الجنوب السوري والاستعداد للحسم مع تعثّر التسوية… وتوافق رعاة أستانة مع دي ميستورا الناشف: تمثيلنا في الحكومة حق طبيعي… ومراد لوزيرَيْن عن «النواب السنة» خارج المستقبل

كتب المحرّر السياسي

لم ينجح الضخ الإعلامي غير المسبوق لغرف عمليات خليجية استنفرت على مدار الساعة للتحدث عن نصر مُنجَز في جبهة الحُدَيْدة اليمنية، في التغطية على حقيقة الغرق في مستنقع الساحل الغربي دون التمكّن من تسجيل نصر واضح، فالحديث عن دخول مطار الحُدَيْدة وتمشيطه من المهاجمين لم تُسعفه صورة واحدة من داخل المطار ولا نقل مباشر يتخطى أسواره، والتباهي بإنهاء سيطرة أنصار الله على المدينة ومينائها ومطارها والتحدث عن مرحلة ما بعد الحوثيين في الحُدَيْدة على شاشات تستضيف المحللين والباحثين، لم يحجب الصور التي بثها أنصار الله لعشرات الآليات الإماراتية والسعودية المحترقة في منطقة المطار، ولا الفيديوات التي تُظهر المواجهات التي خاضتها وحداتهم في صدّ الهجوم وتكبيد المهاجمين مئات القتلى والجرحى من كلّ الجنسيات الذين امتلأت بهم صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تساقطت الصواريخ البالستية على مناطق تجمّع حشود المهاجمين، والعمق السعودي في آن واحد. وبدا أنّ الكرّ والفرّ سيستمرّان أياماً قبل أن تنجلي الصورة التي يخشى التحالف السعودي الإماراتي من نهايتها فضيحة يسعى للتغطية عليها بحثّ المبعوث الأممي مارتن غريفيت للإسراع بتقديم مبادرة يمكن أن يقبلها أنصار الله في الحُدَيْدة ترتبط بالمسار السياسي، بدأ الترويج لها إعلامياً ليل أمس.

في الجنوب السوري ردّ ضمني على الغارات الأميركية التي استهدفت شمال سورية، وجرس إنذار بنهاية مهل التفاوض حول التسوية، حيث تصدّر خبر الحشود العسكرية للجيش السوري والحلفاء المشهد الميداني في سورية، بالتزامن مع نجاح الجيش السوري وحلفائه بالتقدّم على محاور بصر الحرير وداعل، وتصفية الجيوب الواقعة في الأطراف تمهيداً لحصر المعركة الكبرى إذا دقت ساعتها في المربّع الرئيسي المحيط بدرعا والطريق الدولي وصولاً للحدود الأردنية، بينما حملت الأنباء من جنيف نجاح المشاركين الروس والإيرانيين والأتراك بالتوصل لتفاهم مبدئي مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا حول صيغة تشكيل اللجنة الدستورية التي أقرّها مؤتمر سوتشي للحوار كتمهيد لجولة محادثات مقبلة في جنيف.

لبنانياً جمود أو خمود حكومي، والكرة في ملعب الرئيس المكلّف سعد الحريري، للبدء بمحاولة جدية لترتيب أوراق التأليف اعترافاً بنتائج الانتخابات النيابية، والإقلاع عن محاولات تشكيل حكومة تمديد رابع لمجلس النواب السابق. وفي سياق التذكير بما تمليه نتائج الانتخابات عُقد في دارة النائب عبد الرحيم مراد اجتماع ضمّ بالإضافة لمراد، خمسة نواب سنة من خارج تيار المستقبل يطلبون تمثيلهم في الحكومة الجديدة، بوزير على الأقلّ، تاركين حق التمثيل بوزير إضافي للرئيس نجيب ميقاتي الذي لم يتمثل في الاجتماع ويترأس تكتلاً من أربعة نواب، وبالتوازي تحدّث رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف عن الحكومة الجديدة متناولاً تمثيل الحزب فيها، بصفته حقاً طبيعياً للحزب، وللتيار العلماني القومي العريض الذي يمثله القوميون كضرورة وطنية.

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف أنّ الحزب أساس في معادلة التحصين، ومشاركته في الحكومة حق طبيعي وضرورة وطنية وهي ليست مصلحة له بقدر ما هي مصلحة للبنان، لأننا نحمل مشروعاً إنقاذياً للبنان عنوانه الدولة المدنية الديمقراطية القادرة والعادلة والقوية.

ولفت الناشف إلى أنّ الحزب القومي ضنين بالوحدة بين أبناء المجتمع وبتحصين عناصر القوة في مواجهة العدو الصهيوني وقوى الإرهاب، ويرى أنّ السجالات الحادّة في لبنان لها مفاعيل ضارّة على الاقتصاد والصعد كافة.

وبعد لقائه وفداً من الحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي برئاسة الوزير السابق د. عصام نعمان أعاد الناشف تأكيد موقف الحزب بخصوص ملف النازحين، مؤكداً ضرورة إخراج هذا الملف من الاستثمار المحلي والإقليمي والدولي، ووضعه في سياقه الطبيعي، فحلّ هذه المسألة يكمن في التواصل والتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وعلى لبنان أن يتحرّك في هذا الاتجاه، لا سيما أنّ الحكومة السورية أعلنت مراراً وتكراراً أنّها على أتمّ الاستعداد لبحث خطوات عودة النازحين وترجمتها على أرض الواقع.

وشدّد على ضرورة أنّ تنصبّ جهود كلّ القوى السياسية لتحصين لبنان واستقراره، وأن يُستكمل إنجاز الانتخابات النيابية بحكومة جامعة، تضع في أولوياتها معالجة الأزمات والمشكلات الكثيرة التي تثقل كاهل اللبنانيين.

السعودية تستخدم الحكومة ورقة تفاوض

من المتوقع أن تعود الاتصالات والمشاورات لتأليف الحكومة إلى زخمها اليوم مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري المرتقبة الى بيروت بعد توقفها طيلة الأسبوع المقبل. وعقد أمس لقاء جمع الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل في باريس، وفيما نقلت مصادر مستقبلية عن الحريري نيّته تفعيل قنوات التواصل فور عودته للإسراع في تأليف الحكومة، تردّدت معلومات عن أن الحقائب السيادية الـ4 من المتوقع أن تبقى على حالها والصراع سيكون على الحقائب الخدمية في الحكومة المقبلة.

لكن لا تبدو في الأفق مؤشرات على انفراج حكومي قريب وسط معلومات عن ضغوط شديدة يتعرّض لها الحريري من السعودية لتنفيذ الشروط المطلوبة منه وإن بقي رئيساً مكلفاً وتصريف أعمال مدة طويلة. فالسعودية بحسب مصادر في 8 آذار، تحاول استعادة زمام المبادرة في الساحة اللبنانية، كما تفعل في اليمن والعراق في إطار مخطط لتحسين أوراقها التفاوضية في المنطقة لذلك طلبت من الحريري في زيارته ما قبل الأخيرة الى المملكة التريث في عملية التأليف بانتظار تعديل ما في المعادلة الإقليمية لصالح المحور الأميركي السعودي من البوابة اليمنية أو العراقية. الأمر الذي يحسّن شروط التفاوض الحكومي في لبنان»، وأشارت لـ«البناء» الى أن «السعودية حوّلت الحكومة العتيدة الى ورقة لاستخدامها في بازار التفاوض الإقليمي. وبالتالي ولادتها تحتاج الى نوع من التوافق الإقليمي، وتحاول تغيير المعادلة السياسية في لبنان من دون الدخول في حرب أهلية بعد فشلها في أزمة احتجاز رئيس الحكومة في تشرين الثاني الماضي».

عون لـ «الحريري»: شهر إضافي للتأليف وإلا…

وتضيف المصادر بأن «المملكة لم تهضم كلام قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني حول انتصار فريق المقاومة في لبنان في الانتخابات النيابية، لذلك تعمل من خلال الضغط على الرئيس المكلّف لتعويض الهزيمة في المجلس النيابي بتحقيق انتصار في الحكومة». وتتوقف المصادر عند الرسائل الآتية بالجملة من الرياض الى بعبدا، لا سيما هجوم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على العهد والابتزاز الذي تمارسه القوات اللبنانية وتيار المستقبل ووضع الرئيس ميشال عون بين خيارين إما التنازل والسير بالشروط السعودية وإما تآكل عهده، لا سيما أنه يعتبر هذه الحكومة حكومة العهد الأولى»، لكن الرئيس عون لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا الواقع ومحاولة انقلاب البعض على التسوية الرئاسية، وبالتالي لديه خياراته أيضاً لكن من المبكر الكشف عنها، وفق مصادر مطلعة كشفت لـ«البناء» أنه «وبعد انقضاء مهلة حوالي الشهر على التكليف منح رئيس الجمهورية الرئيس المكلف مهلة إضافية تستمرّ الى الشهر المقبل للتأليف، وبعدها يكون أمام خيارين إما تأليف حكومة الأمر الواقع وإما الاعتذار عن التأليف، وبالتالي إعادة تكليفه أو تكليف شخصية أخرى»، مؤكدة بأن «الرئيس عون لن يسمح بالتآمر على عهده». وعلمت «البناء» في هذا السياق، أن الحريري طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه الأخير به أن يتوسّط لدى السعوديين لتسهيل تشكيل الحكومة».

وأبدت مصادر مقرّبة من بعبدا لـ «البناء» استغرابها الشديد للهجوم على العهد مرجّحة لـ«البناء» أن تتصاعد موجة استهداف رئيس الجمهورية لأسباب شتى داخلية وخارجية، مذكرة بأن «الرئيس عون مستهدف منذ وصوله الى بعبدا»، لكنها أكدت أن «الحملة المستجدّة تهدف الى الضغط على بعبدا في مسألة التأليف وممارسة الابتزاز لفرض شروط الآخرين، لكن الرئيس عون لن يخضع للترهيب، ولن ينخرط في مسلسل الاشتباك والتصعيد ولن يتحوّل طرفاً، ولن يسمح بأن يؤثر ذلك على تأليف الحكومة وتعطيل مصالح البلد».

وأكد أمين سر تكتل لبنان القوي النائب إبراهيم كنعان عقب الاجتماع الأسبوعي للتكتل برئاسة باسيل أن «التكتل مع حكومة وحدة وطنية ومع أوسع تمثيل ممكن ضمن هذه الحكومة»، لافتاً إلى أن «الرئيس المكلّف هو المعني الأول بالتأليف وفق القواعد الدستورية والبرلمانية الديموقراطية والأحجام النيابية». وأوضح أن «مَنْ يسعَ لأكثر من حقّه، ويريد حصّة أكبر من حجمه النيابي هو المسؤول عن تعطيل الحكومة».

بري:عوامل داخلية وخارجية تؤخر التشكيل

وإذ يغادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري البلاد نهاية الأسبوع الحالي في إجازة عائلية الى أوروبا لمدة أسبوع، جدّد بحسب ما نقل زواره عنه لـ «البناء» دعوته الرئيس المكلف والمعنيين بالتأليف الى تفعيل الاتصالات والإسراع بتأليف الحكومة»، لافتاً الى أن «غياب الحريري عن البلد هو أحد أسباب البطء في التشكيل، لكن ليس الوحيد. فهناك أسباب سياسية داخلية مع أخذ العوامل الخارجية بعين الاعتبار».

بدوره، أوضح وزير المال علي حسن خليل أن «لا جديد حتى الساعة في عملية التأليف، نحن بانتظار عودة الرئيس سعد الحريري لمتابعة النقاش في الموضوع». وقال «نحن معنيون بإنجاح هذه العملية في تسهيل التشكيل، لكني مضطر إلى القول للأسف، إننا لم نشهد حراكاً جدياً في عملية التشكيل الحكومي حتى الآن. هذا الأمر من موقعي كوزير مال أجدّد التحذير منه، وأؤكد ضرورة الإسراع فيه كي يتسنى للحكومة الجديدة أن تضع يدها على مَواطن الخلل وتعمل على تصحيحها».

ووقع وزير المالية مراسيم تعيين القناصل الفخريين وأعادها الى وزارة الخارجية على أن يتلقى المراسيم القديمة للتوقيع عليها.

وعقد النائب عبد الرحيم مراد اجتماعاً نيابياً في منزله أمس، وأكد المجتمعون على حق النواب السنّة العشرة من خارج كتلة المستقبل أن يتمثلوا بوزيريْن في الحكومة وليكن أحدهما عضواً في كتلة العزم برئاسة نجيب ميقاتي ، لكن معلومات «البناء» أشارت الى محاولات من الرئيس المكلف لإقصاء النواب السنة العشرة خارج تيار المستقبل من التمثيل في الحكومة، وذلك بقرار من السعودية التي تعتبر أن تمثيل سنة 8 آذار المحسوبين على حزب الله وسورية يُعدّ انتصاراً لمحور المقاومة وهزيمة للسعودية. الأمر الذي يشكل عقبة رئيسية أمام التأليف، وأحد المخارج الذي يبحثها الحريري هو تسمية وزير سني تكنوقراط يمثل هؤلاء ويوافق عليه الحريري.

الاشتراكي: لا تنازل عن الوزراء الدروز الثلاثة

في هذه الأثناء، واصل الحزب التقدمي الاشتراكي تصعيده ضد بعبدا ورفع سقفه الحكومي، ورأى النائب وائل أبو فاعور أن «أي تحايل على نتائج الانتخابات سيخلق الكثير من المعضلات السياسية والميثاقية التي لم يستطع أحد أن يتجاوزها في تاريخ البلد، ولن يستطيع أن يتجاوزها». وجدّد تمسك «الحزب الاشتراكي بالتمثيل الدرزي الذي يجب أن يكون من حصة اللقاء الديمقراطي، مع وزارتين وازنتين».

أزمة النزوح بين بعبدا وبكركي

على صعيد أزمة النازحين السوريين، يواصل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وضع اللمسات الأخيرة على عملية إعادة دفعة جديدة من النازحين من مخيمات عرسال الى الداخل السوري، رغم محاولات التصويب عليه من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق بمسألة تأشيرات الرعايا الإيرانيين. وقد استبعدت أوساط سياسية لـ «البناء» حل أزمة النازحين في القريب العاجل إذ إن المطلوب أميركياً وسعودياً إبقاء الأزمة كورقة ضغط إقليمية ودولية على الدولة السورية، ودعت الى ترقب الموقف الأوروبي بإغلاق الحدود الأوروبية أمام النازحين ما يعني إما توطينهم في لبنان وإما إعادتهم الى سورية، لكنها أشارت الى أن «إطالة الأزمة قد يفجّر أزمة سياسية واقتصادية في لبنان ما سيدفع رئيس الجمهورية والحكومة المقبلة أياً كان رئيسُها الى التواصل مع الحكومة السورية لحلّ هذه المعضلة نظراً لحجم مخاطرها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي».

ودعا رئيس الجمهورية وفد المطارنة الكاثوليك في الولايات المتحدة الاميركية الذي زاره في بعبدا، الى دعم موقف لبنان من اعادة النازحين الى بلادهم والتحرك لدى الادارة الاميركية لدعم موقف لبنان، لافتاً الى العراقيل التي تضعها بعض الجهات الخارجية في طريق السعي اللبناني.

في موازاة ذلك، حضرت الأزمة في زيارة وفد من تكتل «لبنان القوي» الى بكركي، وأعلن الوفد بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «أننا أكدنا للبطريرك اننا نريد عودة آمنة ومتدرّجة للاجئين السوريين، وهذا يقتضي تصنيفهم وفق فئات معينة». وحذّر النائب جورج عطاالله من «أبعاد هذه المسألة الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والأمنية»، مؤكداً ضرورة توحيد اللبنانيين حول مشروع سياسي موحّد لمقاربة هذه الأزمة».

«القناصل» إلى التسوية

أما أزمة مرسوم القناصل فقد أعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي من عين التينة أن «قضية مراسيم القناصل على طريق الحل الحتمي». وأشار وزير المال الى أنه «لم يوقع بعد على مراسيم القناصل الفخريين التي أحيلت إليه من الخارجية»، قائلاً: «لكنني سأوقعها والمراسيم التي سبقتها يجب ان تحال أيضاً للتوقيع عليها عملاً بالاتفاق».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى