سليمان محرز: النقد مهمّة شاقّة تحتاج إلى دراسة ودراية واطلاع

كتبت بشرى سليمان من اللاذقية ـ سانا : يشغل الكاتب والناقد سليمان يونس محرز مكانة مهمة في المشهد الثقافي المحلي، إذ له العديد من الأعمال الإبداعية في المقالة والخاطرة والقصة القصيرة والقصيرة جداً، بالإضافة إلى الدراسات النقدية التي تشمل إصدارات أدبية متنوعة.

يقول حول تجربته النقدية: «عندما أقرأ رواية أدوّن انطباعي ورأيي فيها لنواحي الزمان والمكان والبطل، أو في جانب من الرواية أو عدة جوانب، وبالتالي أنجز الدراسة النقدية لإظهار الجوانب الإيجابية والسلبية فيها، فالرواية يمكن أن تسجل تاريخ المكان بكامل تفاصيله ويمكن من خلال هذه الدراسة إيضاح تطوّر الإنسان والفكر في حوادث الرواية وتطوّرها».

يضيف محرز مواليد عام 1960 في قرية القطيلبية في منطقة جبلة أن معيار الكتابة عن الرواية أو الكتاب لديه هو الحالة النفسية للبطل والتغيّرات التي تطرأ عليه من بداية الرواية إلى نهايتها، والجوانب المتفرقة في السرد والخط الروائي لدى الكاتب وتطور الكتابة لديه.

ويشير إلى أنه «من الممكن أن تكون اللغة قوية وذات معنى كبير في سياق العمل الروائي ثم ينخفض المستوى على قَدْر تشبع الكاتب بالأفكار وتمكنه من دراسة الشخصية الروائية، فلو أخذنا على سبيل المثال الروائي حيدر حيدر فإن في رواياته كلّها تماسكاً من بداية الرواية إلى نهايتها، كذلك في كل كتبه القصصية، فهو لا يكتب لأجل الكتابة إنما يكتب ليرتقي بالكتابة الروائية إلى أعلى مستوى ممكن، ففي أسلوبه الكثير من التماسك والتجانس»، موضحاً أن هاني الراهب تمكن، مثلاً، من القبض على عالمه الروائي سرداً واختياراً وللقصة، سواء في تطوير أسلوبه الروائي، أو من خلال اختيار الزمان والمكان، فرواياته تصلح لأي زمان ومكان ويمكن التأكيد على أن أسلوب هاني الراهب وحيدر حيدر متشابهان.

يسعى محرز من خلال كتاباته النقدية إلى تقديم دراسة منهجية وموضوعية للإنتاج الأدبي الذي يصدر بين الحين والآخر، ووضع دراسة في هذا الإطار حول كل من حيدر حيدر ومجموعتيه «هجرة السنونو» و»الفهد وشموس الغجر» وكتب دراسة حول أعمال غسان ونوس وأدونيس وأنيسة عبود، موضحاً أن لكل رواية إطارها الخاص، فثمة بعض الروايات لا تقترب البتة من الزمان أو المكان، أبدا وقد تدور الرواية حول شخصية متميزة. ولذا اعتمد على المنهج الأكاديمي في الدراسة بعيداً عن الأسلوب العشوائي متبعاً معياراً دقيقاً بالنقد الأدبي من خلال دراسته كتب النقد في مجال القصة والشعر والرواية، وغالباً ما يعتمد على الكتب النقدية ويتابعها على نحو كامل، وينجز راهناً دراسة حول رواية «المترجم الخائن» للكاتب فواز حداد.

يؤكد محرز أنه يفضل دراسة الروايات ذات الأفق المفتوح وغير المغلقة، فالتأطير يسيء إلى الفكر، وبعض الروايات قد لا نصل إلى نهاياتها، وثمة روايات تنتهي من الصحفة الأولى. وغالباً ما يترك الكتاب والروائيون المتميزون النهاية إلى آخر سطر، أو رهناً بالصفحة الأخيرة، وهذا الأسلوب التشويقي يجعل القارئ النهاية، فالكاتب الذي ينتهي منذ البداية يشتت ذهن القارئ، خاصة في الروايات المترجمة التي تعتمد على المترجم وكيفية قراءته الرواية.

يشارك محرز اليوم في ملتقى نقدي في المركز الثقافي في بانياس يُكتب فيه عن الإصدارات الحديثة من دون معرفة الكاتب، فهي دراسات جدية هدفها الارتقاء بالفعل الأدبي، وبعض الكتاب يقبلون النقد برحابة صدر، والبعض الآخر غير جدير بالكتابة ولا يتقبل النقد ويعتبره حالة شاذة ومرفوضة «رغم أننا نحاول التركيز على النقاط الإيجابية والسلبية موضوعية»، يقول محرز.

ضعف النقد في المشهد الراهن يعزوه محرز إلى ضعف النقاد وقلتهم وعدم اهتمامهم بما ينتج من كتب، فهذه المهمة تحتاج إلى كلفة وجهد وتعب ومعرفة ودراية بجوانب الحالة النقدية كافة، مؤكدا أنه لو أراد الكلام على الموسيقى في الشعر مثلاً فإنه يحتاج إلى دراية ومعرفة كاملتين بالموسيقى الشعرية.

في ما يتصل بتجربة النادي الثقافي في القطيلبية يوضح أنه يساعد الأعضاء الآخرين في تطويره وتحويله إلى جمعية القطيلبية الثقافية وهدفها الاهتمام بالمجال الثقافي والإبداع والمبدعين والتواصل الاجتماعي والاهتمام بالشباب والأقلام الشابة والواعدة والمهتمّ بالكتابات الأدبية المتنوعة، إذ تقام فيه محاضرات وندوات متنوعة في مختلف المجالات.

سليمان محرز خريج كلية الآداب في جامعة دمشق، يكتب في الصحف والمجلات والمواقع المحلية، وهو عضو فاعل في النادي الثقافي في القطيلبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى