيحيون ويتمُّ تهجيرهم قسراً من بيوتهم وقراهم، وكذلك الأمر في سورية «وذلك بسبب وجود مجموعات إرهابية غريبة لا تعرف القيم والمبادئ التي تربّى عليها السوريون». وقال: «بعد أكثر من سنة ونصف ما زال المطرانان الجليلان مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وبولس يازجي غائبين عنا. وقضية خطفهما تحمل أكثر من بعد: فعلى صعيد الكنيستين، هي قضية مؤلمة. فغيابهما عن أبرشيتيهما في حلب مع ما تعانيه تلك المدينة من انعدام الأمن وغياب المقومات الضرورية للحياة، أدخل الكنيسة في أزمة حقيقية. أما على صعيد الحضور المسيحي في سورية، فهي رسالة تهويل وتخويف أراد منفّذوها أن يدفعونا إلى ترك الوطن والاستسلام لليأس». وعلى صعيد الوجود المسيحي في لبنان، لفت افرام الثاني إلى أنّه «لم يعد كما كان في عهود سابقة. فالمشاكل التي يتخبّط فيها البلد، وإن لم تكن موجّهة ضدّ المسيحيين في شكل مباشر، ولكنها تساهم في تدهور حالهم وتسرّع في إفراغ الوطن من مكونه المسيحي الذي يهرع نحو الهجرة كحلّ يضمن له سلاماً وأمناً، وهو ما يحتاجه المسيحي للتطور والعمل والعيش بكرامة». وقال: «يقلقنا الوضع في عرسال وطرابلس والشمال حيث تستمر الاعتداءات التي من شأنها زعزعة الأمن والمسّ بهيبة الجيش اللبناني واستضعاف دوره وأهميته في تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن جميعهم». وأضاف: «لا يهدأ بال المسيحيين في مصر جرّاء الأعمال المخربة التي تستهدف الكنائس وغيرها والتي تشعرنا بأنّ المسيحي ليس مرحّباً به أينما حلّ في الشرق الأوسط».

ورأى أفرام الثاني «أنّ دعم المسيحيين في الغرب، سواء كانوا متحدرين من أصل مشرقي أو لا، لإخوتهم الذين يعانون الأمرّين في الشرق هو خير دليل على التعامل الإنساني ورسالة المحبة التي تربط الإنسان بربه وبأخيه الإنسان. ونحن نتطلع بأمل في هذا التعاون القائم ونرى أنه مفيد جداً من ناحية ربط أوصال الاتصال بين الشرق والغرب وأواصر الوحدة المسيحية في كنيسة المسيح الواحدة».

وأشار «إلى أهمية دور المسلمين المعتدلين، الذين يعكسون وجه الإسلام الحضاري، في تهدئة الأوضاع والحفاظ على الوجود المسيحي في المشرق». وقال: «في قِمّة العطشانة التي دعينا إليها في 23 تموز الماضي، كنا قد دعونا المسلمين إلى الخروج عن صمتهم وتوضيح موقفهم من كل الجماعات التكفيرية. فقناعتنا هي أنّ الإسلام هو المتضرّر الأول بل الخاسر الأكبر من نمو هذه التيارات المتطرفة التي ستقضي على الإسلام قبل المسيحية. لذلك، نطلب من المرجعيات الروحية الإسلامية رفع الصوت عالياً وإدانة الأعمال الإرهابية في شكل واضح وصريح، بل وإصدار الفتاوى التي من شأنها منع المسلمين من المساس بالكنائس وتدنيسها والتعدي على المسيحيين والتعرض لهم. كما نلحّ على القيادات الروحية المسلمة على اعتماد تفسير للنص القرآني مبني على الاعتدال والتعاليم التي تشجع الانفتاح على الآخر وقبوله». وأضاف: «من خلال بناء الجسور في العلاقات مع المسلمين في مجتمعاتنا، نسعى إلى تسليط الضوء على القيم الرفيعة والمزايا الحسنة التي تحترم الإنسان وحقوقه. فنرفض معاً كل إيديولوجيا دينية تنادي بإلغاء الآخر ونعمل معاً أيضاً على الحفاظ على الأخلاق والقيم للمجتمع المدني العلماني. في هكذا مجتمع، تكون لكلّ مواطن مكانته ولا يعامل أحد كمواطن من درجة ثانية أو ثالثة كما بتنا نشهد في أيامنا هذه».

وفي الختام، رفع أفرام الثاني الصلاة «من أجل نجاح كل الجهود التي تبذلها حكوماتنا والتضحيات التي يقدمها أفراد الجيش والقوات المسلحة من أجل محاربة الإرهاب بكافة أنواعه. فمحاربة داعش مثلاً هي خطوة إيجابية نحو الحلّ والولايات المتحدة الأميركية التي تحارب داعش في سورية مدعوة إلى التنسيق مع الحكومة السورية للقضاء على الإرهاب على أراضيها. كما ندعو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى العمل على الوقف الفوري للجرائم التي ترتكب ضدّ الإنسانية في سورية فهذه كلها وصمة عار في تاريخ البشر والسكوت عنها جريمة أقبح».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى