الناتو: الخلافات الأميركية الأوروبية تشكل خطراً على وحدة الحلف
تواجه العلاقات التجارية العالمية تصدّعاً بسبب سياسات ترامب الاقتصادية الداعية إلى «الحمائية»، وما تبعها من فرض رسوم جمركية على استيراد الصلب والألمنيوم ليس على دولة فحسب، إنما لم يستثن ترامب إلا القلة القليلة معلناً «حربه التجارية».
فيما سعت الدول الأوروبية الأسبوع الماضي إلى مبدأ «المعاملة بالمثل» رداً على السياسات الأميركية، حذر الناتو أيضاً من تأثير الخلافات الأميركية الأوروبية على وحدته، كذلك توجّهت روسيا لفرض تدابير رداً على رسوم الصلب والألمنيوم الأميركية ودراسة إمكانية الانتقال إلى العملة المحلية في الصفقات الدفاعية مع الهند. ولم تكن الصين بمعزل عن الرّد، فاعتبرت أن الولايات المتحدة تثير حرباً تجارية تضر بمصالح العالم أجمع.
روسيا
في هذا الصّدد، أعلن وزير التنمية الاقتصادية الروسي، مكسيم أوريشكين، أمس، «أنّ بلاده ستفرض في أقرب وقت، تدابير لحفظ التوازن بحق الواردات من الولايات المتحدة رداً على الرسوم التي تفرضها واشنطن على استيراد الصلب والألمنيوم»، مشيراً إلى أنّ «هذه التدابير ستطال فقط، تلك البضائع الأميركية التي لها نظائر في روسيا».
وقال أوريشكين: «نظراً لاستمرار الولايات المتحدة باتخاذ تدابير حمائية بفرض رسوم على استيراد الصلب والألمنيوم، وترفض تقديم تعويضات عن الخسائر المسببة روسيا، الآن ستستخدم روسيا حقوقها الممنوحة ضمن منظمة التجارة العالمية وستفرض تدابير لحفظ التوازن بحق الواردات من الولايات المتحدة».
وأضاف: «هذه التدابير المتمثلة برسوم إضافية على البضائع الأميركية، ستتخذ في أقرب وقت. وستطال فقط المنتجات التي لها نظائر في السوق الروسية، ولن تؤثر سلباً على مؤشرات الاقتصاد الكلي».
الهند
من جهة أخرى، أعلن مصدر رفيع المستوى، أمس، «أنّ الهند وروسيا تدرسان إمكانية الانتقال للتعامل بالعملة الوطنية في مجال التعاون التقني العسكري، بسبب العقوبات الأميركية ضد روسيا».
وذكرت صحيفة «إيكونوميك تايمز» أنّ مسؤولاً رفيع المستوى قال لها، بأنه «بعد جولات استشارية عدة أصبح واضحاً، أنّ الانتقال إلى التعامل بعملة الروبل والروبية وفق سعر صرف العملة دولياً سيعتبر حلاً للمشكلة. الهند تبرم مع روسيا اليوم عقود الدفاع باستخدام عملة الدولار الأميركي».
وأوضح المصدر «أنه على خلفية العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، فإن التعامل في عقود الدفاع تم تجميده منذ شهر نيسان العام الحالي»، موضحاً أنه «تم تعليق دفع ما يتجاوز الملياري دولار أميركي».
في حين لم يتم تأكيد هذه المعلومات بشكل رسمي حتى الآن.
وتُعدّ الهند وروسيا من أكبر الشركاء في مجال التعاون العسكري التقني، حيث إنّ أكثر من 70 في المئة من الأسلحة والمعدات القتالية للجيش الهندي ذات منشأ روسي، وتقدّم روسيا الأسلحة والتقنيات سنوياً بقيمة مليارات الدولارات.
الصين
بدورها، أعلنت وزارة التجارة الصينية، أمس، «أنّ الولايات المتحدة بإثارتها حرباً تجارية، وانتهاك قواعد السوق، تضرّ بمصالح ليس البلدين فقط ولكن أيضاً، بالعالم أجمع».
وجاء في بيان وزارة التجارة الصينية رداً على تهديدات واشنطن بفرض رسوم جديدة على البضائع الصينية: «إطلاق حرب تجارية من قبل الجانب الأميركي، وانتهاك قواعد السوق لا يتفق مع اتجاهات العالم الحديث، وهو يضرّ بمصالح الناس والشركات في البلدين، ويلحق الضرر بمصالح العالم كله».
وصعّدت الولايات المتحدة الأميركية من الإجراءات التجارية ضد الشركات والمنتجات الصينية، وفرضت رسوماً وضرائب جديدة عليها. حيث أعلن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، في وقت سابق، «أنه أصدر تعليماته بإعداد قائمة بالسلع الصينية بقيمة 200 مليار دولار، لإمكانية فرض رسوم إضافية بنسبة 10 في المئة عليها»، فيما إذا استمرت الصين في رفع الرسوم على المنتجات الأميركية.
وجرت محادثات تجارية بين البلدين في الفترة ما بين 3-4 أيار الماضي، هي الأولى من نوعها منذ بدء التصعيد بينهما بسبب رسوم الاستيراد الأميركية على الفولاذ والألمنيوم، بالإضافة إلى تهديدات واشنطن بإدخال رسوم تجارية تؤثر على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة ـ بمقدار يصل إلى 150 مليار دولار سنوياً.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ العديد من المحللين قيّموا الوضع التجاري الراهن بين الولايات المتحدة والصين كـ «حرب تجارية ناشئة»، مُبدين «تخوّفات شديدة من التبعات السلبية لهذه الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي بعامة، في صلة إلى حجم التبادل التجاري الكبير بين البلدين، حيث تبلغ نسبة الصادرات الصينية إلى أميركا نسبة 21.4 في المئة».
الاتحاد الأوروبي
من جهتها، كانت دول الاتحاد الأوروبي أيّدت بالإجماع، يوم الخميس الماضي، «خطة فرض رسوم استيراد على البضائع من الولايات المتحدة كردّ على سياسة الرسوم الأميركية».
وقالت مصادر أوروبية «أيدت دول الاتحاد الأوروبي يوم الخميس بالإجماع خطة فرض رسوم استيراد على السلع من الولايات المتحدة بمبلغ 2.8 مليار يورو 3.3 مليار دولار رداً على الرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم الأوروبي».
الناتو
فيما صرّح الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، أمس، بأنّ «وحدة حلف شمال الأطلسي في خطر بسبب الخلافات بين الولايات المتحدة وأوروبا».
ونقلت صحيفة «الغارديان» عن ستولتنبرغ، قوله: «توجد خلافات جدية بين الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الحلف بمسائل مثل التجارة وتغير المناخ والاتفاق النووي الإيراني، هذه الخلافات جدية ولن تختفي بين عشية وضحاها».
ونوّه الأمين العام بالحلف إلى أنه «ولا في أي مكان محفور على الصخر، بأنّ اتفاقية الأطلسي ستكون دائماً ناجحة»، مضيفاً: «لكن هذا لا يعني أن التصدّع أمر لا مفر منه».
وتابع ستولتنبرغ بالقول: «أنه على الرغم من الخلافات، فإن الولايات المتحدة تعمل على تقوية التزاماتها في ما يتعلق بأمن أوروبا».
ووفقاً للأمين العام، فإنّ «جميع أعضاء الحلف يجب أن يعملوا لتجنّب التصدع في وحدة الحلف»، مشيراً إلى أنّه «منذ بدء ولاية ترامب، زادت الولايات المتحدة تمويلها لوجودها في أوروبا بنسبة 40 في المئة».
وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في الفترة الأخيرة، خلافات بشأن جملة من القضايا من بينها الالتزام بالاتفاق الدولي الموقع في 2015 بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وكذلك في ما يتعلق بالرسوم الأميركية المفروضة على واردات الصلب والألومنيوم الأوروبية.